القصيدة الدمشقية ....رائعة نزار قباني
هذي دمشقُ
رائعة : نزار قباني
*****
هذي دمشقُ.. وهذي الكأسُ والرّاحُ :: إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحـبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي :: لسـالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
و لو فتحـتُم شراييني بمديتكـم :: سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا :: وما لقلـبي – إذا أحببـتُ - جـرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكـي إذ تعانقـني :: و للمـآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمـينِ حقـوقٌ في منازلنـا :: وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتـاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنـا :: فكيفَ أنسى ؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ" منتظرٌ :: ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ و لمـاحُ
هنا جذوري.. هنا قلبي... هنا لغـتي :: فكيفَ أوضحُ ؟ هل في العشقِ إيضاحُ ؟
كم من دمشقيةٍ باعـت أسـاورَها :: حتّى أغازلها... والشعـرُ مفتـاحُ
أتيتُ يا شجرَ الصفصافِ معتذراً :: فهل تسامحُ هيفاءٌ ووضّـاحُ ؟
خمسونَ عاماً وأجزائي مبعثرةٌ :: فوقَ المحيطِ. وما في الأفقِ مصباحُ
تقاذفتني بحـارٌ لا ضفـافَ لها :: وطاردتني شيـاطينٌ وأشبـاحُ
أقاتلُ القبحَ في شعري وفي أدبي :: حتى يفتّـحَ نوّارٌ وقـدّاحُ
ما للعروبـةِ تبدو مثلَ أرملةٍ ؟ :: أليسَ في كتبِ التاريخِ أفراحُ ؟
والشعرُ.. ماذا سيبقى من أصالتهِ ؟ :: إذا تولاهُ نصَّـابٌ ومـدّاحُ ؟
وكيفَ نكتبُ والأقفالُ في فمنا ؟ :: وكلّ ثانيـةٍ يأتيـك سـفّاحُ ؟
حملت شعري على ظهري فأتعبني :: ماذا من الشعرِ يبقى حينَ يرتاحُ ؟!