التوسل بالاولياء والصالحين
* التوسل في الاسلام*
///////////////////////////////////////
تعد مسألة (التوسل) من المسائل الكلامية التي وقعت محل كلامٍ وخلافٍ بين المذاهب الإسلامية. وهي من المسائل الهامة التي لا بد من الوقوف عليها لارتباطها بالعقيدة والتوحيد من جهة، وبالعبادة من جهة أخرى. ولهذا كان من الضروري الوقوف على ما اختاره الإمامية بالدليل والبرهان، مضافاً إلى الوقوف على آراء وأقوال بقية المذاهب الإسلامية وملاحظتها.
التوسّل هو التقرّبُ . توسّلت إلى فلان بكتاب أو قرابة، أي تقربتُ به إليه. أي أن التوسل هو اتخاذ طريق للتقرب
لا يخفى أن الكلام في التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين. وقبل أن نتعرض إلى أدلة التوسل ومشروعيته، يجدر بنا أن ننقل مجمل الآراء التي وردت بشأن التوسل جوازاً ومنعاً. حيث يمكن أن نلخص الآراء التي جاءت في التوسل في ثلاثة آراء. رأيٌ قائلٌ بالمنع مطلقاُ، ورأيٌ قائل بالجواز مطلقاً، ورأي قائلٌ بالتفصيل بين حالة الحياة وحالة الممات.
الرأي الأول: المنع من التوسل:
وقال به الألباني واعتبره من الضلال في كتابه( التوسل، أنواعه، أحكامه) وقال في مقدمة (شرح الطحاوية)[1][1] إن مسألة التوسل ليست من مسائل العقيدة.
ومن القائلين بالمنع محمد بن عبد الوهاب، حيث يقول" إذا قال لك بعض المشركين (إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) أو أن الشفاعة حق، أو أن الأنبياء لهم جاه عند الله أو ذكر كلاماً للنبي يستدل به على باطله( يعني الشفاعة و..) وأنت لا تفهم (أي لا تقدر على جوابه) فجوابه بقولك: إن الله ذكر في كتابه إن الذين في قلبوهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه" [2][2]
ومن القائلين بالمنع عبد العزيز بن باز، حيث يقول: (من سأل النبي وطلب منه الشفاعة فقد نقض إسلامه"[3][3]
الرأي الثاني: القول بالجواز:
وذهب إليه الشوكاني الزيدي فقد أجاز التوسل في كتابه (تحفة الذاكرين) بقوله: " ويتوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأنبيائه الصالحين"[4][4]
ونقل ابن تيمية عن أحمد بن حنبل في (منسك المروزي) التوسل بالنبي (ص) والدعاء عنده. ونقل ذلك أيضاً عن ابن أبي الدنيا والبيهقي والطبراني بطرق عديدة شهد لها بالصحة.[5][5]
ومن القائلين بالجواز، الإمام الشافعي، فقد قال: "إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره كل يوم، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد أن تقضى"[6][6]
أما الشيعة الإمامية فقد قالوا: بجواز التوسل بالنبي (ص) والأئمة (ع) في قضاء الحوائج وتفريج الكرب بعد موتهم، كما يجوز حال حياتهم، لعدم كون ذلك من خطاب المعدوم أولاً، ولا كونه شركاً ثانياً.[7] [7]
الرأي الثالث: التفصيل بين أنواع التوسل
وهذا الرأي لابن تيمية لكننا نجده في مسألة التوسل مضطرب الرأي، فهو بين النكران مرة والجواز أخرى والتقسيم ثالثة. ففي معرض تقسيمه لصور التوسل قد أباح اثنتين وحرم الثالثة. قال: لفظ التوسل يُراد به ثلاثة معانٍ:
أحدها: التوسل بطاعة النبي والإيمان به. وهذا هو أصل الإيمان والإسلام ومن أنكره، فكفره ظاهر للخاصة والعامة.
والثاني: التوسل بدعائه وشفاعته- أي أن النبي هنا هو الذي يدعو ويشفع مباشرة- وهذا كان في حياته، ويكون يوم القيامة حيث يتوسلون بشفاعته. ومن أنكر هذا فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتداً.
والثالث: التوسل بشفاعته بعد موته، والإقسام على الله بذاته وهذا من البدع المُحدثة.[8][8]
ولا يخفى أن الحاصل في كلام ابن تيمية من هذه الصور الثلاثة: أنه يجيز التوسل في حال حياة الرسول (ص) أما بعدها فالأمر عنده من البدع المحدثة.
صور التوسل
إن التوسل في القرآن الكريم له صور عديدة، منها التوسل بأسماء الله الحسنى، ومنها التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة، وهذه الصور خارجة عن محل الكلام إذ لا خلاف عند المسلمين على رجحانها، إلا أنه يبقى الكلام في شأن المفردات التالية:
1. التوسل من خلال طلب الشفاعة والدعاء من الأنبياء والصالحين أنفسهم.
2. التوسل بحق الصالحين وحرمتهم ومنزلتهم. والمتتبع لسيرة المسلمين سيجدها حافلة بهذا النوع من التوسل، أي أنهم يتوسلون بمنازل الصالحين وحرمتهم عند الله وحقهم عليه، وهذا ما يأتي تفصيله فيما يلي:
أدلة جواز التوسل:
ولتدليل على مشروعية التوسل بالأنبياء والصالحين، يمكن التدليل عليه بالآيات القرآنية، والروايات، مضافاً إلى سيرة المسلمين أثناء حياة الرسول الأعظم(ص) وبعد مماته الدالة على ذلك.
أولاً: جواز التوسل في القرآن الكريم
أقر الأنبياء والصالحون حقيقة التوسل كعبادة مشروعة لا غبار عليها، وقد نقل لنا القرآن الكريم الكثير من الموارد التي توسل فيها الناس بالأنبياء والأولياء تقرباً إلى الله تعالى، وكانت تتحقق فيما بعد دعواتهم وتستجاب طلباتهم. فمن هذه الموارد المنصوص عليها في الكاتب الكريم.
1. قال تعال: (وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله) هنا نجد أن الناس قد توسلوا بعيسى (ع) لكن هذا التوسل لم يكن ناشئاً لاعتقادهم بأن لعيسى قدرة غير القدرة الإلهية، وإنما هي قدرة في طول قدرة الله.
.2 قال تعالى: ( قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا) إن أبناء يعقوب لم يطلبوا المغفرة من يعقوب بمعزل عن القدرة الإلهية، وإنما جعلوا يعقوب (ع) واسطة في طلب المغفرة بسبب كونه مقرباً وذا جاه عنده سبحانه. وهذا واضح من خلال جواب يعقوب لأبنائه( قال سوف استغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) 3قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا).
وتشير الآية إلى مقبولية استغفار رسول الله (ص) للمسلمين التائبين لأن لرسول الله (ص) جاهاً عظيماً عند الله سبحانه. وتؤكد في نفس الوقت أهمية مجيئ أبناء الأمة المسلمة لرسول الله(ص) من أجل طلب المغفرة لهم.
ثانياً: التوسل في الأحاديث النبوية:
وردت عدة أحاديث تدل على جواز التوسل بالنبي (ص) أو بالأولياء والصالحين.
عن عثمان بن حنيف أنه قال: إن رجلاً ضريراً أتى النبي (ص) فقال له أدعُ الله لي أن يعافيني.
فقال(ص): إن شئت أخرت لك وهو خير، وإن شئت دعوت. فقال: ادعُه، فأمره أن يتوضاً فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة. يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى. اللهم فشفعه في".[9][9]
وهذا الحديث لا إشكال في صحته حتى أن ابن تيمية اعتبره صحيحاً وقال: بأن المقصود من أبي جعفر الموجود في سند الحديث هو أبو جعفر الخطمي وهو ثقة. وقد أورد هذا الحديث النسائي والبيهقي والطبراني والترمذي والحاكم في مستدركه.
وبهذا الحديث تتأكد مشروعية التوسل، حيث نجد رسول الله (ص) قد علم الرجل الضرير كيف يتوسل إلى الله بنبيه نبي الرحمة، ويشفعه لقضاء حاجته، والمقصود بالنبي هو نفس النبي لا دعاؤه، والتوجه إلى الله بجاه النبي ووسيلته.
وقد وردت في كتب العامة روايات عدة تدل على مشروعية التوسل، وقد أعرضنا عنها للاختصار.
ثالثاً: التوسل في سيرة المسلمين:
لقد جرت سيرة المسلمين أثناء حياة الرسول (ص) وبعد مماته على التوسل بالرسول(ص) وبأولياء الله والاستشفاع بمنزلتهم عنده، وفي ما يلي نماذج من تلك السيرة:
أا- إن أبا بكر بعد ما توفي رسول الله، قال: (اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن في بالك)[10][10]ب- قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن موسى النعماني في كتاب مصباح الظلام: إن الحافظ أبا سعيد السمعاني ذكر فيما روينا عنه عن علي بن أبي طالب عليه السلام، أنه قال: " قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله(ص) بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبي(ص) وحثا من ترابه على رأسه، وقال يا رسول الله، قلت فسمعنا قولك، ووعين عن الله سبحانه ووعينا عنك، وكان فيما أنزل (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله..) وقد ظلمت نفسي، وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر: إنه قد غفر لك" [11][11]
ت- جاء في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، وقال: اللهم كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون)[12][12]
///////////////////////////////////////
تعد مسألة (التوسل) من المسائل الكلامية التي وقعت محل كلامٍ وخلافٍ بين المذاهب الإسلامية. وهي من المسائل الهامة التي لا بد من الوقوف عليها لارتباطها بالعقيدة والتوحيد من جهة، وبالعبادة من جهة أخرى. ولهذا كان من الضروري الوقوف على ما اختاره الإمامية بالدليل والبرهان، مضافاً إلى الوقوف على آراء وأقوال بقية المذاهب الإسلامية وملاحظتها.
التوسّل هو التقرّبُ . توسّلت إلى فلان بكتاب أو قرابة، أي تقربتُ به إليه. أي أن التوسل هو اتخاذ طريق للتقرب
لا يخفى أن الكلام في التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين. وقبل أن نتعرض إلى أدلة التوسل ومشروعيته، يجدر بنا أن ننقل مجمل الآراء التي وردت بشأن التوسل جوازاً ومنعاً. حيث يمكن أن نلخص الآراء التي جاءت في التوسل في ثلاثة آراء. رأيٌ قائلٌ بالمنع مطلقاُ، ورأيٌ قائل بالجواز مطلقاً، ورأي قائلٌ بالتفصيل بين حالة الحياة وحالة الممات.
الرأي الأول: المنع من التوسل:
وقال به الألباني واعتبره من الضلال في كتابه( التوسل، أنواعه، أحكامه) وقال في مقدمة (شرح الطحاوية)[1][1] إن مسألة التوسل ليست من مسائل العقيدة.
ومن القائلين بالمنع محمد بن عبد الوهاب، حيث يقول" إذا قال لك بعض المشركين (إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) أو أن الشفاعة حق، أو أن الأنبياء لهم جاه عند الله أو ذكر كلاماً للنبي يستدل به على باطله( يعني الشفاعة و..) وأنت لا تفهم (أي لا تقدر على جوابه) فجوابه بقولك: إن الله ذكر في كتابه إن الذين في قلبوهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه" [2][2]
ومن القائلين بالمنع عبد العزيز بن باز، حيث يقول: (من سأل النبي وطلب منه الشفاعة فقد نقض إسلامه"[3][3]
الرأي الثاني: القول بالجواز:
وذهب إليه الشوكاني الزيدي فقد أجاز التوسل في كتابه (تحفة الذاكرين) بقوله: " ويتوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأنبيائه الصالحين"[4][4]
ونقل ابن تيمية عن أحمد بن حنبل في (منسك المروزي) التوسل بالنبي (ص) والدعاء عنده. ونقل ذلك أيضاً عن ابن أبي الدنيا والبيهقي والطبراني بطرق عديدة شهد لها بالصحة.[5][5]
ومن القائلين بالجواز، الإمام الشافعي، فقد قال: "إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره كل يوم، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد أن تقضى"[6][6]
أما الشيعة الإمامية فقد قالوا: بجواز التوسل بالنبي (ص) والأئمة (ع) في قضاء الحوائج وتفريج الكرب بعد موتهم، كما يجوز حال حياتهم، لعدم كون ذلك من خطاب المعدوم أولاً، ولا كونه شركاً ثانياً.[7] [7]
الرأي الثالث: التفصيل بين أنواع التوسل
وهذا الرأي لابن تيمية لكننا نجده في مسألة التوسل مضطرب الرأي، فهو بين النكران مرة والجواز أخرى والتقسيم ثالثة. ففي معرض تقسيمه لصور التوسل قد أباح اثنتين وحرم الثالثة. قال: لفظ التوسل يُراد به ثلاثة معانٍ:
أحدها: التوسل بطاعة النبي والإيمان به. وهذا هو أصل الإيمان والإسلام ومن أنكره، فكفره ظاهر للخاصة والعامة.
والثاني: التوسل بدعائه وشفاعته- أي أن النبي هنا هو الذي يدعو ويشفع مباشرة- وهذا كان في حياته، ويكون يوم القيامة حيث يتوسلون بشفاعته. ومن أنكر هذا فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتداً.
والثالث: التوسل بشفاعته بعد موته، والإقسام على الله بذاته وهذا من البدع المُحدثة.[8][8]
ولا يخفى أن الحاصل في كلام ابن تيمية من هذه الصور الثلاثة: أنه يجيز التوسل في حال حياة الرسول (ص) أما بعدها فالأمر عنده من البدع المحدثة.
صور التوسل
إن التوسل في القرآن الكريم له صور عديدة، منها التوسل بأسماء الله الحسنى، ومنها التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة، وهذه الصور خارجة عن محل الكلام إذ لا خلاف عند المسلمين على رجحانها، إلا أنه يبقى الكلام في شأن المفردات التالية:
1. التوسل من خلال طلب الشفاعة والدعاء من الأنبياء والصالحين أنفسهم.
2. التوسل بحق الصالحين وحرمتهم ومنزلتهم. والمتتبع لسيرة المسلمين سيجدها حافلة بهذا النوع من التوسل، أي أنهم يتوسلون بمنازل الصالحين وحرمتهم عند الله وحقهم عليه، وهذا ما يأتي تفصيله فيما يلي:
أدلة جواز التوسل:
ولتدليل على مشروعية التوسل بالأنبياء والصالحين، يمكن التدليل عليه بالآيات القرآنية، والروايات، مضافاً إلى سيرة المسلمين أثناء حياة الرسول الأعظم(ص) وبعد مماته الدالة على ذلك.
أولاً: جواز التوسل في القرآن الكريم
أقر الأنبياء والصالحون حقيقة التوسل كعبادة مشروعة لا غبار عليها، وقد نقل لنا القرآن الكريم الكثير من الموارد التي توسل فيها الناس بالأنبياء والأولياء تقرباً إلى الله تعالى، وكانت تتحقق فيما بعد دعواتهم وتستجاب طلباتهم. فمن هذه الموارد المنصوص عليها في الكاتب الكريم.
1. قال تعال: (وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله) هنا نجد أن الناس قد توسلوا بعيسى (ع) لكن هذا التوسل لم يكن ناشئاً لاعتقادهم بأن لعيسى قدرة غير القدرة الإلهية، وإنما هي قدرة في طول قدرة الله.
.2 قال تعالى: ( قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا) إن أبناء يعقوب لم يطلبوا المغفرة من يعقوب بمعزل عن القدرة الإلهية، وإنما جعلوا يعقوب (ع) واسطة في طلب المغفرة بسبب كونه مقرباً وذا جاه عنده سبحانه. وهذا واضح من خلال جواب يعقوب لأبنائه( قال سوف استغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) 3قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا).
وتشير الآية إلى مقبولية استغفار رسول الله (ص) للمسلمين التائبين لأن لرسول الله (ص) جاهاً عظيماً عند الله سبحانه. وتؤكد في نفس الوقت أهمية مجيئ أبناء الأمة المسلمة لرسول الله(ص) من أجل طلب المغفرة لهم.
ثانياً: التوسل في الأحاديث النبوية:
وردت عدة أحاديث تدل على جواز التوسل بالنبي (ص) أو بالأولياء والصالحين.
عن عثمان بن حنيف أنه قال: إن رجلاً ضريراً أتى النبي (ص) فقال له أدعُ الله لي أن يعافيني.
فقال(ص): إن شئت أخرت لك وهو خير، وإن شئت دعوت. فقال: ادعُه، فأمره أن يتوضاً فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة. يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى. اللهم فشفعه في".[9][9]
وهذا الحديث لا إشكال في صحته حتى أن ابن تيمية اعتبره صحيحاً وقال: بأن المقصود من أبي جعفر الموجود في سند الحديث هو أبو جعفر الخطمي وهو ثقة. وقد أورد هذا الحديث النسائي والبيهقي والطبراني والترمذي والحاكم في مستدركه.
وبهذا الحديث تتأكد مشروعية التوسل، حيث نجد رسول الله (ص) قد علم الرجل الضرير كيف يتوسل إلى الله بنبيه نبي الرحمة، ويشفعه لقضاء حاجته، والمقصود بالنبي هو نفس النبي لا دعاؤه، والتوجه إلى الله بجاه النبي ووسيلته.
وقد وردت في كتب العامة روايات عدة تدل على مشروعية التوسل، وقد أعرضنا عنها للاختصار.
ثالثاً: التوسل في سيرة المسلمين:
لقد جرت سيرة المسلمين أثناء حياة الرسول (ص) وبعد مماته على التوسل بالرسول(ص) وبأولياء الله والاستشفاع بمنزلتهم عنده، وفي ما يلي نماذج من تلك السيرة:
أا- إن أبا بكر بعد ما توفي رسول الله، قال: (اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن في بالك)[10][10]ب- قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن موسى النعماني في كتاب مصباح الظلام: إن الحافظ أبا سعيد السمعاني ذكر فيما روينا عنه عن علي بن أبي طالب عليه السلام، أنه قال: " قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله(ص) بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبي(ص) وحثا من ترابه على رأسه، وقال يا رسول الله، قلت فسمعنا قولك، ووعين عن الله سبحانه ووعينا عنك، وكان فيما أنزل (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله..) وقد ظلمت نفسي، وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر: إنه قد غفر لك" [11][11]
ت- جاء في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، وقال: اللهم كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون)[12][12]