التوكل على الله
التوكل على الله
ومن حق الله تعالى على عباده التوكل عليه سبحانه :
التوكل ثمرة من ثمرات اليقين ، واليقين هو قوة الإيمان حتى كأن الإنسان يرى بعينه ما أخبر الله به ورسوله من شدة يقينه ، فاليقين هو ثبات وإيمان ليس معه شك .
قال بن القيم في مدارح السالكين مبيناً معنى اليقين : (( وهو من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد ، وبه تفاضل العارفون ، وفيه تنافس المتنافسون ، وإليه شمر العاملون … )) انتهى .
وقال بن رجب في جامع العلوم والحكم ، مبيناً معنى التوكل : (( هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها . . . . وتحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدر الله سبحانه وتعالى المقدورات بها وجرت سنته في خلقه بذلك ، فإن الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له ، والتوكل بالقلب عليه إيمان به )) انتهى .
ومن توكل على الله فهو حسبه ، ففي هاتين المرتبتين اليقين والتوكل يحصل للإنسان مقصوده في الدنيا والآخره ويستريح ويعيش مطمئناً سعيداً لأنه موقن بكل ما أخبر الله به ورسوله ، ومتوكل على الله عز وجل .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : { أنه يدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب . . . .إلى أن قال هم الذين لا يرقون ، ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون } ( متفق عليه ) .
وقال الألباني رحمه الله تعالى : " ليس عند البخاري ( لا يرقون ) وعنده مكانها ( لا يكتوون ) ولفظ مسلم شاذ سنداً ومتناً " .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى : " قوله لا يرقون كلمة غير صحيحة ولا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن معنى لا يرقون أي لا يقرؤون على المرضى وهذا باطل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرقي المرضى " .
عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا ، وَثَلَاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِهِ " [ أخرجه الترمذي وابن ماجة وأحمد ] ، فيصبج مجموعهم : 4900000 أربعة ملايين وتسعمائة ألف .
فانظر إلى فضل الله عز وجل ورحمته بخلقه ، فاللهم لك الحمد والمنة .
ولكن لابد من توفر الشروط التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم فيهم وهي :
أولاً : لا يسترقون : أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم إذا أصابهم شيء .
ثانياً : ولا يكتوون : أي لا يطلبون من أحد أن يكويهم إذا مرضوا .
ثالثاً : ولا يتطيرون : أي لا يتشاءمون .
رابعاً : وعلى ربهم يتوكلون : أي يعتمدون على الله وحده .
فخلاصة القول :
أن الإنسان لا يتوكل إلا على الله ، ولا يلجأ إلا إلى الله ولا يستعين إلا بالله سبحانه ، فيكون أمره كله لله ، قال تعالى : " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : { من قال ( إذا خرج من بيته ) بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، يقال له : هُديت وكُفيت ووقِيت وتنحى عنه شيطان } وزاد أبو داود : { فيقول الشيطان ، لشيطان آخر : كيف لك برجل قد هُدي وكُفي ووقي } ( الترمذي والنسائي وأبو داود وهو صحيح ) .
فالتوكل على الله حصن حصين ، ودرع متين ، يتحصن به المسلم من الشياطين . ولما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار كان أخر ما قال ( حسبي الله ونعم الوكيل ) ، فجاء الرد عاجلاً وسريعاً ممن عليه يتوكل المتوكلون : [ قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ] " الأنبياء 69 " .
فالتوكل ثمرة عظيمة وصفة ينبغي للمؤمن أن يتحلى بها وهي من كمال العبودية لله عز وجل ، وحق من حقوق الله على عباده .