بني وشاح

إن التاريخ ليقص لنا عجباً عن قدرة الإيمان في تفجير الطاقات الكامنة في المرأة. فتتحول تلك المخلوقة الرقيقة الوديعة إلي امرأة ثائرة تخوض أخطر المجالات وأصعبها في سبيل إعلاء كلمة الحق والعدل والحرية والمساواة. فتري السيدة هاجر في أعماق التاريخ تحيي حضارة بأكملها من العدم. حيث تركها الخليل إبراهيم في صحراء جرداء دون أي معين غير اليقين بالله. وعليها مهمة تنشئة نبي. وعمران مكة. وهو ما لا يقدر عليه العصبة من الرجال في عصرنا الحاضر.
ونري السيدة خديجة رضي الله عنها تحمي الدعوة في مهدها بمالها ونفسها وروحها وتساند الرسول "صلي الله عليه وسلم".. وتشد أزره بما يدل علي عمق علمها وسعة خبرتها وعلو همتها.
ونري سمية زوج ياسر وأم عمار في طليعة شهداء الإسلام.. ونري السيدة عائشة أم المؤمنين راوية السنة النبوية والفقيهة والمفتية في الدين والمشاركة في الشأن العام سياسة واجتماعاً.. إلي آخر نماذج النساء الثائرات اللاتي أطلق الإيمان طاقاتهن وملكاتهن مما سنتعرف عليه خلال شهر رمضان. ليعرف أدعياء الحرية أن ثمنها غال. ويحتاج تضحيات عظيمة.. فإذا كانت النساء قد قمن بهذا العبء الكبير في سبيل تحقيق حرية النفس والروح والعقل والقلب.. فهذه دعوة إلي الرجال ليتحملوا قدرهم في الارتقاء بالإنسانية كما تحملت النساء الفضليات هذا الدور راضيات متطلعات إلي الأجر الأعلي وليس الحظوظ الدنيوية الفانية. امتثالاً لقول الحق سبحانه وتعالي: "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله. فتربصوا حتي يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين" "التوبة: 24".