التونسيون متشائمون: 'ربي يستر' من الانتخابات!
التونسيون متشائمون: 'ربي يستر' من الانتخابات!
"ربي يستر" ليست هذه الكلمة بشعار ولا هي بدعاء، إنها إجابة كل تونسي إذا ما سألته عن انتخابات المجلس التأسيسي المقررة ليوم 24 أكتوبر/ تشرين الاول القادم.
على امتداد شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس تضج المقاهي بمختلف شرائح المجتمع التونسي يناقشون قضايا الشأن الوطني ومشاغل الحياة اليومية، يختلفون في كثير من الأشياء ولكنهم يجمعون على نفس الإجابة إذا ما سئلوا عن الانتخابات ليجيبون "ربي يستر" ويضيفون "ربي يقدر الخير".
هكذا يبدو رأي المواطن التونسي من الاستحقاق الانتخابي متشائلا على حد تعبير الروائي الفلسطيني إيميل حبيبي، رأي يحمل قليلا من التفاؤل بما حققته الثورة التي فتحت ربيعا عربيا يعتز به التونسيون ولكنه رأي يحمل تشاؤماً تجاه المسار السياسي وما تشهده البلاد من احتقان اجتماعي وانفلات أمني.
لقد أدت هشاشة الوضع السياسي والاجتماعي إلى حالة من الترقب والتردد تؤكدها آخر عمليات سبر الآراء التي أكدت أن ثلث التونسيين أكدوا عدم معرفتهم بالأحزاب السياسية وبالتالي بطبيعة سير العملية السياسية برمتها.
هكذا تحولت الانتخابات من موعد تاريخي يفترض ان يضع البلاد على طريق الديمقراطية والحرية إلى هاجس ممزوج بالشكوك والريبة بل الخوف من مستقبل مجهول.
تنقسم تونس إلى ضفتين إن جاز التعبير، ضفة تجمع شرائح المواطنين العاديين الذين يبدون لا مبالين بالعملية السياسية نتيجة تردي الأوضاع الاجتماعية وما يرافقها من من إحباط، وضفة الفاعلين السياسيين الذين فشلوا إلى حد الآن في إقناع التونسيين ببرامج اقتصادية واجتماعية واضحة تستجيب لتطلعاتهم.
يبدو المواطن التونسي مرهقا بمشاغل الحياة اليومية وفي مقدمتها ارتفاع الأسعار وانتشار ظاهرة الاحتكار إضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر التي تصل إلى 25 بالمائة تضج بهم المقاهي حتى أن التونسيين يتندرون بالقول "إن بين المقهى والمقهى، يوجد مقهى" في إشارة إلى كثرة المقاهي التي تستقطب العاطلين عن العمل.
ومن أبرز مؤشرات لامبالاة التونسيين بالانتخابات هو ضعف المسجلين في لوائح الانتخابات مما دفع بالهيئة العليا للانتخابات بالتأكيد على أنه يكفي بالنسبة للناخبين أن يستظهروا ببطاقة الهوية.
ومقابل هذه الضفة يوجد الفاعلون السياسيون الذين فاق عددهم 105 أحزاب يحاولون جاهدون في التعريف بأنفسهم وكسب أصوات الناخبين.
لكن المشهد السياسي والحزبي ازداد غموضا وضبابية منذ الثورة خاصة بعد أن احتد جدل كبير حول مسالة استفتاء الشعب حول طبيعة النظام السياسي وصلاحيات المجلس التأسيسي.
تقول الأطراف الداعية لإجراء استفتاء إن صلاحيات المجلس التأسيسي غير واضحة وتخشى من تغيير النظام الجمهوري في حال فوز الإسلاميين، ومقابل هذا يؤكد الرافضون للاستفتاء أن المجلس التأسيسي يتمتع بالشرعية وهو مكلف بصياغة دستور جديد للبلاد يكون أرضية لنظام ديمقراطي يضمن الحريات الفردية والعامة لجميع التونسيين.
أما المحللون السياسيون فإن مواقفهم أقرب للمواطن العادي منها إلى مواقف الفاعلين السياسيين حيث يلاحظون أن تواصل حالات الانفلات الأمني وتواصل الاحتجاجات وعدم معالجة معضلة البطالة والفقر من جهة وضعف أداء الأحزاب السياسية وقدرتها على تأطيرالمواطنين، كلها عوامل تدفع بالرأي العام إلى التوجس خيفة منالانتخابات وإلى التردد.
مصدر الخبر : ميدل اي