جماعة السهول بين الماضي والحاضر
×××××
من قلب المغرب النافع وعلى بعد 11 كلم من مدينة سلا تقع جماعة السهول عدد سكانها حوالي 22 الف نسمة , يعتمدون على الزراعة وتربية المواشي وتعتبر جماعة فقيرة ويعانون من التهميش والاقصاء على صعيد الولاية , منذ سنين يعاني سكانها الامرين بعد ان انقطعت عنهم كل المسالك او اصبحت غير صالحة ,اطفال هُجرت اقسامهم الدراسية فلاحون بارت فلاحتهم ووجدوا انفسهم بلا مصدر قوتهم ,نظرا الى طول المسافة التي اصبحت تفصلهم عن المدينة ووعورة المسالك , وبذلك تحول سد سيدي محمد بن عبد الله الى لعنة يومية تلقي بظلالها على الساكنة او حاجزا منيعا لتسويق منتجاتهم الفلاحية واضحوا يحسبون الف حساب لعبور الى الضفة الاخرى ,وتبخرت احلام اطفال الدواوير من حقهم في التعليم أو ولوج المعاهد العليا أوكبريات الكليات التي لا تفصلها عنهم وفق منطق الجغرفيا إلا 15 كلمترات عن العاصمة الرباط ووجدوا انفسهم مجبرين على عدم التمدرس نظرا الى العزلة التي تعانيها هذه الجهة من منطقة السهول.
فبعد ان اقدمت السلطات في وقت سابق ,اي سنة 1972 من بناء سد سيدي محمد بن عبدالله للاستفاذة من نهر ابي رقراق , تم عزل منطقة السهول الجنوبية وبالضبط -باولاد جابر- بالنقطة الكليمترية 11 على الطريق الثانوية رقم 204 سابقا الرابطة بين مدينة سلا ومولاي ادريس اغبال (اقليم لخميسات) شهر فبراير 1974 ومنذ ذلك الحين اصبحت منطقة السهول تعرف تراجعا في التنمية لما تعانيه من عزلة.
وكنوع من المعونة البسيطة قدمت السلطات لاقتناء عَبارة (بركاصة) - مستعملة - لنقل الساكنة من ضفة الى اخرى , لكنها في غالب الاحيان كانت تظل رابضة على مياه البحير لاسابيع لكثرت الاعطاب, نظرا الى تقادمها وتهالكها ,و لم تعد صالحة منذ سنة1992 مما ادي الى ظهور قوارب صغيرة لنقل الساكنة التي بدورها إندثرت بعد تعلية السد وطول مسافة عرض مياه بحيرة السد اوالتي أصبحت تشكل اقصى خطورة لسلامة عبورالساكنة.
لم تعرف الطرق بالسهول الى اية صيانة وأعتبرت المنطقة منطقة منسية بوطننا الحبيب, فالطريق الثانوية رقم 204 الرابطة بين مدينة سلا في اتجاه مولاي ادريس اغبال (اقليم لخميسات) التي تخترق جماعة السهول بطول 42 كلم والتي تعتبر صلة وصل بين كل الدواوير والمدينة , فحالة هذه الطريق يستحيل السير عليها نظرا للاهمال الذي لحقها , ولم تعرف أية صيانة منذ رحيل الاستعمار,ووزارة التجهيز تنصلت من مسؤوليتها وفق ما اكده مصدر مطلع وقد عللت الوزارة ذلك ان الطريق 204 سابقا اصبحت مقطوعة عند بحيرة السد وبالتالي اصبحت خارج مسؤوليتها , هنا نطرح تساءلاً عريضا اين هي سياسة القرب وفك العزلة عن العالم القروي ؟؟؟ .
مع العلم ان جماعة السهول قسمتها بحيرة السد الى منطقتين شمالية وجنوبية واصبحت الامور واضحة ,شمال متقدم وجنوب متخلف منسي , ففي المنطقة الشمالية توجد مصالح الساكنة من جماعة وقيادة ودرك ومستوصف ودار الطالب والطالبة مصالح بيطرية دار الولادة مما جعل مصالح السهول الجنوبية مرتبطة ان لم نقل رهينة بالسهول الشمالية .
علما ان السلطات حين فكرت في انشاء مشروع استثمار سد سيدي محمد بن عبد الله قامت بدراسة شاملة للمنطقة وقامت بإحصاء سكان المنطقة اوعدت انذاك ساكنة السهول الجنوبية باقامة مشاريع تنموية واستثمارات , كان ابرزها إحداث معمل لدبغ الجلود وإنشاء قرية نموذجية ذات اهمية بسيدي عزوز وقامت بمسح طبوغرافي على الارض, الا أن هذا الملف اختفى بين رفوف ارشيف الوزارات المعنية واصبح سرا لا يستطيع اي احد التحدث عنه, إلا أن فاضت مياه سد سيدي محمد بن عبد الله على ضفاف نهر ابي رقراق وتبخرت كل الوعود.
سكان السهول لن يمانعو يوما أو أقامو احتججات ضد بناء هذا السد تفهما منهم أن هذا يدخل في اطار المصلحة العامة, لكن .. في المقابل " ماذا استفادة هذ الساكنة التي اقيمت هذه المنشأة المائية الكبرى فوق ارضيها ؟؟ سوى تشرد ابنائها في المدن المجاورة , وتذوق مرارة الحياة وقساوة العيش على ساكنتها من قرروا البقاء في اراضيهم , لأن السلطات لم توفي بوعودها لهذه الجماعة الفقيرة التابعة لولاية الرباط سلا.
تحياتي....