ومضة حول القلم
ومضة حول القلم
محمد بن مشعل العتيبي
تعجبني كثيراً مقولة أديب الفقهاء وفقيه الأدباء الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله-: "إن عمادي هذا القلم، وإنّه لغصن من أغصان الجنّة لمن كان يستحقها، وإنّه لحطبة مُشتعلة من حطب جهنّم لمن كان من أهل جهنّم".
كثيراً ما أتأمل في هذا المعنى الجميل الذي يخفي وراء جمالة رسالة مهمة لكل من يمسك القلم وينبري للكتابة.
إنها الرسالية، تلك التي تدفع قلمك إلى أن يكون سيفاً مصلتاً من أجل رسالتك، وهي أيضاً التبعة الثقيلة عليك جراء ما يخطه قلمك.
فقلمك هو جنتك أو نارك، هو جنتك إن كان دليلاً على الخير، فأنعم والله- بقلم سطر كلمات النور، ووصايا الهدى، وكان كالقمر المنير الذي يهدي التائهين في الظلمات.
وهو نارك إن كان دليلاً على الضلال، فاتحاً لأبواب الشرور والشبهات، ساخراً من أئمة الهدى وبدور الدجى.
للقلم تاريخ حافل.
فبالقلم كتب هارون الرشيد رسالته الشهيرة إلى نقفور: "من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم".
وبه أيضاً وقع على اتفاقية سايس بيكو، تلك الاتفاقية التي رسمت الذل على محيا كل مسلم موحد.
بالقلم كتب شيخ الإسلام -رحمه الله- رسائل النور التي تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، وكانت شجى في حلوق أهل الضلال.
وبه أيضاً كتب أئمة الضلال كتب الضلالة فماتت ومات ذكرهم، وغاب أثرهم.
بالقلم دون لنا التاريخ، فكان الكامل وابن الأثير، وكانت البداية والنهاية، وكانت السير والتراجم وتواريخ البلدان.
ودون لنا الحضارات والعلوم فكانت، وبه حفظت الحقوق، وبه دون الوحي، وسطرت الأحاديث.
للقلم إذاً رسالة، وإلا (فماذا يغني الضبط بالقلم إذا لم يشفِ من ألم).
إن رسالية القلم وقيمته تنبع من مبدأ صاحبه، وقد قيل: عقول الرجال تحت أقلامها، فمنهم من همه نصرة التوحيد والملة، ومحاربة المنكرات، ونشر العلم النافع، والحكمة البليغة، والأدب البارع، وكل ثمر طيب يلتقطه للناس بقلمه، مقالة أو كتاباً أو خاطرة أو قصيدة.
ومنهم من سخر قلمه لرسالة بالية، أو شهوة فانية، أو لذة زائلة، أو أجر عقله وقلمه لتوجه خبيث، ومخططات مشبوهة، فما لبث ينشر سموم قلمه، برواية أو مقال في صفراء بالية أو منتدى مشبوه أو غير ذلك.
والتاريخ أيضاً له قلم يكتب كل ما مضى، وسيجزي كلا بسعيه.
حاصل القول: أن القلم أشبه بسلة جميلة، فإن شئت فانزل بها إلى تلك الحديقة الغناء، واجمع فيها من أطايب الثمر، ورائع الورد الزهر، ما لذ وطاب، وانثر عبيره، وطيب ريحه في مجتمعك.
وإن شئت فانزل إلى ذلك المستنقع الآسن، واجمع في سلتك من الأقذار والأوساخ، و يا لصفاقة وجهك حينها إن رضيت أن تنشر قذارتها في مجتمعك، وحتماً سينظر لك المجتمع بقذارة، أنت من جلبها لنفسك.
رحم الله الطنطاوي.. فإني أحسب أن قلمه غصن من أغصان الجنة
محمد بن مشعل العتيبي
تعجبني كثيراً مقولة أديب الفقهاء وفقيه الأدباء الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله-: "إن عمادي هذا القلم، وإنّه لغصن من أغصان الجنّة لمن كان يستحقها، وإنّه لحطبة مُشتعلة من حطب جهنّم لمن كان من أهل جهنّم".
كثيراً ما أتأمل في هذا المعنى الجميل الذي يخفي وراء جمالة رسالة مهمة لكل من يمسك القلم وينبري للكتابة.
إنها الرسالية، تلك التي تدفع قلمك إلى أن يكون سيفاً مصلتاً من أجل رسالتك، وهي أيضاً التبعة الثقيلة عليك جراء ما يخطه قلمك.
فقلمك هو جنتك أو نارك، هو جنتك إن كان دليلاً على الخير، فأنعم والله- بقلم سطر كلمات النور، ووصايا الهدى، وكان كالقمر المنير الذي يهدي التائهين في الظلمات.
وهو نارك إن كان دليلاً على الضلال، فاتحاً لأبواب الشرور والشبهات، ساخراً من أئمة الهدى وبدور الدجى.
للقلم تاريخ حافل.
فبالقلم كتب هارون الرشيد رسالته الشهيرة إلى نقفور: "من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم".
وبه أيضاً وقع على اتفاقية سايس بيكو، تلك الاتفاقية التي رسمت الذل على محيا كل مسلم موحد.
بالقلم كتب شيخ الإسلام -رحمه الله- رسائل النور التي تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، وكانت شجى في حلوق أهل الضلال.
وبه أيضاً كتب أئمة الضلال كتب الضلالة فماتت ومات ذكرهم، وغاب أثرهم.
بالقلم دون لنا التاريخ، فكان الكامل وابن الأثير، وكانت البداية والنهاية، وكانت السير والتراجم وتواريخ البلدان.
ودون لنا الحضارات والعلوم فكانت، وبه حفظت الحقوق، وبه دون الوحي، وسطرت الأحاديث.
للقلم إذاً رسالة، وإلا (فماذا يغني الضبط بالقلم إذا لم يشفِ من ألم).
إن رسالية القلم وقيمته تنبع من مبدأ صاحبه، وقد قيل: عقول الرجال تحت أقلامها، فمنهم من همه نصرة التوحيد والملة، ومحاربة المنكرات، ونشر العلم النافع، والحكمة البليغة، والأدب البارع، وكل ثمر طيب يلتقطه للناس بقلمه، مقالة أو كتاباً أو خاطرة أو قصيدة.
ومنهم من سخر قلمه لرسالة بالية، أو شهوة فانية، أو لذة زائلة، أو أجر عقله وقلمه لتوجه خبيث، ومخططات مشبوهة، فما لبث ينشر سموم قلمه، برواية أو مقال في صفراء بالية أو منتدى مشبوه أو غير ذلك.
والتاريخ أيضاً له قلم يكتب كل ما مضى، وسيجزي كلا بسعيه.
حاصل القول: أن القلم أشبه بسلة جميلة، فإن شئت فانزل بها إلى تلك الحديقة الغناء، واجمع فيها من أطايب الثمر، ورائع الورد الزهر، ما لذ وطاب، وانثر عبيره، وطيب ريحه في مجتمعك.
وإن شئت فانزل إلى ذلك المستنقع الآسن، واجمع في سلتك من الأقذار والأوساخ، و يا لصفاقة وجهك حينها إن رضيت أن تنشر قذارتها في مجتمعك، وحتماً سينظر لك المجتمع بقذارة، أنت من جلبها لنفسك.
رحم الله الطنطاوي.. فإني أحسب أن قلمه غصن من أغصان الجنة