مقتطفات
1 - كلمة (أنا) الغرور والأنانية نقول لها لا ...... و(أنا) المسئولية نقول لها نعم :
غريزة حب النفس أصيلة عليك أن تضعها تحت رقابتك وتتعهد بمتابعتك قبل أن تمرض وتتورم وتتضخم فيك غريزة حب النفس , إن الإنسان إذا تجاوز الحد فى الإحساس بنفسه ومضى فى تكبير شأنه وإعجابه بهواه وفى نفس الوقت راح يهون من أمر غيره فإنه يصبح محاصراً فى عالم خاص وقد أحاطه الغرور من كل جانب , وألقت أثرته بظلالها على الآخرين وما يلبث أن يردد قول أبليس وهو فى حال عصيانه لربه حينما أمره أن يسجد لآدم فأبى وقال " أنا خير منه" , أو يصرخ فى قومه كما صرخ فرعون من قبله "أنا ربكم الأعلى" .
إن للأنانية خطورتها التى تستوجب إنتزاع الأثرة من النفس والتحليق فى مجال أرحب , فحينما طرق الباب طارق ويسأل الرسول صلى الله عليه وصلم من ؟ ويسمع من يقول أنا , وهنا يبدى عليه السلام عدم ارتياحه ويقول (أنا , أنا , أنا) وكأنه كرهها كما يروى الحديث , أما أنا الأخرى فإنها تحلق بصاحبها إلى عالم الحق معلنة قبول تحمل التبعات الضخمة وعدم التهرب من المسئولية
"قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن إتبعنى " ويقف النبى عليه الصلاة والسلام فى ميدان القتال حينما أبتلى المسلمون معلناً " أنا النبى لا كذب , أنا ابن عبدالمطلب" وفى مرة أخرى يقول "أنى أخشاكم لله وأتقاكم ولكنى أصوم وأفطر وأقوم وأرقد وأتزوج النساء" أنا هنا ليست غروراً أو استعلاء ولكنها إعلان عن المصدر الذى يجب أن تؤخذ منه القدوة .
وقال نابليون فى منفاه بجزيرة القديسة هبلانه " لا أحد سواى مسئول عن هزيمتى لقد كنت أعظم عدو لنفسى أنا وحدى المسئول عما أصابنى" .
وقالها عبدالناصر يوم تنحيه فى التاسع من يونيو "أنا أتحمل المسئولية" وأنا هنا هى أنا المسئولية وليس الغرور , والشرائع السماوية والقيم الفاضلة تقضى أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك وأن تكون نافعاً لأمتك .
2 - أنا أقوى من الشجر , والحديد أقوى من الصخر , والنار أقوى من الحديد , والريح أقوى من النار , والإيمان أقوى من الريح المرسلة :
هذه العبارة مقتبسة من كمين الذكاء الذى أعده البعض للإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه وقد توجهوا إليه بسؤال " ما هى أعظم القوى فى الخليقة" ويجيب وهو ينظر إلى السماء كأنما يستقرئ سطور الصفحات التى تحيط به وقد وقفت به الأضواء عن الإيمان فى تصنيفه لقائمة القوى الشاملة , والإيمان ليس شعاراً يرفع أو كلمات جوفاء ينطق بها الحنجريون أو أناشيد يفتتح بها مراسم الإحتفالات , الإيمان هو الطريق المفتوح إلى القوى القاهر الذى بيده ملكوت كل شئ , بيده العمر فلا ينتهى بنقصان أو زيادة وهو الذى يحيى ويميت , " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" وبيده الخزائن وخزائنه لا تنفذ يعطى من يشاء ويمنع من يشاء , وحينما يعرف المرء هذه الحقيقة ويؤمن بها فإن الله سبحانه وتعالى يضيف إليه قوة لا يقف دونها شئ ركيزتها أنه لن يموت قبل حينه ولن يوجد بعد من يأكل من رزقه واليه البشرى "نصر من الله وفتح قريب" .
3 - حصادك من جنس ما زرعت , فازرع ما تحب أن تحصد , واعلم ان زارع الشوك لا يحصد
إلا الشوك :
درس قديم تعلمته الأجيال من واقع مشاهداتهم المتكررة فى حياتهم , وحرص الآباء أن يعلموا أبناءهم هذا الدرس فيؤكدون لهم من وقت لآخر أن النجاح تتويج لما سبق من بذل جهد وسهر , أما الذين يهملون غرسهم فإنهم واهمون وإذا ما ذهبوا للحصاد لا يجدون شيئا أو أن هذا الشئ هو من جنس ما زرعوا .
وإليكم هذه القصة التى يقول فيها الراوى أن أحد البنائين قرر إعتزال عمله ليستمتع بحياته الخاصة ويتفرغ لأسرته , ولما علم المقاول بهذا القرار طلب من البناء أن يؤجل إعتزاله حتى يبنى بيتاً واحداً آخر يكون ذكرى تعاونهما بعد إفتراقهما , وتحت ضغط المقاول وافق البناء على مضض وقد ظهر ذلك واضحاً فى تعجله من الأمر ولم يعبأ بجودة مواد البناء ويقال أن هذا البيت أسوأ ما بنى فى حياته , وكان سعيداً بأنه انتهى من البناء فى زمن قياسى غير عابئ بجودة أو صلابة المبنى , ويأتى المقاول ليرى ما انتهى إليه البناء , ويفاجأ البناء أن المقاول يعطيه مفتاحاً , وما هذا المفتاح إنه مفتاح المنزل الذى بناه ويوضح المقاول قصده بأن هذا البيت هو هدية تقاعدك جزاء وفاقا لما كنت عليه من إتقان وإخلاص فى فترة عملك .
وكانت الصدمة عنيفة للبناء وعلا وجهه الندم الشديد ولسان حاله يقول لو كنت أعلم بهذا القصد لأتقنت صنعتى وأحسنت صنيعى واستخدمت أرقى المواد وأغلاها وأقمته على أمتن أساس وتعلم الدرس جيداً أنه يحصد ما زرع وقد إنطبق عليه المثل القائل أنك لا تجنى من الشوك العنب .
4 - لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك أو تضع الهموم فى أمعائك :
من الناس من يحلو لهم أن يجتروا أحزان الماضى ويحملوا هموم الحاضر وتصيبهم الرعشة لما يتوهمون وقوعة فى المستقبل , يا لبؤس وشقاء هؤلاء مما يعانونه من أمراض العصر
(ضغط الدم وقرحة المعدة وأزمات نفسية) , وما كان الحزن أو الهم أو القلق مطلباً شرعياً ومغنماً إجتماعياً ولا سبيلاً للفرج .
وأوصانا أستاذ البشرية صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء " اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال" , وفى هذا الدعاء إشارة إلى مداخل للشيطان يفتك من خلالها بالإنسان الذى ينقاد له ولا يستعيذ من شروره .
من هنا ما أسعد من صفا قلبه وأراح باله وهدأ ضميره , ويدع الأمور تجرى فى أعنتها ولا ينام إلا خالى البال , وما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال .
صل نفسك بالله كاشف الغم فارج الهم وأذكر غيرك ممن حل بهم البلاء من قبلك كيف كانوا أقوياء فى محنهم وكم نجوا فى كل مرة ضاقت بهم السبل وتقطعت حياتهم .
وهذا عروة بن الزبير بترت رجله ومات ابنه فى يوم واحد فماذا قال ؟ قال اللهم لك الحمد إن كنت أخذت فقد أعطيت وإن كنت قد ابتليت فقد عافيت منحتنى أربعة أطراف وأخذت واحداً ومنحتنى أربعة أبناء وأخذت واحداً .
أود أن أقول لا تكتئب فإن الإكتئاب بوابة الإنتحار ولا تتشاءم ولا تصاحب متشائماً فإنك ان أريته زهرة يريك شوكها وان حدثته عن ضوء الشمس شكى من حرارتها ويحرم على نفسه تذوق حلاوة العسل لأنه علم أن شخصاً لسعه النحل , وعليك بالبسمة الدائمة لأنها دائما إيذانا بغروب شمس الأحزان والهموم والقلق .
5 - لك أذنان ولسان واحد , فاستمع أكثر ما تتكلم وعندما تتكلم تجنب عثرات اللسان :
جراحات اللسان لها التئام ........... ولا يلتئام ما جرح اللسان
لقد فاضل أهل الحكمة بين الصمت والكلام فقالوا إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب .
وقيل عن الصمت أنه نعم الصديق وأنه حكمة وقال معلم البشرية صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " , وتعالت حكمة الله تعالى وشاءت إرادته أن يجعل وسائل الإستقبال فى الإنسان مزدوجة هى الأذنان مع وسيلة واحدة للإرسال هى الفم , فعليك أن تعطى الأولوية للإستماع والإنصات إلى محدثك وتفهم ما يريد , فإذا جاء دورك فى الكلام كن هادئاً لبقاً حلو الحديث , ولا تكشف سراً أئتمنت عليه واعلم أنه ليس كل ما يعرف يقال ولا كل ما يقال جاء أوانه ولا كل ما جاء أوانه حضر شهوده , وسر فى حديثك مع صاحبك على التوصل إلى نتائج إيجابية بعيداً عن كل لغو أو جارحة تعكر صفاء العلاقة بين الطرفين .
6 - ربما تكون المحنة يوما منحة وربما تصبح البلوة عطية :
يحكى أن فلاحا عجوزا كان يعيش فى إحدى القرى رزقه الله إبنا وحيدا ويمتلك جوادا مميزا ينتقل به بين بيته ومزرعته وفى يوم من الأيام خرج الجواد ولم يعد واختفى عدة أيام , فجاء أهل القرية مواسين يقولون له إنها خسارة كبيرة حقا فنظر إليهم الفلاح فى هدوء واتزان وقال (ربما) , ومضى يومان وعاد بعدهما الجواد ومعة ثلاثة أجياد برية فتزاحم أهل القرية مهنئين ويقولون إنه شئ رائع حقاً فنظر إليهم الفلاح فى هدوء واتزان وقال (ربما) , وتمضى الأيام ويشاهد أهل القرية الإبن يمتطى أحد هذه الجياد وتغمره الفرحة والنشاط ثم رماه الجواد على الأرض فكسرت ساقه فجاء أهل القرية مواسين يقولون انه مصاب فادح فنظر إليهم الفلاح فى هدوء واتزان وقال (ربما) , ومرت الأيام وفاجأ أهل القرية قطاع طرق يهاجمون الشباب ويأسرونهم إلى بلادهم ولم ينجوا شاب إلا واحد فمن هو ؟ إنه الإبن الذى كسرت ساقه , لقد تركوه لإصابته فذهب أهل القرية مهنئين بإفلات الإبن من الأسرفقال الفلاح (ربما) .
هذه قصة من التراث الروحى الشرقى واضح مغزاها والذى يقرأه فى كتاب ربنا وهو الأعلم بخلقه وهو اللطيف الخبير "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون" .
ومن المفيد أن اشير إلى بعض الأمور التى فيها عزاء للمصابين بالإبتلاء :
# التعلق بالله والإيمان بقدره واليقين بأن مع العسر يسرا وأن الصابرين يوفون أجورهم بغير حساب .
# وجوب الشكر لله تعالى أن وقعت البلوة بصورة أسهل من غيرها .
# اليقين بأن الدنيا بما حملته تافهة .
ويرى أحد الصالحين بين فكى الأسد الذى ظن المشاهدون أنه سيلتهمه على الفور , ولكن الرجل فى منتهى الثبات بدا عليه أنه يفكر فلما أنجاه الله سئل فيما كنت تفكر قال كنت أفكر فى لعاب الأسد هل هو طاهر أم لا ؟ .
7 - أعط قبل أن تأخذ وقدم قبل أن تطلب :
غنى عن القول أن كل أمرئ ينبغى أن يفهم واجبه ويستعد لتحمل مسئولياته الملقاه على عاتقه مصحوبا ذلك ببذل كل ما أودع الله من طاقة فى جسده , وفى المقابل يصبح من حقه أن يطالب بما يستحقه وأن يأخذ ما قدر له .
بئس القوم الذين يطالبون قبل أن يقوموا بأداء واجباتهم وغايتهم أن يأخذوا ولم يعطوا بعد وفى مصافهم الذين يدفعهم الطمع أن يكتالوا لأنفسهم ويبخسوا حقوق غيرهم فيدخلون بذلك إلى كادر المطففين الذين قال الله فيهم "ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون" وليستمعوا وغيرهم من آكلى لحوم البشر ما يقوله الحق تبارك وتعالى بعد ذلك "ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين" .
8 - السعادة ليست قصوراً ولا كنوز قارون , وليست شيكات تصرف ولا عربات تشترى ولا وروداً تشم ولكنها من صنع أفكارك :
أخطأ الطريق من طلب سعادته عند جمع الأموال الطائلة أو بناء القصور الشاهقة أو المناصب العالية , إنه مخدوع بالسراب , إذا جاءه لم يجده شيئاً , والطريق إلى السعادة النفس وحدها وما تختاره من أفكار , فإذا اكتشفت ما ينقصك فاتجه إليها إملأها بالهمة والنشاط واستخرج منها أى كدر أو نكد وسرعان ما تحس بانتعاشك وزيادة قواك " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" , أرأيت السائل يتلون بلون الإناء الذى يحتويه كذلك الحياة تأخذ لونها البهيج أو المنقبض مما يدور فى نفسك فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط .
غريزة حب النفس أصيلة عليك أن تضعها تحت رقابتك وتتعهد بمتابعتك قبل أن تمرض وتتورم وتتضخم فيك غريزة حب النفس , إن الإنسان إذا تجاوز الحد فى الإحساس بنفسه ومضى فى تكبير شأنه وإعجابه بهواه وفى نفس الوقت راح يهون من أمر غيره فإنه يصبح محاصراً فى عالم خاص وقد أحاطه الغرور من كل جانب , وألقت أثرته بظلالها على الآخرين وما يلبث أن يردد قول أبليس وهو فى حال عصيانه لربه حينما أمره أن يسجد لآدم فأبى وقال " أنا خير منه" , أو يصرخ فى قومه كما صرخ فرعون من قبله "أنا ربكم الأعلى" .
إن للأنانية خطورتها التى تستوجب إنتزاع الأثرة من النفس والتحليق فى مجال أرحب , فحينما طرق الباب طارق ويسأل الرسول صلى الله عليه وصلم من ؟ ويسمع من يقول أنا , وهنا يبدى عليه السلام عدم ارتياحه ويقول (أنا , أنا , أنا) وكأنه كرهها كما يروى الحديث , أما أنا الأخرى فإنها تحلق بصاحبها إلى عالم الحق معلنة قبول تحمل التبعات الضخمة وعدم التهرب من المسئولية
"قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن إتبعنى " ويقف النبى عليه الصلاة والسلام فى ميدان القتال حينما أبتلى المسلمون معلناً " أنا النبى لا كذب , أنا ابن عبدالمطلب" وفى مرة أخرى يقول "أنى أخشاكم لله وأتقاكم ولكنى أصوم وأفطر وأقوم وأرقد وأتزوج النساء" أنا هنا ليست غروراً أو استعلاء ولكنها إعلان عن المصدر الذى يجب أن تؤخذ منه القدوة .
وقال نابليون فى منفاه بجزيرة القديسة هبلانه " لا أحد سواى مسئول عن هزيمتى لقد كنت أعظم عدو لنفسى أنا وحدى المسئول عما أصابنى" .
وقالها عبدالناصر يوم تنحيه فى التاسع من يونيو "أنا أتحمل المسئولية" وأنا هنا هى أنا المسئولية وليس الغرور , والشرائع السماوية والقيم الفاضلة تقضى أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك وأن تكون نافعاً لأمتك .
2 - أنا أقوى من الشجر , والحديد أقوى من الصخر , والنار أقوى من الحديد , والريح أقوى من النار , والإيمان أقوى من الريح المرسلة :
هذه العبارة مقتبسة من كمين الذكاء الذى أعده البعض للإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه وقد توجهوا إليه بسؤال " ما هى أعظم القوى فى الخليقة" ويجيب وهو ينظر إلى السماء كأنما يستقرئ سطور الصفحات التى تحيط به وقد وقفت به الأضواء عن الإيمان فى تصنيفه لقائمة القوى الشاملة , والإيمان ليس شعاراً يرفع أو كلمات جوفاء ينطق بها الحنجريون أو أناشيد يفتتح بها مراسم الإحتفالات , الإيمان هو الطريق المفتوح إلى القوى القاهر الذى بيده ملكوت كل شئ , بيده العمر فلا ينتهى بنقصان أو زيادة وهو الذى يحيى ويميت , " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" وبيده الخزائن وخزائنه لا تنفذ يعطى من يشاء ويمنع من يشاء , وحينما يعرف المرء هذه الحقيقة ويؤمن بها فإن الله سبحانه وتعالى يضيف إليه قوة لا يقف دونها شئ ركيزتها أنه لن يموت قبل حينه ولن يوجد بعد من يأكل من رزقه واليه البشرى "نصر من الله وفتح قريب" .
3 - حصادك من جنس ما زرعت , فازرع ما تحب أن تحصد , واعلم ان زارع الشوك لا يحصد
إلا الشوك :
درس قديم تعلمته الأجيال من واقع مشاهداتهم المتكررة فى حياتهم , وحرص الآباء أن يعلموا أبناءهم هذا الدرس فيؤكدون لهم من وقت لآخر أن النجاح تتويج لما سبق من بذل جهد وسهر , أما الذين يهملون غرسهم فإنهم واهمون وإذا ما ذهبوا للحصاد لا يجدون شيئا أو أن هذا الشئ هو من جنس ما زرعوا .
وإليكم هذه القصة التى يقول فيها الراوى أن أحد البنائين قرر إعتزال عمله ليستمتع بحياته الخاصة ويتفرغ لأسرته , ولما علم المقاول بهذا القرار طلب من البناء أن يؤجل إعتزاله حتى يبنى بيتاً واحداً آخر يكون ذكرى تعاونهما بعد إفتراقهما , وتحت ضغط المقاول وافق البناء على مضض وقد ظهر ذلك واضحاً فى تعجله من الأمر ولم يعبأ بجودة مواد البناء ويقال أن هذا البيت أسوأ ما بنى فى حياته , وكان سعيداً بأنه انتهى من البناء فى زمن قياسى غير عابئ بجودة أو صلابة المبنى , ويأتى المقاول ليرى ما انتهى إليه البناء , ويفاجأ البناء أن المقاول يعطيه مفتاحاً , وما هذا المفتاح إنه مفتاح المنزل الذى بناه ويوضح المقاول قصده بأن هذا البيت هو هدية تقاعدك جزاء وفاقا لما كنت عليه من إتقان وإخلاص فى فترة عملك .
وكانت الصدمة عنيفة للبناء وعلا وجهه الندم الشديد ولسان حاله يقول لو كنت أعلم بهذا القصد لأتقنت صنعتى وأحسنت صنيعى واستخدمت أرقى المواد وأغلاها وأقمته على أمتن أساس وتعلم الدرس جيداً أنه يحصد ما زرع وقد إنطبق عليه المثل القائل أنك لا تجنى من الشوك العنب .
4 - لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك أو تضع الهموم فى أمعائك :
من الناس من يحلو لهم أن يجتروا أحزان الماضى ويحملوا هموم الحاضر وتصيبهم الرعشة لما يتوهمون وقوعة فى المستقبل , يا لبؤس وشقاء هؤلاء مما يعانونه من أمراض العصر
(ضغط الدم وقرحة المعدة وأزمات نفسية) , وما كان الحزن أو الهم أو القلق مطلباً شرعياً ومغنماً إجتماعياً ولا سبيلاً للفرج .
وأوصانا أستاذ البشرية صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء " اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال" , وفى هذا الدعاء إشارة إلى مداخل للشيطان يفتك من خلالها بالإنسان الذى ينقاد له ولا يستعيذ من شروره .
من هنا ما أسعد من صفا قلبه وأراح باله وهدأ ضميره , ويدع الأمور تجرى فى أعنتها ولا ينام إلا خالى البال , وما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال .
صل نفسك بالله كاشف الغم فارج الهم وأذكر غيرك ممن حل بهم البلاء من قبلك كيف كانوا أقوياء فى محنهم وكم نجوا فى كل مرة ضاقت بهم السبل وتقطعت حياتهم .
وهذا عروة بن الزبير بترت رجله ومات ابنه فى يوم واحد فماذا قال ؟ قال اللهم لك الحمد إن كنت أخذت فقد أعطيت وإن كنت قد ابتليت فقد عافيت منحتنى أربعة أطراف وأخذت واحداً ومنحتنى أربعة أبناء وأخذت واحداً .
أود أن أقول لا تكتئب فإن الإكتئاب بوابة الإنتحار ولا تتشاءم ولا تصاحب متشائماً فإنك ان أريته زهرة يريك شوكها وان حدثته عن ضوء الشمس شكى من حرارتها ويحرم على نفسه تذوق حلاوة العسل لأنه علم أن شخصاً لسعه النحل , وعليك بالبسمة الدائمة لأنها دائما إيذانا بغروب شمس الأحزان والهموم والقلق .
5 - لك أذنان ولسان واحد , فاستمع أكثر ما تتكلم وعندما تتكلم تجنب عثرات اللسان :
جراحات اللسان لها التئام ........... ولا يلتئام ما جرح اللسان
لقد فاضل أهل الحكمة بين الصمت والكلام فقالوا إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب .
وقيل عن الصمت أنه نعم الصديق وأنه حكمة وقال معلم البشرية صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " , وتعالت حكمة الله تعالى وشاءت إرادته أن يجعل وسائل الإستقبال فى الإنسان مزدوجة هى الأذنان مع وسيلة واحدة للإرسال هى الفم , فعليك أن تعطى الأولوية للإستماع والإنصات إلى محدثك وتفهم ما يريد , فإذا جاء دورك فى الكلام كن هادئاً لبقاً حلو الحديث , ولا تكشف سراً أئتمنت عليه واعلم أنه ليس كل ما يعرف يقال ولا كل ما يقال جاء أوانه ولا كل ما جاء أوانه حضر شهوده , وسر فى حديثك مع صاحبك على التوصل إلى نتائج إيجابية بعيداً عن كل لغو أو جارحة تعكر صفاء العلاقة بين الطرفين .
6 - ربما تكون المحنة يوما منحة وربما تصبح البلوة عطية :
يحكى أن فلاحا عجوزا كان يعيش فى إحدى القرى رزقه الله إبنا وحيدا ويمتلك جوادا مميزا ينتقل به بين بيته ومزرعته وفى يوم من الأيام خرج الجواد ولم يعد واختفى عدة أيام , فجاء أهل القرية مواسين يقولون له إنها خسارة كبيرة حقا فنظر إليهم الفلاح فى هدوء واتزان وقال (ربما) , ومضى يومان وعاد بعدهما الجواد ومعة ثلاثة أجياد برية فتزاحم أهل القرية مهنئين ويقولون إنه شئ رائع حقاً فنظر إليهم الفلاح فى هدوء واتزان وقال (ربما) , وتمضى الأيام ويشاهد أهل القرية الإبن يمتطى أحد هذه الجياد وتغمره الفرحة والنشاط ثم رماه الجواد على الأرض فكسرت ساقه فجاء أهل القرية مواسين يقولون انه مصاب فادح فنظر إليهم الفلاح فى هدوء واتزان وقال (ربما) , ومرت الأيام وفاجأ أهل القرية قطاع طرق يهاجمون الشباب ويأسرونهم إلى بلادهم ولم ينجوا شاب إلا واحد فمن هو ؟ إنه الإبن الذى كسرت ساقه , لقد تركوه لإصابته فذهب أهل القرية مهنئين بإفلات الإبن من الأسرفقال الفلاح (ربما) .
هذه قصة من التراث الروحى الشرقى واضح مغزاها والذى يقرأه فى كتاب ربنا وهو الأعلم بخلقه وهو اللطيف الخبير "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون" .
ومن المفيد أن اشير إلى بعض الأمور التى فيها عزاء للمصابين بالإبتلاء :
# التعلق بالله والإيمان بقدره واليقين بأن مع العسر يسرا وأن الصابرين يوفون أجورهم بغير حساب .
# وجوب الشكر لله تعالى أن وقعت البلوة بصورة أسهل من غيرها .
# اليقين بأن الدنيا بما حملته تافهة .
ويرى أحد الصالحين بين فكى الأسد الذى ظن المشاهدون أنه سيلتهمه على الفور , ولكن الرجل فى منتهى الثبات بدا عليه أنه يفكر فلما أنجاه الله سئل فيما كنت تفكر قال كنت أفكر فى لعاب الأسد هل هو طاهر أم لا ؟ .
7 - أعط قبل أن تأخذ وقدم قبل أن تطلب :
غنى عن القول أن كل أمرئ ينبغى أن يفهم واجبه ويستعد لتحمل مسئولياته الملقاه على عاتقه مصحوبا ذلك ببذل كل ما أودع الله من طاقة فى جسده , وفى المقابل يصبح من حقه أن يطالب بما يستحقه وأن يأخذ ما قدر له .
بئس القوم الذين يطالبون قبل أن يقوموا بأداء واجباتهم وغايتهم أن يأخذوا ولم يعطوا بعد وفى مصافهم الذين يدفعهم الطمع أن يكتالوا لأنفسهم ويبخسوا حقوق غيرهم فيدخلون بذلك إلى كادر المطففين الذين قال الله فيهم "ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون" وليستمعوا وغيرهم من آكلى لحوم البشر ما يقوله الحق تبارك وتعالى بعد ذلك "ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين" .
8 - السعادة ليست قصوراً ولا كنوز قارون , وليست شيكات تصرف ولا عربات تشترى ولا وروداً تشم ولكنها من صنع أفكارك :
أخطأ الطريق من طلب سعادته عند جمع الأموال الطائلة أو بناء القصور الشاهقة أو المناصب العالية , إنه مخدوع بالسراب , إذا جاءه لم يجده شيئاً , والطريق إلى السعادة النفس وحدها وما تختاره من أفكار , فإذا اكتشفت ما ينقصك فاتجه إليها إملأها بالهمة والنشاط واستخرج منها أى كدر أو نكد وسرعان ما تحس بانتعاشك وزيادة قواك " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" , أرأيت السائل يتلون بلون الإناء الذى يحتويه كذلك الحياة تأخذ لونها البهيج أو المنقبض مما يدور فى نفسك فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط .