انبياء دخلو مصر
من دخل مصر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام 11 شهور, 1 أسبوع مضت السمعة : 0
قال أبو عمر محمد بن يوسف الكندي في كتاب فضائل مصر: دخل مصر من الأنبياء إدريس وهو هرمس، وإبراهيم الخليل، وإسماعيل، ويعقوب، ويوسف، واثنا عشر نبيا من ولد يعقوب وهم الأسباط، ولوط، وموسى وهارون، ويوشع، ابن نون، ودانيال، وأرميا، وعيسى بن مريم؛ عليهم الصلاة والسلام.
قلت: أما إبراهيم فقال ابن عبد الحكم: كان سبب دخوله مصر كما حدثنا به أسد بن موسى وغيره، أنه لما أمر بالخروج عن أرض قومه، والهجرة إلى الشام، خرج ومعه لوط وسارة؛ حتى أتوا حران، فنزلها، فأصاب أهل حران جوع، فارتحل بسارة يريد مصر، فلما دخلها ذُكر جمالها لملكها، ووُصِف له أمرها (1) ، فأمر بها، فأدخلت عليه، وسأل إبراهيم: ما هذه المرأة منك؟ فقال: أختي؛ فهم الملك بها، فأيبس الله يديه ورجليه، فقال لإبراهيم: هذا عملك فادع الله لي؛ فوالله لا أسوءك فيها. فدعا الله فأطلق يديه ورجليه، وأعطاهما غنما وبقرا. وقال: ما ينبغي لهذه أن تخدم نفسها، فوهب لها هاجر (2) .
وأما إسماعيل فرأيت أيضا عدة من الكتب المؤلفة في مصر، ولم أقف في شيء من الأحاديث والآثار على ما يشهد لذلك، وأنا أستبعد صحته، فإنه منذ أقدمه أبوه إلى مكة وهو رضيع مع أمه، لم ينقل أنه خرج منها، ولم يدخل أبوه مصر إلا قبل أن يملك أمه.
وأما يعقوب ويوسف وإخوته فدخولهم مصر منصوص عليه في القرآن.
وكذا موسى وهارون وقد ولدا بها.
وأما لوط فيمكن دخلوه مع إبراهيم؛ ولكن لم أر التصريح به في حديث ولا أثر.
وأما يوشع فهو ابن نون بن أفرائيم بن يوسف. ولد بمصر، وخرج مع موسى إلى البحر لما سار ببني إسرائيل، ورد في أثر عن ابن عباس.
وأما أرميا فتقدم دخوله في قصة بخت نصر.
وأما عيسى فتقدم في قوله تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ} (1) إنها مصر على قول جماعة، ورأيت في بعض الكتب أن عيسى ولد بمصر بقرية أهناس، وبها النخلة التي في قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} (2) ، وأنه نشأ بمصر، ثم سار على سفح المقطم ماشيا، وهذا كله غريب لا صحة له، بل الآثار دلت على أنه ولد ببيت المقدس، ونشأ به، ثم دخل مصر.
وأما دانيال، فلم أقف فيه على أثر إلى الآن، وعده ابن زولاق فيمن ولد بمصر.
والخلاف في نبوة إخوة يوسف شهير، ولي في ذلك تأليف مستقل؛ وهم مدفونون بمصر بلا خلاف؛ وهذه أسماؤهم لتستفاد!
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن السدي، قال: بنو يعقوب: يوسف، وبنيامين، وروبيل، ويهوذا، وشمعون، ولاوى، ودان، وقهاث، وكودى، وبانيون. هكذا سمى عشرة وبقي اثنان.
وتقدم عن ابن عباس أن العجوز التي دلت موسى على قبر يوسف ابنة أشي بن يعقوب؛ فهذا أحدهما، والآخر بقيا.
وبقي من الأنبياء الذين دخلوا مصر، يوسف المذكور في سورة غافر، على أحد القولين أنه غير يوسف بن يعقوب، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} (1) قال جماعة: هو يوسف بن إفراييم بن يوسف بن يعقوب؛
لأن يوسف بن يعقوب لم يدرك زمن فرعون موسى حتى يبعثه الله تعالى؛ فإن صح هذا القول فهو نبي رسول، ولد بمصر ومات بها. ولا نظير له في ذلك.
ومن الأنبياء الذين دخلوا مصر سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام، وسيأتي في بناء الإسكندرية ما يدل على ذلك.
ورأيت حديثا يدل على أن أيوب عليه السلام دخلها، أخرج ابن عساكر في تاريخه عن عقبة بن عامر مرفوعا، قال: قال الله لأيوب: أتدري لم ابتليتك؟ قال: لا يارب، قال: لأنك دخلت على فرعون، فداهنت عنده بكلمتين؛ يؤيد ذلك أن زوجته بنت ابن يوسف؛ أخرج ابن عساكر، عن وهب بن منبه قال: زوجة أيوب رحمة بنت منشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام.
ثم رأيت أثرا صريحا في دخول أيوب وشعيب عليهما الصلاة والسلام مصر؛ أخرج ابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني، قال: أجدب الشام، فكتب فرعون إلى أيوب: أن هلم إلينا، فإن لك عندنا سعة، فأقبل بخيله وماشيته وبنيه، فأقطعهم؛
فدخل شعيب على فرعون، فقال: يا فرعون، أما تخاف أن يغضب الله غضبه، فيغضب لغضبه أهل السماوات والأرض والجبال والبحار! فسكت أيوب، فلما خرجا من عنده أوحى الله تعالى إلى أيوب: أو سَكَتَّ عن فرعون لذهابك إلى أرضه! استعد للبلاء.
وعد بعضهم ممن دخلها من الأنبياء لقمان؛ وفي مرآة الزمان حكاية قول إنه من سودان مصر، وفي نبوته خلاف، والقول بأنه نبي قول عكرمة وليث.
وعد الكندي وغيره فيمن دخلها من الصديقين الخضر وذا القرنين. وقد قيل بنبوتهما. والقول بنبوة الخضر حكاه أبو حيان في تفسيره عن الجمهور، وجزم به الثعلبي، وروي عن ابن عباس. وذهب إسماعيل بن أبي زياد ومحمد بن إسحاق أنه نبي مرسل؛ ونصر هذا القول أبو الحسن بن الرماني، ثم ابن الجوزي.
والقول بنبوة ذي القرنين أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص. ودخول ذي القرنين مصر، ورد في حديث مرفوع سيأتي في بناء الإسكندرية.
ودخول الخضر غير بعيد؛ فإنه كان في عسكر ذي القرنين، بل أحد الأقوال في الخضر أنه ابن فرعون لصلبه، حكاه الكندي وجماعة، آخرهم الحافظ ابن حجر في كتاب الإصابة في معرفة الصحابة (1) ؛ فعلى هذا يكون مولده بمصر.
وقال ابن عبد الحكم: حدثني شيخ من أهل مصر، قال: كان ذو القرنين من أهل لوبية، كورة من كور مصر الغربية. قال ابن لهيعة: وأهلها روم (1) .
وأخرج ابن عبد الحكم أيضا عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني من يسوق الحديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه، أن ذا القرنين رجل من أهل مصر اسمه مرزبا بن مرزبة اليوناني، من ولد يونان بن يافث بن نوح عليه الصلاة والسلام (2) .
وذكر صاحب مرآة الزمان (3) : أن ذا القرنين مات بأرض بابل، وجعل في تابوت وطلي بالصبر والكافور، وحمل إلى الإسكندرية، فخرجت أمه في نساء الإسكندرية حتى وقفت على تابوته، وأمرت به فدفن. وقيل: إنه عاش ألف سنة، وقيل: ألفا وستمائة سنة، وقيل: ثلاثة آلاف سنة.
وقد قيل بنبوة نسوة دخلن مصر: مريم، وسارة زوج الخليل، وآسية امرأة فرعون، وأم موسى.
وحكى ذلك الشيخ تقي الدين السبكي (4) في فتاويه المعروفة بالحلبيات؛ قال: ويشهد لذلك في مريم ذكرها في سورة الأنبياء مع الأنبياء، وهو قرينة. وأم موسى اسمها يوكابد.
وقد تقدم أن شيث بن آدم نزل مصر وهو نبي، وأن نوحا طافت به سفينته بأرض مصر.
فتمت عدة من دخل مصر باتفاق واختلاف اثنين وثلاثين نبيا غير النسوة الأربع. وقد نظمت ذلك في أبيات فقلت:
قد حل مصر على ما قد رووا زمر ... من النبيين زادوا مصر تأنيسا
فهاك يوسف والأسباط مع أبه ... وحافدا وخليل الله إدريسا
لوطا وأيوب ذا القرنين خضر سليمـ ... ـان أرميا يوشعا هارون مع موسى
وأمه سارة لقمان آسية ... ودانيال شعيبا مريما عيسى
شيثا ونوحا وإسماعيل قد ذكروا ... لا زال من ذكرهم ذا المصر مأنوسا
قال أبو نعيم (1) في الحلية: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا أحمد بن هارون، حدثنا روح، حدثنا أبو سعيد الكندي، حدثنا أبو بكر بن عياش، قال: اجتمع وهب بن منبه وجماعة، فقال وهب: أي أمر الله أسرع؟ قال بعضهم: عرش بلقيس حين أُتِيَ به سليمان، قال وهب: أسرع أمر الله أن يونس بن متى كان على حرف السفينة، فبعث الله إليه حوتا من نيل مصر؛ فما كان أقرب من أن صار من حرفها في جوفه.
وقال صاحب مرآة الزمان: وأما موسى بن يوسف، فنبي آخر، قبل: موسى بن عمران. ويزعم أهل التوراة أنه صاحب الخضر.
قلت: والقصة في صحيح البخاري.
والله أعلى وأعلم
منقـــــــــــــــــــــــول