أولاد الشوارع
أولاد الشوارع
بسطاوى ... ومغاوري وهنداوي ... ثلاث عيال صغيرين تجمعهم جيرة وقرابة في نجع من نجوع الصعيد الجواني .. أعمارهم ما تتعداش العشر سنين .. لابيقروا ولا بيكتبوا أصلهم ( ساقطين قيد ) يعني أهاليهم ما سجلوش ميلادهم .. ماتعرفش إيه غرضهم . عايشين ويادوب عايشين يعني عيشتهم طين .. لعبهم طين .. أحلامهم طين .. حتى ثيابهم مابقاش يوسخها الطين .. لأن لونها بقى طين .. مهما غسلها في الترعة أو عند الساقية هي خلاص خدت لونها الطبيعي .
كان كل واحد فيهم له حلم عايز يحققه .. بسطاوي كان بيحلم بالدندورمة ( أيس كريم يعني ) كان لاهط لهطة من خالته حميدة لما كانوا ف البندر عند الدكتور .. وكان الجو حار قوي مما اضطر خالته تاخد ( دندورماية ) بربع جنيه وعزمت عليه لهط لهطة شفط نصفها ... من يومها والواد بسطاوي نفسه ومنى عينه يعيش الحلم ده تاني .. ويغير طعم الطين وينظف بطنه شوية بدندورماية مقاس XL .
أما مغاوري وهنداوي ( أولاد العمومة ) كان حلمهم واسع شوية .. كان لهم جد عايش ف اسكندرية وف يوم جت إشارة لتلفونة العمدة إن جدهم مات وعايزين حد يستلم الجثة .. سافر أبو هنداوي وأبو مغاوري يستلموا الجثة .. ولما خلصوا الإجراءات ما كانش لهم نفس ياكلوا أي حاجة .. لولا إن بعض جيران الميت جابوا لهم علبة ( بيتزا ) من عند مطعم مشهور قوي ف اسكندرية .. لما قرصهم الجوع أكلوا منها في الطريق وفضلت كسرتين ف العلبة .. كان فتح كبير على النجع إن توصل له العلبة دي .. عمرها ما حصلت ولا ح تحصل ... فضل طعم البيتزا في حلق مغاوري وهنداوي .. وقرروا إنها ماتكونش آخر مرة وفضلوا يحلموا بالفطيرة دي سنين وسنين .
اجتمعوا ثلاثتهم كالعادة كل صباح على شط الترعة بيلعبوا في الطين وقرروا يغطسوا غطس .. وكلام جاب كلام .. جت سيرة الدندورمة والبيتزا .. وكمان جت سيرة سعداوي ابن حفيظة اللي ما كانش حيلته اللضا .. راجع من اسكندرية واشترى قيراطين على الطريق .. بسطاوي قال : أنا سمعت إن جدكم كان متجوز ف اسكندرية وعنده عيال من الست الجديدة ... يعني لكم أعمام هناك .. ياللا نروح على اسكندرية . رد مغاوري وقال : صحيح .. بس أنا مش عايز أبويا يشم خبر لبعدين يطخني عيارين يخلص علي . قام هنداوي قال : لما نوصل اسكندرية يحلها من لايغفل ولاينام .. المهم نحقق الحلم ونذوق البيتزا دي تاني أصلها واحشاني موووووت . وأنا محتفظ بالعلبة دي وعليها العلوان .
اتفقوا الثلاثة إنهم يغيروا حياتهم .. ويخرجوا من الوحل اللي هم عايشين فيه . رسموا الخطة وركبوا الصبح بدري مع عربية جمع اللبن من الفلاحين عشان توديه البندر .
وصلوا لمحطة القطار وسألوا عن قطر اسكندرية فدلوهم أنهم لازم يروحوا مصر الأول ومن هناك ياخدوا قطر اسكندرية . أخد كل واحد في جيبه لقمتين عيش ناشف وحتتين مخلل يكفيهم لآخر النهار . وطبعا مافيش معاهم أي فلوس .. ركبوا القطار ومرة يختفوا من المحصل في دورة المياه ومرة ينزلوا ويسطحوا على القطار لغاية ما وصلوا اسكندرية ..
الأولاد نازلين اسكندرية يسألوا عن أعمامهم ( أولاد الجد اللي مات ) كانوا مفكرين اسكندرية دي قد النجع مرتين .. تعاطف معهم بعض الناس وأعطوهم أكل ومصروف علشان يكملوا البحث عن أعمامهم ..
عجبهم واحد واقف ف محطة مصر يمسح زجاج السيارات ويلم فلوس قعدوا يحسبوا له ويعدوا عليه وجدوا إنها فكرة هايلة ... بسرعة وبدون مقدمات جمعوا ثلاثة جنيهات وراحوا اشتروا ( فوطة صفراء ) علشان يبدأوا مشروعهم الاستثماري ووقفوا بجوار الرجل يقطعوا عليه فشعر الرجل بأن رزقه مهدد فطردهم من محطة مصر نهائيا .
مر يوم والتاني وكل مايروحوا مكان يلاقوا نفس المصير .. وف يوم دلهم واحد صعيدي بلدياتهم إن جدهم كان ف العجمي بواب على أكبر عمارة هناك .. راحوا وسألوا وجدوا إن زوجة جدهم خدت عيالها ونزلت الفلاحين عند أهلها وقد باعت كل شيئ .. تبددت أحلامهم .. أخذوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء واختلفوا في الرأي .. بسطاوي شايف إنه واد كسيب و ح يستمر في عمله ولهط العسكريم ليل ونهار .. أما مغاوري وهنداوي بيفكروا يرجعوا النجع تاني بس المشكلة إنهم نسوا الطين والوحل والترعة والظلمة و إنهم ما يستغنوش عن البيتزا اللي عودهم عليها بسطاوي من شغلة مسح السيارات .
بسطاوي عمل له كيس كبير بين جلده ولحمه وبقى يجمع كل يوم من 70 إلى 80 جنيه واتحققت أحلامه وقرب يشتري القيراطين بتوع سعداوي ابن حفيظة .. أما مغاوري وهنداوي بقت حياتهم حرام ( أكل ومرعة وقلة صنعة ) فلوس بسطاوي كترت وبقوا يسرقوا منه وعرفوا طريق السجاير وما فلحوش في أي شغلانة.. بل زاد الطين بلة أن انحدروا إلى طريق ( الكلة ) وبدأوا يشفطوا كلة ... وادفع يابسطاوي .
فكر وحبر / ياسر سنجر
بسطاوى ... ومغاوري وهنداوي ... ثلاث عيال صغيرين تجمعهم جيرة وقرابة في نجع من نجوع الصعيد الجواني .. أعمارهم ما تتعداش العشر سنين .. لابيقروا ولا بيكتبوا أصلهم ( ساقطين قيد ) يعني أهاليهم ما سجلوش ميلادهم .. ماتعرفش إيه غرضهم . عايشين ويادوب عايشين يعني عيشتهم طين .. لعبهم طين .. أحلامهم طين .. حتى ثيابهم مابقاش يوسخها الطين .. لأن لونها بقى طين .. مهما غسلها في الترعة أو عند الساقية هي خلاص خدت لونها الطبيعي .
كان كل واحد فيهم له حلم عايز يحققه .. بسطاوي كان بيحلم بالدندورمة ( أيس كريم يعني ) كان لاهط لهطة من خالته حميدة لما كانوا ف البندر عند الدكتور .. وكان الجو حار قوي مما اضطر خالته تاخد ( دندورماية ) بربع جنيه وعزمت عليه لهط لهطة شفط نصفها ... من يومها والواد بسطاوي نفسه ومنى عينه يعيش الحلم ده تاني .. ويغير طعم الطين وينظف بطنه شوية بدندورماية مقاس XL .
أما مغاوري وهنداوي ( أولاد العمومة ) كان حلمهم واسع شوية .. كان لهم جد عايش ف اسكندرية وف يوم جت إشارة لتلفونة العمدة إن جدهم مات وعايزين حد يستلم الجثة .. سافر أبو هنداوي وأبو مغاوري يستلموا الجثة .. ولما خلصوا الإجراءات ما كانش لهم نفس ياكلوا أي حاجة .. لولا إن بعض جيران الميت جابوا لهم علبة ( بيتزا ) من عند مطعم مشهور قوي ف اسكندرية .. لما قرصهم الجوع أكلوا منها في الطريق وفضلت كسرتين ف العلبة .. كان فتح كبير على النجع إن توصل له العلبة دي .. عمرها ما حصلت ولا ح تحصل ... فضل طعم البيتزا في حلق مغاوري وهنداوي .. وقرروا إنها ماتكونش آخر مرة وفضلوا يحلموا بالفطيرة دي سنين وسنين .
اجتمعوا ثلاثتهم كالعادة كل صباح على شط الترعة بيلعبوا في الطين وقرروا يغطسوا غطس .. وكلام جاب كلام .. جت سيرة الدندورمة والبيتزا .. وكمان جت سيرة سعداوي ابن حفيظة اللي ما كانش حيلته اللضا .. راجع من اسكندرية واشترى قيراطين على الطريق .. بسطاوي قال : أنا سمعت إن جدكم كان متجوز ف اسكندرية وعنده عيال من الست الجديدة ... يعني لكم أعمام هناك .. ياللا نروح على اسكندرية . رد مغاوري وقال : صحيح .. بس أنا مش عايز أبويا يشم خبر لبعدين يطخني عيارين يخلص علي . قام هنداوي قال : لما نوصل اسكندرية يحلها من لايغفل ولاينام .. المهم نحقق الحلم ونذوق البيتزا دي تاني أصلها واحشاني موووووت . وأنا محتفظ بالعلبة دي وعليها العلوان .
اتفقوا الثلاثة إنهم يغيروا حياتهم .. ويخرجوا من الوحل اللي هم عايشين فيه . رسموا الخطة وركبوا الصبح بدري مع عربية جمع اللبن من الفلاحين عشان توديه البندر .
وصلوا لمحطة القطار وسألوا عن قطر اسكندرية فدلوهم أنهم لازم يروحوا مصر الأول ومن هناك ياخدوا قطر اسكندرية . أخد كل واحد في جيبه لقمتين عيش ناشف وحتتين مخلل يكفيهم لآخر النهار . وطبعا مافيش معاهم أي فلوس .. ركبوا القطار ومرة يختفوا من المحصل في دورة المياه ومرة ينزلوا ويسطحوا على القطار لغاية ما وصلوا اسكندرية ..
الأولاد نازلين اسكندرية يسألوا عن أعمامهم ( أولاد الجد اللي مات ) كانوا مفكرين اسكندرية دي قد النجع مرتين .. تعاطف معهم بعض الناس وأعطوهم أكل ومصروف علشان يكملوا البحث عن أعمامهم ..
عجبهم واحد واقف ف محطة مصر يمسح زجاج السيارات ويلم فلوس قعدوا يحسبوا له ويعدوا عليه وجدوا إنها فكرة هايلة ... بسرعة وبدون مقدمات جمعوا ثلاثة جنيهات وراحوا اشتروا ( فوطة صفراء ) علشان يبدأوا مشروعهم الاستثماري ووقفوا بجوار الرجل يقطعوا عليه فشعر الرجل بأن رزقه مهدد فطردهم من محطة مصر نهائيا .
مر يوم والتاني وكل مايروحوا مكان يلاقوا نفس المصير .. وف يوم دلهم واحد صعيدي بلدياتهم إن جدهم كان ف العجمي بواب على أكبر عمارة هناك .. راحوا وسألوا وجدوا إن زوجة جدهم خدت عيالها ونزلت الفلاحين عند أهلها وقد باعت كل شيئ .. تبددت أحلامهم .. أخذوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء واختلفوا في الرأي .. بسطاوي شايف إنه واد كسيب و ح يستمر في عمله ولهط العسكريم ليل ونهار .. أما مغاوري وهنداوي بيفكروا يرجعوا النجع تاني بس المشكلة إنهم نسوا الطين والوحل والترعة والظلمة و إنهم ما يستغنوش عن البيتزا اللي عودهم عليها بسطاوي من شغلة مسح السيارات .
بسطاوي عمل له كيس كبير بين جلده ولحمه وبقى يجمع كل يوم من 70 إلى 80 جنيه واتحققت أحلامه وقرب يشتري القيراطين بتوع سعداوي ابن حفيظة .. أما مغاوري وهنداوي بقت حياتهم حرام ( أكل ومرعة وقلة صنعة ) فلوس بسطاوي كترت وبقوا يسرقوا منه وعرفوا طريق السجاير وما فلحوش في أي شغلانة.. بل زاد الطين بلة أن انحدروا إلى طريق ( الكلة ) وبدأوا يشفطوا كلة ... وادفع يابسطاوي .
فكر وحبر / ياسر سنجر