تاريخ طمزين
الإهـــــــــــــــــــــــداء
إلى كـل طـالب وطـالبة
إلى كـل شـاب وكـهل وشيـخ
إلى كـل محـب لـوطنه
أهـدي هـذه المـذكرة التـاريخيـة
والســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
مقــــــــدمة
هذه مذكرة تاريخية مختصرة موضوعها ، الحديث عن محلة طمزين
: موضعها ، مساجدها ، قصورها الأثرية ، معاهدها الدينية ، علمائها ، أوليائها وكرماتهم ، سبب تسميتها بطمزين ، انتقالها من مكان لآخر .
الكثير من مصادر هذه المذكرة أخذ مما رواه الأبناء عن الأباء ، والآباء عن الأجداد متوارثا
.
والقليل من مصادرها مأخوذ من كتب التاريخ التي لم تتحدث إلا عن علماء المنطقة ، والمساجد المستعملة للعبادة بالطبع وفي نفس الوقت تقوم بمهمة التعليم كمعاهد دينية
.
وفي الختام اقدم هذا المجهود المتواضع إلي كل طالب وطالبة من طلاب العلم والمعرفة بهذه المنطقة حيث كثيرا ما وردت منهم الأسئلة عن تاريخ هذا البلد
.
وفي الختام أرفع أكف الضراعة إلي الله العلي الكبير راجيا منه التوفيق والسداد
.
والحمد لله أولا وأخيرا
الشيخ / صالح سعيد الجالي
30 .4 . 1998
قرية تمصمص
هذه القرية وهي خراب الآن تقع جنوب شرقي بلدة طمزين
, تبعد عن طمزين الآن بما لا يزيد عن كيلو متر , المساكن القديمة بهذه القرية يظهر أن أغلبها غيران تحت الأرض , أما البناء منها فقد ذهبت به عوامل الطبيعة , ولم يبق منها إلا أكوام من الحجارة هنا وهناك .
المسجد
, سقط القسم الشمالي منه مما يدل أنه كان أكبر مما هو عليه الآن والمسجد قائم إلي الآن لم يتطرق إليه الخراب ككل المنازل حوله لقيام أهالي طمزين بترميمه وصيانته قربة إلي الله تعالي " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " .
وهو في نفس الوقت معهد علمي للعالم الكبير والولي الصالح الشيخ محمد خصيب بن إبراهيم التمصمصي رحمه الله والمسجد يعرف باسمه إلي الآن
. وجاء في التاريخ أن الشيخ من علماء الخمسين الأولي من القرن الرابع الهجري .
يؤخذ من هذا أن عمران القرية كان في ذلك التاريخ ولم يعرف تاريخ تأسيسها
, ولا ندري أيضا كم استمر عمرانها بعد ذلك ولا تاريخ هجرة السكان منها ولا أسباب هجرتهم وخرابها .
وفي المدة الأخيرة قام أهالي طمزين ببناء حجرتين خلف المسجد من الجهة الشمالية خاصة بالبيت وإقامة الزوار من النساء و الأطفال
, حفاظا علي المسجد من أن تصل إليه النجاسة وذلك بتاريخ 1997م . تقبل الله من الجميع .
قصر تمصمص
يوجد بهذه القرية قصر أثرى كبير معد لتخزين الحبوب والمحصول الزراعي
, كعادة سكان هذه المناطق قديما , وهو الآن خراب لم يبق إلا أثره ليشهد بضخامته وتلك عادة ذلك التاريخ فإذا أرادوا أن يتخذوا مكانا ما لسكناهم أول ما يبدؤون ببناء مسجد للعبادة والتعليم ثم القصر للتخزين وأيضا للدفاع عن القرية عندما يقع عليها الاعتداء الخارجي .هذه أعمال يقومون بها جماعيا , ثم يأخذ كل رب أسرة في بناء مسكن له ولأسرته بمجهوده الخاص, وكثيرا ما يستعين بأقاربه وجيرانه , كما يعينهم هو إن احتاجوا له , فعملية التعاون كانت موجودة وشائعة إلي عهد قريب . والآن بدأت عملية التعاون تضعف لتغلب المادة .
قرية طمزين
اختار سكان هذه المنطقة قديما شعبة فسيحة قريبة جدا من الجبل
, و أسسوا فيها مساكنهم وأغلبها حفريات تحت الأرض شبيهة بقرية تمصمص سابقة الذكر وهذه القرية الآن خراب وإلي يوم الناس هذا تدعي بشعبية بوخروبة .
مساجدها
:
بهذه القرية ثلاث مساجد أحدهما يدعي مسجد الحاجة مسعودة والثاني مسجد الشيخ سعد بن يونس والثالث مسجد صغير في مقدمة القصر
:
مسجد الحاجة مسعودة
هذا المسجد معروف عند الكبير والصغير بهذا الاسم ولا ندري من هي المرأة الصالحة التي نسب إليها المسجد وبقي يحمل اسمها أجيال وأجيال ولعلها هي التي قامت ببناءه
, ولا نعرف علي هذا الجديدة الزاحفة علي المسجد شيئا وهو قائم إلي الآن , يتوسط المنازل المنطقة ويظهر أنه كان أكبر مما هو عليه الآن .
مسجد سعد بن يونس
وهو مدرسة أبي عثمان أبي يونس الطمزيني وقد درس هذا العلامة الكبير علي الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم
"بتهرت" وقد وقع عليه اختيار الإمام فأسند إليه ولاية قنطراره وما إليها "تيجي" فكان فيها مثل ما كان أولئك الولاة الذين سبقوه و لحقوه من استقامة ودين .
والمسجد أثري قديم يقع فوق ربوة عالية ويشرف علي القرية القديمة كأنه حارس أمين
. وعندما انتقل سكان هذه القرية و التجئوا إلي الجبل كما يأتي قريبا بقي المسجد مزارا. والآن رجع العمران من جديد إلي المنطقة و أصبح المسجد تحيط به المنازل من كل الجهات , فعمد السكان إلي بناء مسجد آخر جديد في جنب المسجد الأثري القديم كما بنوا به دورة مياه جديدة وفسقية لحفظ مياه المطر . كما بنوا فيه منارة يشع منها النور , وتقام فيه الآن الصلوات الخمسة جماعة ككل المساجد .
مسجد تاحارْت
وهو مسجد صغير في مدخل القصر محفور تحت الأرض يوجد إلي الآن
, واسم المسجد معروف إلي الآن عند الجميع " تين تاحارت " هكذا بالبربرية ولعل تعريفها "مسجد الحارة " .
قصر تاحارت
" تاحارت " ، في وسط القصر ساحة بها ماجن يوجد إلي الآن غير صالح لحفظ الماء , ويوجد حول القصر مدور لعله كان خندق محفور لحفظ القصر بدلا من الصور. ومدخل القصر من الجهة الجنوبية , كعادة البدو في نصب خيامهم في الصحراء . " واجعلوا بيوتكم قبلة " .
تري من هم بناة القصر وأصحابه
قطع الأرض الموجودة حول القصر أو الربوة التي بني عليها القصر والخرائب المحيطة به من كل جهة هي الآن ملك لقبيلة العومريين
" أكبر قبائل طمزين الآن " .هذا مما يدل دلالة واضحة أن بُناة القصر وأصحابه هم قبيلة العومريين , ولا يعقل أبدا أن يبنيه غيرهم في أرضهم ويسكن حوله العومريون .
لم توجد أكوام الحجارة علي الربوة العالية التي شيد عليها القصر لماذا ؟ وأين ذهبت هذه الحجارة؟ المظنون أن أحجار هذا القصر والمنازل حوله بعد خرابها نقلت إلي القصر الثاني قصر طمزين حيث كانت المسافة بينهما لا تزيد عن نصف كيلومتر علي أكبر تقدير
.
لم نقف علي تاريخ بناء قصر تاحارت
, ولعله كان عامرا في عهد الشيخ سعد بن يونس ووالده يونس ، وكانت حياتهما في القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الهجري .
نقلة من شعبة أبو خروبه والالتجاء إلي الجبل
.
تحصنوا بالجبل وبنوا قصرهم و مساكنهم علي حافة الجبل
, كما بنوا مسجدهم في مدخل القرية ، وأطلقوا عليه اسم "مسجد غالد" وغالد كلمة بربرية معناها الشارع , والمسجد قائم إلي الآن في منطقة طمزين القديمة تصلي فيه الصلوات الخمسة .
وفي السنوات الماضية بني في جانبه مسجد جديد حديث
, وترك المسجد القديم علي ما هو عليه للعبرة والتاريخ .
مسجد طمزين الجديد
1392 هجري بعد أن صلينا صلاة العيد في ساحة قرب المقبرة توجهت بالحديث إلي الجماعة رغَّبتهم في بناء مسجد جديد , العصر ومما قلته في آخر حديثي " اليوم إن شاء الله بعد صلاة سنعقد اجتماعا عاما ونعمل الخطة اللازمة لبناء المسجد ولو يتم علي مراحل أو في سنوات المهم الشروع في العمل ، وأصعب الأمور مبدؤها والتوكل علي الله " ، هذا وما كاد يصل وقت صلات العصر من ذلك اليوم حتى اكتظ مكان الاجتماع بالمواطنين علي اختلاف أعمارهم ، شيوخا وكهولا وشبابا ، وكلهم في حماس شديد وغيرة دينية منقطعة النظير، ولا ننسي مواطنينا من سكان طرابلس حيث كانوا أشد حماسة وأعظم غيرة بارك الله فيهم .
جدول أعمال الاجتماع
: وكان جدول الاجتماع كالآتي :
تكليف من يقوم باستخراج خريطة للمسجد علي الصورة التي تم الاتفاق عليها بالإجماع
طلب لهيئة الأوقاف وشئون المساجد في بناء مسجد
.
تحرير طلب للبلدية لاستخراج رخصة للبناء
.
طلب مساعدة من هيئة الأوقاف وشئون المساجد مبلغا يتناسب مع ضخامة المشروع
.
طلب مساعدة من جمعية الدعوة الإسلامية
.
طلب إلي جهات الاختصاص بطبع إيصالات لجمع التبرع من أهل الخير
.
تشكيل لجنة من رئيس وأمين الصندوق وعدة أعضاء للإشراف علي تنفيذ المشروع
.
وختم الاجتماع برفع أكف الضراعة إلي الله أن يكلل هذا المشروع بالنجاح وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم
.
الشروع في العمل
:
ومن هذا المنطلق بدأ العمل الجاد للبناء
, ففريق يجمعون التبرعات من هنا وهناك , وفريق يقوم بمراجعة جهات الاختصاص ويطالبونها بيد المساعدة . وجماعة تجاهد بالكلمة الطيبة , فكان الخير وكانت البداية تبشر بالخير , ثم أنتكس المشروع وبدأ الخلاف يذب بين الصفوف , وكثر القليل والقال من بعض الشخصيات المعترضة سامحها الله , وهذا ليس بغريب تلك عادة الناس في كل زمان ومكان , وما هي إلا سحابة صيف ثم تنقشع . أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فمكث في الأرض , ولم تمضي إلا أشهر قلائل حتى حصلنا علي مبلغ نستطيع أن نبدأ به .
الشروع في البناء
في يوم خمي المسجد
: س من أوائل شهر مارس من سنة 1394 هجري كانت آلات العمل كلها في المكان المعد لبناء, وحضر المواطنون علي اختلاف أعمارهم ، وتلوا في المكان سورة يس وقصار السور، ثم توجهوا إلي الله رافعين أكف الضراعة راجين منه التوفيق والعون , وفي هذا الحشد الكبير والجم الغفير أرادوا تكريمي فأعطوني معولا "فأس" وطلبوا مني أن أبدأ باسم الله , أخذت المعول وقلت بصوت مرتفع : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إننا عبيدك وهذا بيتك , اللهم وفقنا وأعنا علي تمامه يا الله يا الله، فارتفعت الأصوات مدوية يا الله يا الله , ثم ضربت بالمعول علي الأرض ثلاث مرات وعلي إثر ذلك أخذ كل واحد معوله وبدأ العمل في حفر الأساس , هذا ولم تمضي إلا أيام معدودة حتى ارتفع: الله أكبر قد …….. البناء وارتفعت معه الأصوات بهذا النشيد المسجد كما يؤم رحابه المتعبد
فتتجاوب الأصداء بهذا النشيد
هذا وما كاد يتم الفلك دورته السنوية حتى كان المسجد قد انتهي بجميع مرافقه الصحية
قامت علي أيدينا صروحـه أنعم بطمزين القِرى والسؤدد. فيجيب الفريق الثاني :للباقيات الصالحات فعالنا في كل عصر لاح منا فرقد , وصهريج لحفظ ماء المطر ومفروش ومهيأ لأداء شعائر الإسلام ، وارتفع النشيد الإلهي من منارته خمس مرات في اليوم : الله أكبر الله أكبر ….حي علي الصلاة ….حي علي الفلاح .
افتتاح المسجد
وفي يوم الجمعة بتاريخ
: ربيع الأول28 من سنة 1395 للهجرة الموافق 15 مارس من سنة 1975 من ميلاد المسيح عليه السلام افتتح المسجد في حفل كبير حضره المواطنون من طمزين وطرابلس , وضيوف مدعوون للحضور والمسؤولون عن الأوقاف وشئون المساجد لمنطقة غريان , والوعاظ والمرشدون بالمنطقة من ليبيين ومصريين وألقيت عدة كلمات بالمناسبة . اللهم اجعل هذا العمل المتواضع خالصا لوجهك الكريم , آمين آمين يا رب العالمين .
إضافة جديدة للمسجد
:
ولما مضي علي المسجد حوالي عشر سنوات ضاق بالمصلين فزيد فيه من الناحية الشرقية وكانت به حجرة أضيفت إلي المسجد ومن الناحية الغربية كان به مطلع
"درج" أضيف إلي المسجد أيضا .وما هي إلا ست سنوات أخري حتى ضاقت دورة المياه الأولي بالمتطهرين فألغيت دورة المياه الأولي وأنشئت دورة مياه جديدة , هذا كما أحيط الجانب الشرقي بصور وحفر بداخله صهريج " فسقية " لحفظ مياه الأمطار .
إضافة بعد إضافة
:
وفي سنة
1993 وفق الله أصحاب الخير فتبرعوا بمبلغ من المال , فأضيف الجنان ورفع فوق الحجرات دور ثاني لصلاة النساء في الجمعة والأعياد . وفُرش المسجد بفراش جديد , وغُيِّر المنبر بعد ما كان بناء صار منبر من الخشب الجيد . أثاب الله كل من سعي ودعي وشيد وبني ومن تصدق وأعطي وكل من إلي هذا البيت سعي صباحا ومساء وصدق الله العظيم حث يقول : " إنما يَعمُر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " .
قصة التسمية
, كما كان هذا الرجل ممن يستشار ويؤخذ برأيه غالبا لرجاحة عقله لمدة طويلة ، ثم تدهورت حالته الاقتصادية وأصبح من الطبقة الفقيرة , إذا حضر لا يُستشار وإذا غاب لا يُنتظر , وبعد سنوات انقلب عسره إلي يسر , وضيقه إلي سعة وفرج " إن مع العسر يسرا " وتحصل في سنة زراعية خصبة ، تحصل فيها علي كمية هائلة من الشعير , ومرت بالقرية ظروف استدعت أهل القرية إلي الاجتماع , ولما اجتمعوا افتقدوه , وقال بعضهم أين فلان ؟ وقال الثاني ادعوه , وقال الثالث لابد من حضوره ، فاستدعوه إلي الاجتماع وقبل أن يتجه إلي الاجتماع عمد إلي منديل صغير " محرمة " وجعل فيه حفنة من الشعير أخفاها تحت ثيابه وعند حضوره جلس في مؤخرة المجلس , وفي أثناء النقاش قال له المجتمعون ما رأيك يا عم , وقال الثاني نحن في حاجة إلي رأيك السديد , وقال الثالث : تكلم , عندها أخرج المنديل الذي به الشعير وطرحه أمامه علي الأرض وقال : " اتْلَيُومَت يا طمزين " . ومعني الجملة بالعربة تكلم يا شعير .
هذه قصة التسمية كما ينقلها الأبناء عن الآباء والآباء عن الأجداد و هلم جر
.
ولعل القصة لا تبعد عن الحقيقة لأن الناس في كل عصر وفي كل مكان وخاصة في عصرنا هذا لا قيمة للرجل عندهم إلا بقدر ما يملكه من الدراهم والدنانير لا ما عنده من العلم والحكمة
:رأيت الناس قد ذهبوا لمن له ذهب ** ومن لم يكن له ذهب فالناس عنه قد ذهبوا .
قصر طمزين
" واجعلوا بيوتكم قبلة " بني هذا القصر بتاريخ 777 للهجرة النبوية علي صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام .
وُجد هذا التاريخ منحوتا علي صخرة صماء في مدخل القصر
, وقد شاهدت هذا التاريخ بنفسي كما شاهده الكثير من كبار السن في هذه القرية ، وقد لعبت بهذا التاريخ الأيدي الأثيمة الجاهلة التي لا تقدر للتاريخ قيمة ولا تعرف للآثار معني .
ترى من بنى هذا القصر
قام ببناء هذا القصر قبيلة العومريين أيضا وسكنوا حوله حيث أن المنازل المحيطة به إحاطة السوار بالمعصم كلها لقبيلة العومريون ، فهذا منزل لأسرة الجالي وهذا منزل لأسرة احشيش وهذا منزل لأسرة الشيباني وهذا منزل لأسرة أبو قطف وهذا منزل لأسرة محمد ساسي الشايع وهذا منزل لأسرةاعمارة وهذا منزل لأسرة عدس وهذا منزل لأسرة سكور وهذا منزل لأسرة الشتيوي وهذا منزل لأسرة سالم بن علي وصالح بن علي
. وكلها عائلات وأسر كبيرة ترجع إلي أصل واحد وهو قبيلة العومريين .
اللهم إلا منزلا واحدا يتصل بالقصر من جهة الشمال ، هذا المنزل وهبه وتصدق به العومريون أصحاب القصر علي رجل غريب لاجئ يقال أنه من الزنتان
" ترديه " وعندما جاء أول الأمر نزل بأسرته في حقفه تحت القصر وإلي الآن تعرف هذه الحقفة بهذا الاسم " تِيرِيت نِدُمُومَنْ " ، وبعدها اتصل هذا الرجل بجماعة القرية وطلب مسكنا يأوي إليه هو وأسرته وماجن يشرب منه فتبرعوا بمنزل شمال القصر مباشرة وهو يعرف إلي الآن بحوش " اعطيط الله " ولعله كان اسمه اعطيت لله ثم حرِّفت بعض الشيء ، ومن أسرة هذا الرجل تكونت قبيلة الدموميين التي تفرّع عنها عدة أسر كبيرة منها أسرة أبو عزقة وأسرة الوحال أو الخلاص وأسرة العواشير وأسرة مرجان وأسرة الغرسليين وغيرها وغيرها .
تخريب هذا القصر وهدمه
يقال أن تخريب القصر وهدمه كان في العهد التركي وفي حكم عثمان باشا التركي وذلك بسبب حادث وقع في قصر جادوا بين الحامية التركية الموجودة هناك والجادويون
.
وعلي إثر هذا الحادث جاء الأمر إلي الوالي التركي بطرابلس بهدم وتخريب جميع القصور بالجبل الغربي أو جبل نفوسة كما عُرف قبل
.
وفعلا شرع في التخريب ابتداء من قصر جادو واستمر التخريب إلي أن وصل إلي قصر طمزين
, وخرِّب بالفعل لسوء الحظ , وعلي إثر ذلك جاء الأمر بإيقاف التخريب , لذلك نجد القصور غربي طمزين كلها باقية كقصور فرسطاء وكاباو والحوامد وأولاد محمود ونالوت ووزان .
وبقي قصر طمزين هذا خربة
, ولجهل السكان للقيمة الأثرية , اتخذ الجيران هذه الخربة حظيرة للبقر والحمير والغنم وبقية الحيوانات , ووضع القمامة " الكناسة " وهدم الجدران القائمة وأخذ الحجارة واستعمالها . ( يخربون بيوتهم بأيديهم ).
وفي الوقت الذي أقوم فيه بتحرير هذه المذكرة وكلى أسف وحسرة علي ضياع هذا الأثر التاريخي الغالي
, تعمدت السلطات المحلية بطمزين إلي كسر أو مسح البقية الباقية من صور القصر وآثاره كما تطرق المسح حتى إلي ما جاوره من المنازل الأثرية مسحا شاملا كاملا بالآلة الثقيلة " كاتربيل " وبقي مكان القصر الآن قاعا صفصفا لا تري فيه عوجا ولا أمتا , وصار القصر وما حوله من المنازل كأن لم يكن , والأمر لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
فتركيا قد قامت في تلك الفترة بتخريب عدة قصور أعظم وأضخم من قصر طمزين بكثير
. ذكر الشيخ سليمان الباروني رحمه الله في رسالة سلم العامة صفحة 39 " وهذا الاسم يفرن يطلق علي قري متعددة منها دسير ويقال لها اشقارنه كان بها قصر فيه ألف وثمانمائة بيت طبقات بعضها فوق بعض خربته عن آخره الدولة العثمانية وكان من أعظم حصون الجبل " . والأمر لله ولا حول ولا قوة إلا بالله
جدي موسى
يوجد بهذا القصر بالركن الجنوبي منه كوة أي فتحة صغيرة تنار من قديم الزمان وإلي الآن بمصابيح الزيت في أغلب الليالي وفي ليلة الجمعة وفي ليالي الأعياد والمواسم الإسلامية وشهرت عندهم بغرفة جدي موسى
, تري من هذا الرجل الحاصل للقب الجد عند الجميع ؟ وبماذا نال هذا الشرف , واشتهر اسمه ولقبه , وامتدت حياته المعنوية أجيال وأجيال .
نسمع عنه ممن قبلنا
, أن الرجل كان بالطبع من سكان هذه المحلة , ويقال أنه كان له أسرة صغيرة , تتكون من ثلاثة أشخاص هم : الرجل القنوع الشاكر الزاهد وزوجته الطيبة وابنته الجميلة البارة .
وفي تاريخ البلد طمزين طرأ على المنطقة جفاف لعدة سنوات
, أمسكت السماء فجفت الأرض وانقطع الزرع ويبست الأشجار وعجفت الحيوانات ونفذ ما عند الأهالي من مدخرات من حبوب وتمر وتين وغيرها وغيرها .
عندها تدارس أهل القرية الحالة التي هم فيها من الحاجة والعسر والضيق
, وقرروا بالإجماع الرحيل إلي بلد ما لطلب المعيشة وعينوا يوما للرحيل , وموسى هذا قبل أن يلقب بالجد لا يدري ما يجري في البلد, حيث كان قليل الاختلاط بالمجتمع , قليل الخروج من بيته عاملا بقول الحكيم "القراءة عبادة"
هذا وفي صبيحة يوم الرحيل كان جالسا يذكر الله يحمده ويسبحه ويستغفره لذنوبه
, وإذا به يسمع رغاء الإبل وبكاء الأطفال وصراخ النساء والشيوخ والعجزة . عندها دعي زوجته الحبيبة وسألها بلهفة وهلع ماذا حدث ؟ فأجابته أما سمعت ؟ أما عرفت ؟ أن القوم عزموا علي الرحيل قالت هذا والعبرات تخنقها وتَحُول بينها وبين الكلام : الجوع , الجوع يا زوجي العزيز .
وكانت غرفته مملوءة بالشعير
, عند ذلك دعي ابنته يا بنتي ناولني العكاز , فناولته إياه ,فأخذه وخرج مسرعا يتوكأ عليها ويشير بيده يرفعها مرة ويخفضها مرة أخري وهو يقول : البقاء …البقاء ولما اجتمع عليه الناس قال لهم : لي غرفة مملوءة بالشعير تعالوا نقسمها بيننا بالسويِّة على الأفراد وسآخذ مناب أسرتي معكم وبعد ذلك لعل الله يأتي بالفرج . عندها هدأت الأصوات وانقطع الصراخ و أمسكت العيون عن البكاء وجفت الدموع .
وموسى يرفع كلتا يديه إلي السماء وقد حبس لسانه ولا يفهم من كلامه شيئا إلا
: يا رب.. يا رب … يا رب ، اقتسم القوم ما في الغرفة من الشعير بالسوية وضربوا له بسهم مثلهم , واستقر القوم وسادهم الهدوء , وبات الجميع في ليلة هنيئة , وفي الصباح دعي موسى ابنته وأمرها بكنس الغرفة , فأخذت البنت المكنسة ورجعت وهي تقول : يا أبي إن الغرفة أبت أن تنفتح وهي ليست كعادتها .
ذهب الرجل إلي الغرفة وأدار المفتاح وانفتح القفل أو البوجلة كما يسمونها في ذلك العصر ودفع الباب بقوة فانهار عليه الشعير وإذا بالغرفة مملوءة بالشعير إلي السقف ورفع يديه إلي السماء وهو يكرر الآية الكريمة
: " وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين " صدق الله العظيم .
ولا غرابة فيما حدث فللأولياء الكرمات كما للرسل والأنبياء المعجزات
.
هذا وفي نفس الأسبوع فتح الله أبواب السماء بماء منهمر
" ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " ، وزرع الناس وانقلب العسر يسرا والضيق سعة وفرج وصار الأحداث من البنين والبنات يدعون الرجل جدي موسى واشتهر عند الأوائل و الأواخر بهذا اللقب .
القبائل التي تسكن طمزين حاليا
يسكن طمزين حاليا ثلاثة قبائل كبيرة وهي
:
أولا
: العومريون :وهذه من أكبر القبائل وهم السكان الأصليين لهذه المنطقة وبناة القصور والمساجد الأثرية فيها وقد سبق الحديث عنهم وعن أسرهم .
ثانيا
: الدموميون :وقد سبق الحديث عنهم وعن أصلهم والحديث علي فروعهم وأسرهم .
ثالثا
: الكواشليون :وأصل هذه القبيلة أسرة واحدة يقال أن أصلها جاء من مدينة قنطرارة ( تيجي الآن ) . جاءت هذه الأسرة وسكنت محلة طمزين وبنت منزلها الأول قرب منزل الدموميون ولا يفصل بين المنزلين إلا شارع ضيق ، وإلي الآن وإلي ما شاء الله يعرف هذا المنزل بحوش الكوشليين ، ومن هذا المنزل تفرعت أسر الكوشليين : فهذه أسرة ابر يبش وهذه أسرة أولاد عيسى وهذه أسرة قنه وهذه أسرة الهوفاري الخ …. .
امتزاج هذه القبائل وصهرها في بوتقة واحدة
لعلك أخي القارئ والمطلع علي هذه المذكرة لعلك تظن أو يخطر ببالك أن بين هذه القبائل تفرقة أو تباغض أو تحاسد أو خلاف أو تفرقة أيا كان نوعها
, ذلك لا يوجد منه شئ بين هذه القبائل , بل لا يوجد بينهما إلا الحب الخالص والود الكامل , فهم يعيشون كأسرة واحدة أو كجسم واحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي .
وقد انصهرت هذه القبائل في بوثقة واحدة واختلطت وتداخلت في بعضها بالمجاورة والمصاهرة لا شرف لأحدهم علي الآخر إلا بالتقوى
. " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " . ولولا أمانة التاريخ أجبرتني علي هذا التقسيم ما قدمت عليه " والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوي " .
الاحتياط خوفا من الغزو الخارجي
وبعد أن بنوا القصر والمسجد في حصن منيع والمساكن حولهما
, بعد هذا كله تخوفوا من الغزو الخارجي فعمدوا إلي كل فتحة أو منفذ في الجبل وبنوا علي بيتا صغيرا للعسة والحراسة كبرج مراقبة وهم كالآتي :
أولا
: في المنفذ الكبير " التنية "بنوا بيتا علي رأس الدرب قائم إلي الآن يسمي عندهم بالبربرية ( تين توجان ) والآن كثير من البسطاء والنساء تحوَّل في نظرهم أنه مسجد واتخذوه مزارا و جعلوا له قناديل الزيت وأناروه ليلا , وغاب علي هؤلاء أن هيكل المبني مخالف لما عليه بناء المساجد حيث كان فمه إلي القبلة , وليس به محراب ويمتد المبني من الشمال إلي الجنوب تتعذر فيه الصفوف ثم موقعه في مضيق يصعب الوصول إليه خصوصا عند العشاء والفجر عند اشتداد الظلمة .
ثانيا
: منفذ تُمَدْرار : برأس الدرب مبني صغير جدا انقلب في نظر النساء والبسطاء إلي مزار جعلوا له مصابيح وينيرونه ليلا .
ثالثا
: فتحة مُونَرْ:برأس الدرب مبني صغير جدا يشبه بوابة المعسكر يسمي عندهم أبو جبارة انقلب عند النساء والبسطاء إلي مزار جعلوا له مصابيح وينار ليلا أحيانا .
رابعا
: فتحة المشَهَّد: بنوا عليه مسجد صغير سموه مسجد المشَهَّد , وبقربه بنوا بيت صغير للعسة والمراقبة .
خامسا
: فتحة اتْقُوتاس : أيضا مبني صغير علي رأس الدرب , فتحة في الجبل انقلب أيضا كسابقه إلي مزار وينار ليلا بمصابيح الزيت .
يا إخوتي
: إنها مباني للعسة وأبراج مراقبة وليست مساجد ولا مزارات . فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا .
علاقة هذه القرى بعاصمة المنطقة مدينة شروس
هذه المنطقة بما فيها من قرى كانت تابعة لمدينة شروس تلك المدينة التاريخية التي تقع بوادي شروس الذي يقع بين بلدة تندميرة غربا وقري الحرابة شرقا
.
وعندما جاء الفتح الإسلامي إلي طرابلس وسمع أهلها بذلك أسلموا طواعية بدون حرب ولعلهم لذلك سموا
" نفوسه " وبعثوا وفدا إلي الفاتح العربي عمرو بن العاص يقدمون الطاعة والولاة في حديث طويل ليس هذا محله .
ومما يدل دلالة واضحة أن كلا من قرية تمصمص و طمزين كانتا تابعتين لمدينة شروس ما يأتي
:
شعبة المسَّوْقين هذه شعبة طويلة تبدأ من الجبل قرب تمصمص وتتجه شرقا إلي أن تشرف علي وادي شروس الذي به المدينة عاصمة القرى التي يقال
: إنه تتبعها ثلاثمائة قرية .
ومن عدالة السلطة في الإسلام في هذه المدينة ما يأتي
:
لا زال شائعا بين سكان هذه المنطقة أن القرى التي تقع غربي مدينة شروس معفين من المكوس وبقية الآتاوات
, أما الشرقيون التي تقع قراهم شرقي المدينة يؤخذ منهم المكس وبقية الإتاوات .
والسبب في ذلك قالوا
3 -
: أن الغربيين عندما يتجهون إلي السوق صباحا تواجههم الشمس وعند رجوعهم تواجههم الشمس أيضا , بينما الشرقيون لا تواجههم الشمس ولا يستقبلونها ذهابا ولا إيابا . المسجد الأثري الكبير القائم بمدينة شروس جدرانه وأركانه مقسمة علي القرى المجاورة كل قرية مسؤولة عن إصلاح وترميم وصيانة نصيبها من جدران هذا المسجد وهذا معمول به إلي يوم الناس هذا . ولعل هذا هو السبب الذي منع الخراب أن يتطرق إليه , و لطمزين ككل القرى ركن خاص بها في هذا المسجد .
ملاحظـــــــــــــــــــات
توجد بعض الأسر في طمزين لا تنتمي إلي أي قبيلة من القبائل الثلاثة التي سبق ذكرها وهي
:
أسرة زمة
: هذه الأسرة التي يقال أنها وفدت من تدغت , و تدغت هذه تقع في رأس وادي شروس , بها آثار وغيران وحفريات تحت الأرض توجد إلي الآن وهي من ضواحي مدينة شروس , لا تبعد عنها كثيرا , ومما يؤكد أن الأسرة أصلها من هناك ما يوجد عندهم من الوثائق القديمة في بعض قطع الأرض هناك . واتخذت هذه الأسرة منزلها في طمزين وراء منزل الكوشليين ولا يفصل بين المنزلين إلا زقاقا ضيقا , ???? ??? ??? ??? ?? ???? ??? ?????? ??? ??? ???? ????????? ?? ??????? " ???? " ??? ??? .
إشاعة مكذوبة
:
يشاع أن أول من سكن طمزين الأزمام
, وهذه الإشاعة يكذبها الواقع حيث أنه في تلك العصور المظلمة عصور السلب والنهب والسرقة والتعدي علي الأموال والأرواح , لا يمكن أن تعيش أسرة واحدة مفردة في هذه القفار الموحشة .
أسرة اجميلة وأسرة الجريبي
هاتان الأسرتان لا تنتميان إلي أي قبيلة من القبائل الثلاثة السابقة الذكر
, هاتان الأسرتان لم نسمع عنهما شيئا , ولا ندري من أي مكان جاءتا . ولعلهم يعرفون ذلك وقديما قالوا " أهل مكة أدري بشعابها " والعلم لله .
أسرة علي بن صالح شهر الطمزيني
هذه الأسرة هاجرت من طمزين إلي جزيرة جربة واستوطنت حومة
" أَجِّيم " واتخذت منازلها قرب ميناء أجيم وهي معروفة إلي الآن , ولها أملاك في هذا البلد , أراضي وزيتون وتين ونخيل وغيرها باقية إلي الآن , يستغلونها عن طريق الوكالة وكان وكيلهم الأول يحي بن علي الخلاص , ثم ابنه أبو سعيد بن يحي ثم انتقلت الوكالة من هذه الأسرة إلي أسرة أخري تولاها الحاج سعيد اجميلة ثم ابنه صالح ولما توفي تولاها علي بن سالم اجميلة . وتدعي هذه الأسرة أن بين الأسرتين قرابة . والعلم لله .
أسرة الطمزيني في حومة
" قشعيين "
توجد أسرة أخري بجزيرة جربة في حومة
منقول عن موقع عبد الله شعبان جرودة
إلى كـل طـالب وطـالبة
إلى كـل شـاب وكـهل وشيـخ
إلى كـل محـب لـوطنه
أهـدي هـذه المـذكرة التـاريخيـة
والســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
مقــــــــدمة
هذه مذكرة تاريخية مختصرة موضوعها ، الحديث عن محلة طمزين
: موضعها ، مساجدها ، قصورها الأثرية ، معاهدها الدينية ، علمائها ، أوليائها وكرماتهم ، سبب تسميتها بطمزين ، انتقالها من مكان لآخر .
الكثير من مصادر هذه المذكرة أخذ مما رواه الأبناء عن الأباء ، والآباء عن الأجداد متوارثا
.
والقليل من مصادرها مأخوذ من كتب التاريخ التي لم تتحدث إلا عن علماء المنطقة ، والمساجد المستعملة للعبادة بالطبع وفي نفس الوقت تقوم بمهمة التعليم كمعاهد دينية
.
وفي الختام اقدم هذا المجهود المتواضع إلي كل طالب وطالبة من طلاب العلم والمعرفة بهذه المنطقة حيث كثيرا ما وردت منهم الأسئلة عن تاريخ هذا البلد
.
وفي الختام أرفع أكف الضراعة إلي الله العلي الكبير راجيا منه التوفيق والسداد
.
والحمد لله أولا وأخيرا
الشيخ / صالح سعيد الجالي
30 .4 . 1998
قرية تمصمص
هذه القرية وهي خراب الآن تقع جنوب شرقي بلدة طمزين
, تبعد عن طمزين الآن بما لا يزيد عن كيلو متر , المساكن القديمة بهذه القرية يظهر أن أغلبها غيران تحت الأرض , أما البناء منها فقد ذهبت به عوامل الطبيعة , ولم يبق منها إلا أكوام من الحجارة هنا وهناك .
المسجد
, سقط القسم الشمالي منه مما يدل أنه كان أكبر مما هو عليه الآن والمسجد قائم إلي الآن لم يتطرق إليه الخراب ككل المنازل حوله لقيام أهالي طمزين بترميمه وصيانته قربة إلي الله تعالي " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " .
وهو في نفس الوقت معهد علمي للعالم الكبير والولي الصالح الشيخ محمد خصيب بن إبراهيم التمصمصي رحمه الله والمسجد يعرف باسمه إلي الآن
. وجاء في التاريخ أن الشيخ من علماء الخمسين الأولي من القرن الرابع الهجري .
يؤخذ من هذا أن عمران القرية كان في ذلك التاريخ ولم يعرف تاريخ تأسيسها
, ولا ندري أيضا كم استمر عمرانها بعد ذلك ولا تاريخ هجرة السكان منها ولا أسباب هجرتهم وخرابها .
وفي المدة الأخيرة قام أهالي طمزين ببناء حجرتين خلف المسجد من الجهة الشمالية خاصة بالبيت وإقامة الزوار من النساء و الأطفال
, حفاظا علي المسجد من أن تصل إليه النجاسة وذلك بتاريخ 1997م . تقبل الله من الجميع .
قصر تمصمص
يوجد بهذه القرية قصر أثرى كبير معد لتخزين الحبوب والمحصول الزراعي
, كعادة سكان هذه المناطق قديما , وهو الآن خراب لم يبق إلا أثره ليشهد بضخامته وتلك عادة ذلك التاريخ فإذا أرادوا أن يتخذوا مكانا ما لسكناهم أول ما يبدؤون ببناء مسجد للعبادة والتعليم ثم القصر للتخزين وأيضا للدفاع عن القرية عندما يقع عليها الاعتداء الخارجي .هذه أعمال يقومون بها جماعيا , ثم يأخذ كل رب أسرة في بناء مسكن له ولأسرته بمجهوده الخاص, وكثيرا ما يستعين بأقاربه وجيرانه , كما يعينهم هو إن احتاجوا له , فعملية التعاون كانت موجودة وشائعة إلي عهد قريب . والآن بدأت عملية التعاون تضعف لتغلب المادة .
قرية طمزين
اختار سكان هذه المنطقة قديما شعبة فسيحة قريبة جدا من الجبل
, و أسسوا فيها مساكنهم وأغلبها حفريات تحت الأرض شبيهة بقرية تمصمص سابقة الذكر وهذه القرية الآن خراب وإلي يوم الناس هذا تدعي بشعبية بوخروبة .
مساجدها
:
بهذه القرية ثلاث مساجد أحدهما يدعي مسجد الحاجة مسعودة والثاني مسجد الشيخ سعد بن يونس والثالث مسجد صغير في مقدمة القصر
:
مسجد الحاجة مسعودة
هذا المسجد معروف عند الكبير والصغير بهذا الاسم ولا ندري من هي المرأة الصالحة التي نسب إليها المسجد وبقي يحمل اسمها أجيال وأجيال ولعلها هي التي قامت ببناءه
, ولا نعرف علي هذا الجديدة الزاحفة علي المسجد شيئا وهو قائم إلي الآن , يتوسط المنازل المنطقة ويظهر أنه كان أكبر مما هو عليه الآن .
مسجد سعد بن يونس
وهو مدرسة أبي عثمان أبي يونس الطمزيني وقد درس هذا العلامة الكبير علي الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم
"بتهرت" وقد وقع عليه اختيار الإمام فأسند إليه ولاية قنطراره وما إليها "تيجي" فكان فيها مثل ما كان أولئك الولاة الذين سبقوه و لحقوه من استقامة ودين .
والمسجد أثري قديم يقع فوق ربوة عالية ويشرف علي القرية القديمة كأنه حارس أمين
. وعندما انتقل سكان هذه القرية و التجئوا إلي الجبل كما يأتي قريبا بقي المسجد مزارا. والآن رجع العمران من جديد إلي المنطقة و أصبح المسجد تحيط به المنازل من كل الجهات , فعمد السكان إلي بناء مسجد آخر جديد في جنب المسجد الأثري القديم كما بنوا به دورة مياه جديدة وفسقية لحفظ مياه المطر . كما بنوا فيه منارة يشع منها النور , وتقام فيه الآن الصلوات الخمسة جماعة ككل المساجد .
مسجد تاحارْت
وهو مسجد صغير في مدخل القصر محفور تحت الأرض يوجد إلي الآن
, واسم المسجد معروف إلي الآن عند الجميع " تين تاحارت " هكذا بالبربرية ولعل تعريفها "مسجد الحارة " .
قصر تاحارت
" تاحارت " ، في وسط القصر ساحة بها ماجن يوجد إلي الآن غير صالح لحفظ الماء , ويوجد حول القصر مدور لعله كان خندق محفور لحفظ القصر بدلا من الصور. ومدخل القصر من الجهة الجنوبية , كعادة البدو في نصب خيامهم في الصحراء . " واجعلوا بيوتكم قبلة " .
تري من هم بناة القصر وأصحابه
قطع الأرض الموجودة حول القصر أو الربوة التي بني عليها القصر والخرائب المحيطة به من كل جهة هي الآن ملك لقبيلة العومريين
" أكبر قبائل طمزين الآن " .هذا مما يدل دلالة واضحة أن بُناة القصر وأصحابه هم قبيلة العومريين , ولا يعقل أبدا أن يبنيه غيرهم في أرضهم ويسكن حوله العومريون .
لم توجد أكوام الحجارة علي الربوة العالية التي شيد عليها القصر لماذا ؟ وأين ذهبت هذه الحجارة؟ المظنون أن أحجار هذا القصر والمنازل حوله بعد خرابها نقلت إلي القصر الثاني قصر طمزين حيث كانت المسافة بينهما لا تزيد عن نصف كيلومتر علي أكبر تقدير
.
لم نقف علي تاريخ بناء قصر تاحارت
, ولعله كان عامرا في عهد الشيخ سعد بن يونس ووالده يونس ، وكانت حياتهما في القرن الثاني وأوائل القرن الثالث الهجري .
نقلة من شعبة أبو خروبه والالتجاء إلي الجبل
.
تحصنوا بالجبل وبنوا قصرهم و مساكنهم علي حافة الجبل
, كما بنوا مسجدهم في مدخل القرية ، وأطلقوا عليه اسم "مسجد غالد" وغالد كلمة بربرية معناها الشارع , والمسجد قائم إلي الآن في منطقة طمزين القديمة تصلي فيه الصلوات الخمسة .
وفي السنوات الماضية بني في جانبه مسجد جديد حديث
, وترك المسجد القديم علي ما هو عليه للعبرة والتاريخ .
مسجد طمزين الجديد
1392 هجري بعد أن صلينا صلاة العيد في ساحة قرب المقبرة توجهت بالحديث إلي الجماعة رغَّبتهم في بناء مسجد جديد , العصر ومما قلته في آخر حديثي " اليوم إن شاء الله بعد صلاة سنعقد اجتماعا عاما ونعمل الخطة اللازمة لبناء المسجد ولو يتم علي مراحل أو في سنوات المهم الشروع في العمل ، وأصعب الأمور مبدؤها والتوكل علي الله " ، هذا وما كاد يصل وقت صلات العصر من ذلك اليوم حتى اكتظ مكان الاجتماع بالمواطنين علي اختلاف أعمارهم ، شيوخا وكهولا وشبابا ، وكلهم في حماس شديد وغيرة دينية منقطعة النظير، ولا ننسي مواطنينا من سكان طرابلس حيث كانوا أشد حماسة وأعظم غيرة بارك الله فيهم .
جدول أعمال الاجتماع
: وكان جدول الاجتماع كالآتي :
تكليف من يقوم باستخراج خريطة للمسجد علي الصورة التي تم الاتفاق عليها بالإجماع
طلب لهيئة الأوقاف وشئون المساجد في بناء مسجد
.
تحرير طلب للبلدية لاستخراج رخصة للبناء
.
طلب مساعدة من هيئة الأوقاف وشئون المساجد مبلغا يتناسب مع ضخامة المشروع
.
طلب مساعدة من جمعية الدعوة الإسلامية
.
طلب إلي جهات الاختصاص بطبع إيصالات لجمع التبرع من أهل الخير
.
تشكيل لجنة من رئيس وأمين الصندوق وعدة أعضاء للإشراف علي تنفيذ المشروع
.
وختم الاجتماع برفع أكف الضراعة إلي الله أن يكلل هذا المشروع بالنجاح وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم
.
الشروع في العمل
:
ومن هذا المنطلق بدأ العمل الجاد للبناء
, ففريق يجمعون التبرعات من هنا وهناك , وفريق يقوم بمراجعة جهات الاختصاص ويطالبونها بيد المساعدة . وجماعة تجاهد بالكلمة الطيبة , فكان الخير وكانت البداية تبشر بالخير , ثم أنتكس المشروع وبدأ الخلاف يذب بين الصفوف , وكثر القليل والقال من بعض الشخصيات المعترضة سامحها الله , وهذا ليس بغريب تلك عادة الناس في كل زمان ومكان , وما هي إلا سحابة صيف ثم تنقشع . أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فمكث في الأرض , ولم تمضي إلا أشهر قلائل حتى حصلنا علي مبلغ نستطيع أن نبدأ به .
الشروع في البناء
في يوم خمي المسجد
: س من أوائل شهر مارس من سنة 1394 هجري كانت آلات العمل كلها في المكان المعد لبناء, وحضر المواطنون علي اختلاف أعمارهم ، وتلوا في المكان سورة يس وقصار السور، ثم توجهوا إلي الله رافعين أكف الضراعة راجين منه التوفيق والعون , وفي هذا الحشد الكبير والجم الغفير أرادوا تكريمي فأعطوني معولا "فأس" وطلبوا مني أن أبدأ باسم الله , أخذت المعول وقلت بصوت مرتفع : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إننا عبيدك وهذا بيتك , اللهم وفقنا وأعنا علي تمامه يا الله يا الله، فارتفعت الأصوات مدوية يا الله يا الله , ثم ضربت بالمعول علي الأرض ثلاث مرات وعلي إثر ذلك أخذ كل واحد معوله وبدأ العمل في حفر الأساس , هذا ولم تمضي إلا أيام معدودة حتى ارتفع: الله أكبر قد …….. البناء وارتفعت معه الأصوات بهذا النشيد المسجد كما يؤم رحابه المتعبد
فتتجاوب الأصداء بهذا النشيد
هذا وما كاد يتم الفلك دورته السنوية حتى كان المسجد قد انتهي بجميع مرافقه الصحية
قامت علي أيدينا صروحـه أنعم بطمزين القِرى والسؤدد. فيجيب الفريق الثاني :للباقيات الصالحات فعالنا في كل عصر لاح منا فرقد , وصهريج لحفظ ماء المطر ومفروش ومهيأ لأداء شعائر الإسلام ، وارتفع النشيد الإلهي من منارته خمس مرات في اليوم : الله أكبر الله أكبر ….حي علي الصلاة ….حي علي الفلاح .
افتتاح المسجد
وفي يوم الجمعة بتاريخ
: ربيع الأول28 من سنة 1395 للهجرة الموافق 15 مارس من سنة 1975 من ميلاد المسيح عليه السلام افتتح المسجد في حفل كبير حضره المواطنون من طمزين وطرابلس , وضيوف مدعوون للحضور والمسؤولون عن الأوقاف وشئون المساجد لمنطقة غريان , والوعاظ والمرشدون بالمنطقة من ليبيين ومصريين وألقيت عدة كلمات بالمناسبة . اللهم اجعل هذا العمل المتواضع خالصا لوجهك الكريم , آمين آمين يا رب العالمين .
إضافة جديدة للمسجد
:
ولما مضي علي المسجد حوالي عشر سنوات ضاق بالمصلين فزيد فيه من الناحية الشرقية وكانت به حجرة أضيفت إلي المسجد ومن الناحية الغربية كان به مطلع
"درج" أضيف إلي المسجد أيضا .وما هي إلا ست سنوات أخري حتى ضاقت دورة المياه الأولي بالمتطهرين فألغيت دورة المياه الأولي وأنشئت دورة مياه جديدة , هذا كما أحيط الجانب الشرقي بصور وحفر بداخله صهريج " فسقية " لحفظ مياه الأمطار .
إضافة بعد إضافة
:
وفي سنة
1993 وفق الله أصحاب الخير فتبرعوا بمبلغ من المال , فأضيف الجنان ورفع فوق الحجرات دور ثاني لصلاة النساء في الجمعة والأعياد . وفُرش المسجد بفراش جديد , وغُيِّر المنبر بعد ما كان بناء صار منبر من الخشب الجيد . أثاب الله كل من سعي ودعي وشيد وبني ومن تصدق وأعطي وكل من إلي هذا البيت سعي صباحا ومساء وصدق الله العظيم حث يقول : " إنما يَعمُر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " .
قصة التسمية
, كما كان هذا الرجل ممن يستشار ويؤخذ برأيه غالبا لرجاحة عقله لمدة طويلة ، ثم تدهورت حالته الاقتصادية وأصبح من الطبقة الفقيرة , إذا حضر لا يُستشار وإذا غاب لا يُنتظر , وبعد سنوات انقلب عسره إلي يسر , وضيقه إلي سعة وفرج " إن مع العسر يسرا " وتحصل في سنة زراعية خصبة ، تحصل فيها علي كمية هائلة من الشعير , ومرت بالقرية ظروف استدعت أهل القرية إلي الاجتماع , ولما اجتمعوا افتقدوه , وقال بعضهم أين فلان ؟ وقال الثاني ادعوه , وقال الثالث لابد من حضوره ، فاستدعوه إلي الاجتماع وقبل أن يتجه إلي الاجتماع عمد إلي منديل صغير " محرمة " وجعل فيه حفنة من الشعير أخفاها تحت ثيابه وعند حضوره جلس في مؤخرة المجلس , وفي أثناء النقاش قال له المجتمعون ما رأيك يا عم , وقال الثاني نحن في حاجة إلي رأيك السديد , وقال الثالث : تكلم , عندها أخرج المنديل الذي به الشعير وطرحه أمامه علي الأرض وقال : " اتْلَيُومَت يا طمزين " . ومعني الجملة بالعربة تكلم يا شعير .
هذه قصة التسمية كما ينقلها الأبناء عن الآباء والآباء عن الأجداد و هلم جر
.
ولعل القصة لا تبعد عن الحقيقة لأن الناس في كل عصر وفي كل مكان وخاصة في عصرنا هذا لا قيمة للرجل عندهم إلا بقدر ما يملكه من الدراهم والدنانير لا ما عنده من العلم والحكمة
:رأيت الناس قد ذهبوا لمن له ذهب ** ومن لم يكن له ذهب فالناس عنه قد ذهبوا .
قصر طمزين
" واجعلوا بيوتكم قبلة " بني هذا القصر بتاريخ 777 للهجرة النبوية علي صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام .
وُجد هذا التاريخ منحوتا علي صخرة صماء في مدخل القصر
, وقد شاهدت هذا التاريخ بنفسي كما شاهده الكثير من كبار السن في هذه القرية ، وقد لعبت بهذا التاريخ الأيدي الأثيمة الجاهلة التي لا تقدر للتاريخ قيمة ولا تعرف للآثار معني .
ترى من بنى هذا القصر
قام ببناء هذا القصر قبيلة العومريين أيضا وسكنوا حوله حيث أن المنازل المحيطة به إحاطة السوار بالمعصم كلها لقبيلة العومريون ، فهذا منزل لأسرة الجالي وهذا منزل لأسرة احشيش وهذا منزل لأسرة الشيباني وهذا منزل لأسرة أبو قطف وهذا منزل لأسرة محمد ساسي الشايع وهذا منزل لأسرةاعمارة وهذا منزل لأسرة عدس وهذا منزل لأسرة سكور وهذا منزل لأسرة الشتيوي وهذا منزل لأسرة سالم بن علي وصالح بن علي
. وكلها عائلات وأسر كبيرة ترجع إلي أصل واحد وهو قبيلة العومريين .
اللهم إلا منزلا واحدا يتصل بالقصر من جهة الشمال ، هذا المنزل وهبه وتصدق به العومريون أصحاب القصر علي رجل غريب لاجئ يقال أنه من الزنتان
" ترديه " وعندما جاء أول الأمر نزل بأسرته في حقفه تحت القصر وإلي الآن تعرف هذه الحقفة بهذا الاسم " تِيرِيت نِدُمُومَنْ " ، وبعدها اتصل هذا الرجل بجماعة القرية وطلب مسكنا يأوي إليه هو وأسرته وماجن يشرب منه فتبرعوا بمنزل شمال القصر مباشرة وهو يعرف إلي الآن بحوش " اعطيط الله " ولعله كان اسمه اعطيت لله ثم حرِّفت بعض الشيء ، ومن أسرة هذا الرجل تكونت قبيلة الدموميين التي تفرّع عنها عدة أسر كبيرة منها أسرة أبو عزقة وأسرة الوحال أو الخلاص وأسرة العواشير وأسرة مرجان وأسرة الغرسليين وغيرها وغيرها .
تخريب هذا القصر وهدمه
يقال أن تخريب القصر وهدمه كان في العهد التركي وفي حكم عثمان باشا التركي وذلك بسبب حادث وقع في قصر جادوا بين الحامية التركية الموجودة هناك والجادويون
.
وعلي إثر هذا الحادث جاء الأمر إلي الوالي التركي بطرابلس بهدم وتخريب جميع القصور بالجبل الغربي أو جبل نفوسة كما عُرف قبل
.
وفعلا شرع في التخريب ابتداء من قصر جادو واستمر التخريب إلي أن وصل إلي قصر طمزين
, وخرِّب بالفعل لسوء الحظ , وعلي إثر ذلك جاء الأمر بإيقاف التخريب , لذلك نجد القصور غربي طمزين كلها باقية كقصور فرسطاء وكاباو والحوامد وأولاد محمود ونالوت ووزان .
وبقي قصر طمزين هذا خربة
, ولجهل السكان للقيمة الأثرية , اتخذ الجيران هذه الخربة حظيرة للبقر والحمير والغنم وبقية الحيوانات , ووضع القمامة " الكناسة " وهدم الجدران القائمة وأخذ الحجارة واستعمالها . ( يخربون بيوتهم بأيديهم ).
وفي الوقت الذي أقوم فيه بتحرير هذه المذكرة وكلى أسف وحسرة علي ضياع هذا الأثر التاريخي الغالي
, تعمدت السلطات المحلية بطمزين إلي كسر أو مسح البقية الباقية من صور القصر وآثاره كما تطرق المسح حتى إلي ما جاوره من المنازل الأثرية مسحا شاملا كاملا بالآلة الثقيلة " كاتربيل " وبقي مكان القصر الآن قاعا صفصفا لا تري فيه عوجا ولا أمتا , وصار القصر وما حوله من المنازل كأن لم يكن , والأمر لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
فتركيا قد قامت في تلك الفترة بتخريب عدة قصور أعظم وأضخم من قصر طمزين بكثير
. ذكر الشيخ سليمان الباروني رحمه الله في رسالة سلم العامة صفحة 39 " وهذا الاسم يفرن يطلق علي قري متعددة منها دسير ويقال لها اشقارنه كان بها قصر فيه ألف وثمانمائة بيت طبقات بعضها فوق بعض خربته عن آخره الدولة العثمانية وكان من أعظم حصون الجبل " . والأمر لله ولا حول ولا قوة إلا بالله
جدي موسى
يوجد بهذا القصر بالركن الجنوبي منه كوة أي فتحة صغيرة تنار من قديم الزمان وإلي الآن بمصابيح الزيت في أغلب الليالي وفي ليلة الجمعة وفي ليالي الأعياد والمواسم الإسلامية وشهرت عندهم بغرفة جدي موسى
, تري من هذا الرجل الحاصل للقب الجد عند الجميع ؟ وبماذا نال هذا الشرف , واشتهر اسمه ولقبه , وامتدت حياته المعنوية أجيال وأجيال .
نسمع عنه ممن قبلنا
, أن الرجل كان بالطبع من سكان هذه المحلة , ويقال أنه كان له أسرة صغيرة , تتكون من ثلاثة أشخاص هم : الرجل القنوع الشاكر الزاهد وزوجته الطيبة وابنته الجميلة البارة .
وفي تاريخ البلد طمزين طرأ على المنطقة جفاف لعدة سنوات
, أمسكت السماء فجفت الأرض وانقطع الزرع ويبست الأشجار وعجفت الحيوانات ونفذ ما عند الأهالي من مدخرات من حبوب وتمر وتين وغيرها وغيرها .
عندها تدارس أهل القرية الحالة التي هم فيها من الحاجة والعسر والضيق
, وقرروا بالإجماع الرحيل إلي بلد ما لطلب المعيشة وعينوا يوما للرحيل , وموسى هذا قبل أن يلقب بالجد لا يدري ما يجري في البلد, حيث كان قليل الاختلاط بالمجتمع , قليل الخروج من بيته عاملا بقول الحكيم "القراءة عبادة"
هذا وفي صبيحة يوم الرحيل كان جالسا يذكر الله يحمده ويسبحه ويستغفره لذنوبه
, وإذا به يسمع رغاء الإبل وبكاء الأطفال وصراخ النساء والشيوخ والعجزة . عندها دعي زوجته الحبيبة وسألها بلهفة وهلع ماذا حدث ؟ فأجابته أما سمعت ؟ أما عرفت ؟ أن القوم عزموا علي الرحيل قالت هذا والعبرات تخنقها وتَحُول بينها وبين الكلام : الجوع , الجوع يا زوجي العزيز .
وكانت غرفته مملوءة بالشعير
, عند ذلك دعي ابنته يا بنتي ناولني العكاز , فناولته إياه ,فأخذه وخرج مسرعا يتوكأ عليها ويشير بيده يرفعها مرة ويخفضها مرة أخري وهو يقول : البقاء …البقاء ولما اجتمع عليه الناس قال لهم : لي غرفة مملوءة بالشعير تعالوا نقسمها بيننا بالسويِّة على الأفراد وسآخذ مناب أسرتي معكم وبعد ذلك لعل الله يأتي بالفرج . عندها هدأت الأصوات وانقطع الصراخ و أمسكت العيون عن البكاء وجفت الدموع .
وموسى يرفع كلتا يديه إلي السماء وقد حبس لسانه ولا يفهم من كلامه شيئا إلا
: يا رب.. يا رب … يا رب ، اقتسم القوم ما في الغرفة من الشعير بالسوية وضربوا له بسهم مثلهم , واستقر القوم وسادهم الهدوء , وبات الجميع في ليلة هنيئة , وفي الصباح دعي موسى ابنته وأمرها بكنس الغرفة , فأخذت البنت المكنسة ورجعت وهي تقول : يا أبي إن الغرفة أبت أن تنفتح وهي ليست كعادتها .
ذهب الرجل إلي الغرفة وأدار المفتاح وانفتح القفل أو البوجلة كما يسمونها في ذلك العصر ودفع الباب بقوة فانهار عليه الشعير وإذا بالغرفة مملوءة بالشعير إلي السقف ورفع يديه إلي السماء وهو يكرر الآية الكريمة
: " وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين " صدق الله العظيم .
ولا غرابة فيما حدث فللأولياء الكرمات كما للرسل والأنبياء المعجزات
.
هذا وفي نفس الأسبوع فتح الله أبواب السماء بماء منهمر
" ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " ، وزرع الناس وانقلب العسر يسرا والضيق سعة وفرج وصار الأحداث من البنين والبنات يدعون الرجل جدي موسى واشتهر عند الأوائل و الأواخر بهذا اللقب .
القبائل التي تسكن طمزين حاليا
يسكن طمزين حاليا ثلاثة قبائل كبيرة وهي
:
أولا
: العومريون :وهذه من أكبر القبائل وهم السكان الأصليين لهذه المنطقة وبناة القصور والمساجد الأثرية فيها وقد سبق الحديث عنهم وعن أسرهم .
ثانيا
: الدموميون :وقد سبق الحديث عنهم وعن أصلهم والحديث علي فروعهم وأسرهم .
ثالثا
: الكواشليون :وأصل هذه القبيلة أسرة واحدة يقال أن أصلها جاء من مدينة قنطرارة ( تيجي الآن ) . جاءت هذه الأسرة وسكنت محلة طمزين وبنت منزلها الأول قرب منزل الدموميون ولا يفصل بين المنزلين إلا شارع ضيق ، وإلي الآن وإلي ما شاء الله يعرف هذا المنزل بحوش الكوشليين ، ومن هذا المنزل تفرعت أسر الكوشليين : فهذه أسرة ابر يبش وهذه أسرة أولاد عيسى وهذه أسرة قنه وهذه أسرة الهوفاري الخ …. .
امتزاج هذه القبائل وصهرها في بوتقة واحدة
لعلك أخي القارئ والمطلع علي هذه المذكرة لعلك تظن أو يخطر ببالك أن بين هذه القبائل تفرقة أو تباغض أو تحاسد أو خلاف أو تفرقة أيا كان نوعها
, ذلك لا يوجد منه شئ بين هذه القبائل , بل لا يوجد بينهما إلا الحب الخالص والود الكامل , فهم يعيشون كأسرة واحدة أو كجسم واحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي .
وقد انصهرت هذه القبائل في بوثقة واحدة واختلطت وتداخلت في بعضها بالمجاورة والمصاهرة لا شرف لأحدهم علي الآخر إلا بالتقوى
. " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " . ولولا أمانة التاريخ أجبرتني علي هذا التقسيم ما قدمت عليه " والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوي " .
الاحتياط خوفا من الغزو الخارجي
وبعد أن بنوا القصر والمسجد في حصن منيع والمساكن حولهما
, بعد هذا كله تخوفوا من الغزو الخارجي فعمدوا إلي كل فتحة أو منفذ في الجبل وبنوا علي بيتا صغيرا للعسة والحراسة كبرج مراقبة وهم كالآتي :
أولا
: في المنفذ الكبير " التنية "بنوا بيتا علي رأس الدرب قائم إلي الآن يسمي عندهم بالبربرية ( تين توجان ) والآن كثير من البسطاء والنساء تحوَّل في نظرهم أنه مسجد واتخذوه مزارا و جعلوا له قناديل الزيت وأناروه ليلا , وغاب علي هؤلاء أن هيكل المبني مخالف لما عليه بناء المساجد حيث كان فمه إلي القبلة , وليس به محراب ويمتد المبني من الشمال إلي الجنوب تتعذر فيه الصفوف ثم موقعه في مضيق يصعب الوصول إليه خصوصا عند العشاء والفجر عند اشتداد الظلمة .
ثانيا
: منفذ تُمَدْرار : برأس الدرب مبني صغير جدا انقلب في نظر النساء والبسطاء إلي مزار جعلوا له مصابيح وينيرونه ليلا .
ثالثا
: فتحة مُونَرْ:برأس الدرب مبني صغير جدا يشبه بوابة المعسكر يسمي عندهم أبو جبارة انقلب عند النساء والبسطاء إلي مزار جعلوا له مصابيح وينار ليلا أحيانا .
رابعا
: فتحة المشَهَّد: بنوا عليه مسجد صغير سموه مسجد المشَهَّد , وبقربه بنوا بيت صغير للعسة والمراقبة .
خامسا
: فتحة اتْقُوتاس : أيضا مبني صغير علي رأس الدرب , فتحة في الجبل انقلب أيضا كسابقه إلي مزار وينار ليلا بمصابيح الزيت .
يا إخوتي
: إنها مباني للعسة وأبراج مراقبة وليست مساجد ولا مزارات . فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا .
علاقة هذه القرى بعاصمة المنطقة مدينة شروس
هذه المنطقة بما فيها من قرى كانت تابعة لمدينة شروس تلك المدينة التاريخية التي تقع بوادي شروس الذي يقع بين بلدة تندميرة غربا وقري الحرابة شرقا
.
وعندما جاء الفتح الإسلامي إلي طرابلس وسمع أهلها بذلك أسلموا طواعية بدون حرب ولعلهم لذلك سموا
" نفوسه " وبعثوا وفدا إلي الفاتح العربي عمرو بن العاص يقدمون الطاعة والولاة في حديث طويل ليس هذا محله .
ومما يدل دلالة واضحة أن كلا من قرية تمصمص و طمزين كانتا تابعتين لمدينة شروس ما يأتي
:
شعبة المسَّوْقين هذه شعبة طويلة تبدأ من الجبل قرب تمصمص وتتجه شرقا إلي أن تشرف علي وادي شروس الذي به المدينة عاصمة القرى التي يقال
: إنه تتبعها ثلاثمائة قرية .
ومن عدالة السلطة في الإسلام في هذه المدينة ما يأتي
:
لا زال شائعا بين سكان هذه المنطقة أن القرى التي تقع غربي مدينة شروس معفين من المكوس وبقية الآتاوات
, أما الشرقيون التي تقع قراهم شرقي المدينة يؤخذ منهم المكس وبقية الإتاوات .
والسبب في ذلك قالوا
3 -
: أن الغربيين عندما يتجهون إلي السوق صباحا تواجههم الشمس وعند رجوعهم تواجههم الشمس أيضا , بينما الشرقيون لا تواجههم الشمس ولا يستقبلونها ذهابا ولا إيابا . المسجد الأثري الكبير القائم بمدينة شروس جدرانه وأركانه مقسمة علي القرى المجاورة كل قرية مسؤولة عن إصلاح وترميم وصيانة نصيبها من جدران هذا المسجد وهذا معمول به إلي يوم الناس هذا . ولعل هذا هو السبب الذي منع الخراب أن يتطرق إليه , و لطمزين ككل القرى ركن خاص بها في هذا المسجد .
ملاحظـــــــــــــــــــات
توجد بعض الأسر في طمزين لا تنتمي إلي أي قبيلة من القبائل الثلاثة التي سبق ذكرها وهي
:
أسرة زمة
: هذه الأسرة التي يقال أنها وفدت من تدغت , و تدغت هذه تقع في رأس وادي شروس , بها آثار وغيران وحفريات تحت الأرض توجد إلي الآن وهي من ضواحي مدينة شروس , لا تبعد عنها كثيرا , ومما يؤكد أن الأسرة أصلها من هناك ما يوجد عندهم من الوثائق القديمة في بعض قطع الأرض هناك . واتخذت هذه الأسرة منزلها في طمزين وراء منزل الكوشليين ولا يفصل بين المنزلين إلا زقاقا ضيقا , ???? ??? ??? ??? ?? ???? ??? ?????? ??? ??? ???? ????????? ?? ??????? " ???? " ??? ??? .
إشاعة مكذوبة
:
يشاع أن أول من سكن طمزين الأزمام
, وهذه الإشاعة يكذبها الواقع حيث أنه في تلك العصور المظلمة عصور السلب والنهب والسرقة والتعدي علي الأموال والأرواح , لا يمكن أن تعيش أسرة واحدة مفردة في هذه القفار الموحشة .
أسرة اجميلة وأسرة الجريبي
هاتان الأسرتان لا تنتميان إلي أي قبيلة من القبائل الثلاثة السابقة الذكر
, هاتان الأسرتان لم نسمع عنهما شيئا , ولا ندري من أي مكان جاءتا . ولعلهم يعرفون ذلك وقديما قالوا " أهل مكة أدري بشعابها " والعلم لله .
أسرة علي بن صالح شهر الطمزيني
هذه الأسرة هاجرت من طمزين إلي جزيرة جربة واستوطنت حومة
" أَجِّيم " واتخذت منازلها قرب ميناء أجيم وهي معروفة إلي الآن , ولها أملاك في هذا البلد , أراضي وزيتون وتين ونخيل وغيرها باقية إلي الآن , يستغلونها عن طريق الوكالة وكان وكيلهم الأول يحي بن علي الخلاص , ثم ابنه أبو سعيد بن يحي ثم انتقلت الوكالة من هذه الأسرة إلي أسرة أخري تولاها الحاج سعيد اجميلة ثم ابنه صالح ولما توفي تولاها علي بن سالم اجميلة . وتدعي هذه الأسرة أن بين الأسرتين قرابة . والعلم لله .
أسرة الطمزيني في حومة
" قشعيين "
توجد أسرة أخري بجزيرة جربة في حومة
منقول عن موقع عبد الله شعبان جرودة