ندوة العمل الجمعوي بأولاد عبو
هذه الورقة أعدتها "جمعية عين جمعة" لتكون أرضية للنقاش في الندوة التي نظمتها بتاريخ 04 يوليو 2004 ودعت إليها مختلف الأطراف المتدخلة في الشأن الجمعوي بأولاد عبو لكن لم يكتب لها النجاح التام لعدم تلبية الأطراف الأساسية المعنية بالعمل الجمعوي للدعوة وعلى رأسهم المجلس البلدي، ومندوبية الثقافة، ومندوبية الشبيبة والرياضة.
ندوة العمل الجمعوي بأولاد عبو
تحت شعار من هنا نبدأ
تقديم:
إن العمل الجمعوي ضرورة ملحة وحاجة مجتمعية لا يمكن الاستغناء عنها في بناء أجيال المستقبل، وتبرز أهميته من خلال دوره الفعال ومنتوجه الضخم في المجال الاجتماعي والتربوي والثقافي.
وأهميته هذه تجعله في حاجة دائمة إلى رعاية وتقويم وتوجيه مستمر من أجل تحقيق أهدافه النبيلة وتحصيل ثماره اليانعة ومستحقا لكل الجهود المبذولة قصد الرقي به ليتبوأ المنزلة اللائقة به ويتمكن من مواجهة الصعوبات التي تعوق مسيرته.
أما بأولاد عبو، فإن نظرة متفحصة للعمل الجمعوي تبين أن ثمة اختلالات ومعيقات تؤثر سلبا عليه وتجعله متخلفا عن المستوى الراقي الذي بلغه في مناطق أخرى من بلادنا بل يكاد يكون عقيما رغم الجهود الكبيرة المبذولة والمبادرات الجادة لتكسير الجمود الذي يلفه.
لعل هذه الورقة تلقي الضوء على واقع العمل الجمعوي بأولاد عبو وتستكشفه من أجل تحديد الاختلالات والمشاكل التي تحد من فاعليته وتؤثر سلبا وبصورة واضحة على مردوديته وأدائه، ولو أنه من المستحيل الإحاطة بكل جوانب هذا الموضوع في هذه الورقة إلا أنها ستكون على الأقل أرضية تؤسس لفتح باب النقاش حوله ومتابعته في المستقبل في أفق تصحيحالاختلالات وسد الثغرات وتقويم الاعوجاج وهو ما تنعقد لأجله هذه الندوة.
الاختلالات:
اختلالات ومشاكل العمل الجمعوي بأولاد عبو كثيرة ومتنوعة، فالمتتبع لمسيرة هذا العمل في الوقت الحالي وعلى امتداد السنوات الماضية يرى أن إنتاجيته لا ترقى إلى مستوى أهمية الدور الذي يلعبه في مواجهة تحديات البناء والتقدم، ويرجع ذلك إلى الغياب الكلي للكفاءات المتطوعة من دوي المعرفة في الحقل الجمعوي وخاصة في مجال التربية الاجتماعية والطفولة والشباب.
قد يحاول البعض ربط هذا المشكل بغياب مبدأ التطوع والمشاركة من طرف أبناء المنطقة، لكن ذلك ما هو إلا مظهر من مظاهر ضعف المنتوج الجمعوي وعدم فعاليته. أما الأسباب الحقيقية لذلك منها:
· غياب الفضاءات المعدة والمهيئة لاحتضان الأنشطة الجمعوي في مختلف مجالات العمل الجمعوي ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
o دار شباب من الصنف الذي يتلاءم مع خصوصيات المنطقة ذات الطابع القروي والتي تتواجد بها ثلاث ثانويات وإعدادية وعشرات المدارس الابتدائية ويقدر عدد سكانها بعشرات الآلاف.
o قاعة متعددة الاستعمال (محاضرات، عروض مسرحية، ملتقيات ...).
o مكتبة بدار الشباب تتضمن مختلف المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في مختلف مجالات الحقل الجمعوي لمساعدةالمتطوعين لهذا العمل على التكوين الذاتي وتطوير أساليب اشتغالهم.
o ملاعب لمختلف الرياضات مجهزة بشكل جيد.
· غياب الكفاءات المدربة والمكونة في هذا الميدان وخصوصا في مجال التنشيط التربوي والثقافي الأمر الذي يؤثر سلبا على مردودية الجمعيات وعلى أسلوب عملها.
· ضعف الموارد الماليةبل انعدامها تقريبا بالنسبة لبعض الجمعيات. وهذا راجع لسببين:
1. غياب الاهتمام بالجمعيات من طرف المسؤولين على تدبير الشأن المحلي وخاصة المجالس الجماعية التي ظلت تنظر إلى العمل الجمعوي من نافذة الانتخابات واستغلاله لغايات بعيدة عن أهدافه النبيلة. فلم يسبق أن أثير موضوع الجمعيات ضمن برامج ومخططات أو حتى اهتمام تلك المجالس وإن كانت هذه الأخيرة هي الأقدر على النهوض بالعمل الجمعوي من خلال تمكين الجمعيات من مساهمات مالية تساعدها على ممارسة أنشطتها وتوفير البيئة الملائمة لممارسة عمل جمعوي جاد وهادف.
2. غياب قاعدة جمعوية فاعلة في هذا المجال وذات مساهمة فعلية في الحركة الجمعوية وذلك بسبب عزوف المواطن بهذه المنطقة عن الانخراط في الجمعيات بعد أن شوه المتطفلون والانتهازيون صورة العمل الجمعوي بممارسات مشينة وغير أخلاقية وهو ما أثر سلبا على عدد المنخرطين في الجمعيات وبالتالي على مدخولها المالي.
الحلول الممكنة:
لابد لحل مشاكل العمل الجمعوي بأولاد عبو من تضافر الجهود بين كل المتدخلين فيه من خلال برنامج مشترك وتدابير عملية تستند إلى منهجية مدروسة وواضحة يلتزم الجميع بملاءمة أنشطته وممارساته معها وإلا فإن أي حديث عن النهوض بالقطاع الجمعوي يبقى في نطاق التنظير ليس إلا.
ويمكن أن يشتمل هذا البرنامج على:
· توفير بنية تحتية مشتملة على العناصر اللازمة لخلق الفضاءات التي يتطلب العمل الجمعوي وجودها مثل دار الشباب من الصنف المناسب ومكتبات وقاعات متعددة التخصصات ... .
· مساعدة الجمعيات على ممارسة نشاطها في مجال التنشئة وخاصة المتعلقة بالأطفال واليافعين بطريقة سليمة وفعالة نظرا لقلة تجربتها في هذا الميدان، وتكون تلك المساعدة إما من خلال دورات تكوينية لفائدة مسيريها وأطرها أو من خلال تضاهرات دراسية أو إعلامية تمكنهم من المتابعة المستمرة لتطورات ومستجدات آليات وأساليب الممارسة الجمعوية وتنمية معارفهم ومداركهم في هذا المجال.
· مساعدة الجمعيات المحلية على ربط اتصالات مع ذوي الخبرة في الميدان وخاصة الجمعيات المحلية التي تنشط في مناطق لها نفس خصوصيات منطقة أولاد عبو ويكون لها تراكم مهم يمكن أن يفيد الجمعيات المحلية بأولاد عبو.
كما يجب على الجمعيات الرفع من مستوى أدائها بتقوية هياكلها التنظيمية ومن خلال العمل على تكوين قاعدة جمعوية مؤطرة تنظيميا وفكريا وتربويا وقادرة على الاطلاع بمسؤولياتها في هذا الميدان بطريقة جدية وسليمة.
كما يجب على القيمين على تدبير الشأن المحلي مساعدة الجمعيات على مواجهة المتطلبات المادية للعمل الجمعوي والعمل على إدراجه ضمن مخططاتها وبرامجها باعتبارها من الاهتمامات ذات الأولوية.
خلاصة:
إن مسؤولية النهوض بالعمل الجمعوي بأولاد عبو تبقى دائما مشاعة بين كافة المتدخلين فيه وخاصة المشرفين على تدبير الشأن المحلي بالنظر للاختصاصات المخولة لهم والإمكانيات الموضوعة رهن إشارتهم من جهة، ومن جهة أخرى لحاجة المنطقة الملحة إلى المنتوج الجمعوي لتحقيق التنمية بمختلف أبعادها أما ضعف إمكانياتها وقلة مواردها.
هذه، دون إعفاء باقي المتدخلين في القطاع من مسؤولياتهم الجسام في هذا الشأن.