فتى الاخوان- فضيل الورتلاني
الفضيل الورتلاني رجل الإصلاح و التنوير في الجزائر
واحد من قامات العلم و الفقه والحركة والجهاد من أجل الجزائر الشيخ الفضيل الورتلاني الذي ولد في بداية القرن الماضي في العام 1900 في منطقة بني ورتلان في ولاية سطيف . و ينتمي الورتلاني إلى أسرة علمائية و ثقافية و فكرية عريقة , عرفت بالتمسك الشديد بالشرع الإسلامي وولاء مطلق للوطن الجزائري و للإسلام واللغة العربية . و كان تحصيله العلمي و الشرعي في مسقط رأسه و على يد أقربائه الذين زقّوا فيه العلم زقا , وتلقى عنهم مبادئ الفقه والأصول والتفسير و النحو والصرف والبلاغة و غيرها من المعارف الإسلامية , ولأنّ إثنين لا يشبعان جامع مال و جامع علم , فقد كان الورتلاني من الصنف الثاني الذي آمن بأهمية العلم وضرورته , فقصد مدينة الأصالة و العراقة الحضارية قسنطينة ليتتلمذ على يد رائد الإصلاح في الجزائر الشيخ عبد الحميد بن باديس و كان ذلك في العام 1928 , سعى جاهدا أن يأخذ من الشيخ عبد الحميد بن باديس ما أمكنه من معارف شرعية ولغوية و قرآنية ووطينة , و كان يتدرج في مسالك ومراتب العلماء والفقهاء بسرعة كبيرة , حيث شهد له أترابه أنّه كان يقظ الذهن سريع البديهة , مستوعبا لكل ما يعطى له من معارف إسلامية , و ما فتئ يتدرج في مدارج العلم حتى أصبح مساعدا للشيخ عبد الحميد بن باديس في مجال التدريس بعد أربع سنوات من ملازمته له . كان الشيخ الورتلاني يدرك أهمية الشيخ إبن باديس و عظمة مشروعه الإسلامي و الوطني فظلّ يتنقل معه من ولاية إلى أخرى , كان الأول ينشر فكره والثاني يتعلم أساليب الوعظ والإرشاد والتأثير في الجماهير حتى جمع كل هذه الملكات التي وهبها الله لرواد الإصلاح في الجزائر . في سنة 1940 توجّه إلى القاهرة وإنتسب إلى الأزهر الشريف الذي كان يعتبر تاريخئذ من أهم قلاع التحصيل العلمي , فحصل على الشهادة العالمية في "كلية أصول الدين والشريعة الإسلامية" , و حمل الورتلاني هميّن في وقت واحد , همّ التحصيل العلمي و التزوّد قدر المستطاع من المعرفة التي تحتاجه الجزائر والجزائريون , كما حمل همّ الجزائر فراح ينافح عن وطنه ويعّري جرائم الإستعمار الفرنسي السياسية و الثقافية و الأمنية والحضارية و الإقتصادية في الجزائر . كانت الجزائر تسكنه , و لم تبرح ذهنه أو عقله , كان سفيرا صادقا ومخلصا لقضية الجزائر التي أوصل تفاصيلها إلى كل الدول التي زارها في المشرق العربي , و بفضله جهاده الفكري تعرفّ مئات الآلاف من العرب على القضية الجزائرية المظلومة , و الجزائر التي أرادت فرنسا إستضعافها و إستئصالها من الدائرة العربية و الإسلامية . و إستكمالا لهذا الدور الإيجابي أسسّ في سنة 1942 م "اللجنة العليا للدفاع عن الجزائر" كما أسس في سنة 1944 م "جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا" وقد لعبت هذه المؤسسات دورا إعلاميا و ثقافيا وسياسيا رائد وكانت بمثابة سفارات الجزائر الحرة المستقلّة في المشرق العربي . ومن إنجازاته فتح مكتب لجمعية العلماء المسلمين في القاهرة سنة 1948 م الذي إستقبل فيه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي سنة 1952 م , حيث أضاف الشيخ الإبراهيمي الكثير من رصيده للقضية الجزائرية في القاهرة , و أصدر مع الورتلاني بيان دعم للثورة الجزائرية المقدسّة . ولم يكتف الورتلاني بهذا العمل الوطني بل إختار الإنضمام إلى تنظيم الإخوان المسلمين الذي أسسّه حسن البنا في مصر و أتهم بالمشاركة في محاولة إنقلابية في اليمن قتل فيها يحيى حميد الدين إمام اليمن (1869 - 1948 م) فقبض عليه هناك ثم أفرج عنه مع من شملهم العفو.وعن دور فضيل الورتلاني في أحداث اليمن يقول أحمد بن محمد الشامي في مذكراته (رياح التغيير في اليمن) :
(... وفي اعتقادي أن العالم المجاهد الجزائري السيد الفضيل الورتلاني هو الذي غيّر مجرى تاريخ اليمن في القرن الرابع عشر الهجري وأنه حين وضع قدمه على ارض اليمن كأنما وضعها على (زرّ) دولاب تاريخها فدار بها دورة جديدة في اتجاه جديد، لأن ثورة الدستور سنة 1367هـ - 1948م هي من صنع الورتلاني.. لقد كانت هناك معارضة يمنية وكان هناك نقد وتبرم ومنشورات ضد الدولة، وكانت هناك طموحات وزعامات وتحفزات، وكل ذلك يصلح أن يكون وقوداً لثورة ما.. ولكن (المعارضة) كانت بلا تنظيم، واتجاهات زعمائها مختلفة ومتباينة، والمناشدون بالإصلاح ودعاة التغير والتطور لا توحدهم رابطة، والنقد والتبرم غير موجهين توجيهاً سياسياً هادفاً بناءً.. والطموحات تتنافس فيما بينها، وكل متربص بالآخر، والزعامات العلمية والدينية والسياسية قد خدّرها الوهن، وجمدتها الأطماع، والتحفزات الوطنية ليس لها زعماء أكفاء ذوو مؤهلات قيادية، فلما جاء السيد الفضيل الورتلاني، عمل ما لم يعمله احد من اليمنيين، فوحّد شتات (المعارضة) في الداخل والخارج وارشد المطالبين بالإصلاح والمناشدين بالتغيير والتطوير إلى طرق العمل وجمعهم في رابطة وطنية، وقارب بينهم وبين أرباب الطموحات السياسية والزعامات العلمية والدينية والقبلية والتحفزات الإصلاحية من الناقمين والناقدين والمتبرمين، وصهر مجهوداتهم وأهدافهم واتجاهاتهم وآمالهم وأمانيهم في بوتقة (الميثاق الوطني) وإنني اعتبر الورتلاني هو الذي استطاع أن يقنع الرئيس جمال جميل بأن يؤلف جبهة من ضباط الجيش لتأييد الدستور، وأنه هو الذي أعاد الثقة إلى قلوب الموشكي والشامي، وجعلهما يتعاونان من جديد مع الزبيري ونعمان في إطار الميثاق الوطني، وهو الذي استطاع إقناع الأمراء والعلماء والمشايخ والتجار والضباط والأدباء بمبايعة عبد الله الوزير إماما ثورياً دستورياً. ولولا الورتلاني ما توحّد الأحرار في اليمن فالورتلاني هو مهندس ثورة 1367هـ - 1948م حقاً) انتهى. وكان يفترض بالورتلاني أن لا ينجرّ وراء التنظيمات العربية و الإسلامية , لأن ذلك سيبعده عن قضيته الأم الجزائر , ويقحمه في صراع مع نظم وحكومات كان الورتلاني في أمس الحاجة إلى دعمها للقضية الجزائرية . و في هذا السياق يقول عنه الأستاذ الكبير محمود عبد الحليم في كتابه (الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ) : (كان الفضيل الورتلاني شاباً جزائرياً من زعماء المجاهدين الذين طاردهم الاستعمار الفرنسي فهرب إلى مصر واتصل بالإخوان المسلمين وكان كثير التردد على المركز العام للإخوان المسلمين، حتى ليكاد يتردد عليه كل يوم باعتبار هذه الدار مركز الحركات التحريرية ضد الاستعمار في كل بلد إسلامي؛ كان الفضيل الورتلاني لماح الذكاء سريع الحركة كثير المعارف، لا يقتصر تحركه على ما يخص موطنه الأصلي الجزائر بل كان يرى العالم الإسلامي وحدة لا تتجزأ، وأنه مطالب بتحرير كل جزء منه، واعتقد أن الفضيل الورتلاني كان أول من سافر إلى اليمن التي أطاحت بالإمام يحيى) انتهى. كان فضيل الورتلاني يوصل الليل بالنهار لخدمة الثورة الجزائرية التي آمن بمبادئها ومنطلقاتها , و كان داعية إليها , منافحا عن مشروعها ومشروعيتها , و أدّى به العمل المتواصل إلى أن يصاب بمرض فتاّك تمكنّ من جسده فلفظ أنفاسه في إحدى مستشفيات (تركيا) في 12 مارس 1959 م وفي سنة 1987 نقلت رفاته من تركيا ليعاد دفنها في مسقط رأسه بني ورتلان .
واحد من قامات العلم و الفقه والحركة والجهاد من أجل الجزائر الشيخ الفضيل الورتلاني الذي ولد في بداية القرن الماضي في العام 1900 في منطقة بني ورتلان في ولاية سطيف . و ينتمي الورتلاني إلى أسرة علمائية و ثقافية و فكرية عريقة , عرفت بالتمسك الشديد بالشرع الإسلامي وولاء مطلق للوطن الجزائري و للإسلام واللغة العربية . و كان تحصيله العلمي و الشرعي في مسقط رأسه و على يد أقربائه الذين زقّوا فيه العلم زقا , وتلقى عنهم مبادئ الفقه والأصول والتفسير و النحو والصرف والبلاغة و غيرها من المعارف الإسلامية , ولأنّ إثنين لا يشبعان جامع مال و جامع علم , فقد كان الورتلاني من الصنف الثاني الذي آمن بأهمية العلم وضرورته , فقصد مدينة الأصالة و العراقة الحضارية قسنطينة ليتتلمذ على يد رائد الإصلاح في الجزائر الشيخ عبد الحميد بن باديس و كان ذلك في العام 1928 , سعى جاهدا أن يأخذ من الشيخ عبد الحميد بن باديس ما أمكنه من معارف شرعية ولغوية و قرآنية ووطينة , و كان يتدرج في مسالك ومراتب العلماء والفقهاء بسرعة كبيرة , حيث شهد له أترابه أنّه كان يقظ الذهن سريع البديهة , مستوعبا لكل ما يعطى له من معارف إسلامية , و ما فتئ يتدرج في مدارج العلم حتى أصبح مساعدا للشيخ عبد الحميد بن باديس في مجال التدريس بعد أربع سنوات من ملازمته له . كان الشيخ الورتلاني يدرك أهمية الشيخ إبن باديس و عظمة مشروعه الإسلامي و الوطني فظلّ يتنقل معه من ولاية إلى أخرى , كان الأول ينشر فكره والثاني يتعلم أساليب الوعظ والإرشاد والتأثير في الجماهير حتى جمع كل هذه الملكات التي وهبها الله لرواد الإصلاح في الجزائر . في سنة 1940 توجّه إلى القاهرة وإنتسب إلى الأزهر الشريف الذي كان يعتبر تاريخئذ من أهم قلاع التحصيل العلمي , فحصل على الشهادة العالمية في "كلية أصول الدين والشريعة الإسلامية" , و حمل الورتلاني هميّن في وقت واحد , همّ التحصيل العلمي و التزوّد قدر المستطاع من المعرفة التي تحتاجه الجزائر والجزائريون , كما حمل همّ الجزائر فراح ينافح عن وطنه ويعّري جرائم الإستعمار الفرنسي السياسية و الثقافية و الأمنية والحضارية و الإقتصادية في الجزائر . كانت الجزائر تسكنه , و لم تبرح ذهنه أو عقله , كان سفيرا صادقا ومخلصا لقضية الجزائر التي أوصل تفاصيلها إلى كل الدول التي زارها في المشرق العربي , و بفضله جهاده الفكري تعرفّ مئات الآلاف من العرب على القضية الجزائرية المظلومة , و الجزائر التي أرادت فرنسا إستضعافها و إستئصالها من الدائرة العربية و الإسلامية . و إستكمالا لهذا الدور الإيجابي أسسّ في سنة 1942 م "اللجنة العليا للدفاع عن الجزائر" كما أسس في سنة 1944 م "جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا" وقد لعبت هذه المؤسسات دورا إعلاميا و ثقافيا وسياسيا رائد وكانت بمثابة سفارات الجزائر الحرة المستقلّة في المشرق العربي . ومن إنجازاته فتح مكتب لجمعية العلماء المسلمين في القاهرة سنة 1948 م الذي إستقبل فيه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي سنة 1952 م , حيث أضاف الشيخ الإبراهيمي الكثير من رصيده للقضية الجزائرية في القاهرة , و أصدر مع الورتلاني بيان دعم للثورة الجزائرية المقدسّة . ولم يكتف الورتلاني بهذا العمل الوطني بل إختار الإنضمام إلى تنظيم الإخوان المسلمين الذي أسسّه حسن البنا في مصر و أتهم بالمشاركة في محاولة إنقلابية في اليمن قتل فيها يحيى حميد الدين إمام اليمن (1869 - 1948 م) فقبض عليه هناك ثم أفرج عنه مع من شملهم العفو.وعن دور فضيل الورتلاني في أحداث اليمن يقول أحمد بن محمد الشامي في مذكراته (رياح التغيير في اليمن) :
(... وفي اعتقادي أن العالم المجاهد الجزائري السيد الفضيل الورتلاني هو الذي غيّر مجرى تاريخ اليمن في القرن الرابع عشر الهجري وأنه حين وضع قدمه على ارض اليمن كأنما وضعها على (زرّ) دولاب تاريخها فدار بها دورة جديدة في اتجاه جديد، لأن ثورة الدستور سنة 1367هـ - 1948م هي من صنع الورتلاني.. لقد كانت هناك معارضة يمنية وكان هناك نقد وتبرم ومنشورات ضد الدولة، وكانت هناك طموحات وزعامات وتحفزات، وكل ذلك يصلح أن يكون وقوداً لثورة ما.. ولكن (المعارضة) كانت بلا تنظيم، واتجاهات زعمائها مختلفة ومتباينة، والمناشدون بالإصلاح ودعاة التغير والتطور لا توحدهم رابطة، والنقد والتبرم غير موجهين توجيهاً سياسياً هادفاً بناءً.. والطموحات تتنافس فيما بينها، وكل متربص بالآخر، والزعامات العلمية والدينية والسياسية قد خدّرها الوهن، وجمدتها الأطماع، والتحفزات الوطنية ليس لها زعماء أكفاء ذوو مؤهلات قيادية، فلما جاء السيد الفضيل الورتلاني، عمل ما لم يعمله احد من اليمنيين، فوحّد شتات (المعارضة) في الداخل والخارج وارشد المطالبين بالإصلاح والمناشدين بالتغيير والتطوير إلى طرق العمل وجمعهم في رابطة وطنية، وقارب بينهم وبين أرباب الطموحات السياسية والزعامات العلمية والدينية والقبلية والتحفزات الإصلاحية من الناقمين والناقدين والمتبرمين، وصهر مجهوداتهم وأهدافهم واتجاهاتهم وآمالهم وأمانيهم في بوتقة (الميثاق الوطني) وإنني اعتبر الورتلاني هو الذي استطاع أن يقنع الرئيس جمال جميل بأن يؤلف جبهة من ضباط الجيش لتأييد الدستور، وأنه هو الذي أعاد الثقة إلى قلوب الموشكي والشامي، وجعلهما يتعاونان من جديد مع الزبيري ونعمان في إطار الميثاق الوطني، وهو الذي استطاع إقناع الأمراء والعلماء والمشايخ والتجار والضباط والأدباء بمبايعة عبد الله الوزير إماما ثورياً دستورياً. ولولا الورتلاني ما توحّد الأحرار في اليمن فالورتلاني هو مهندس ثورة 1367هـ - 1948م حقاً) انتهى. وكان يفترض بالورتلاني أن لا ينجرّ وراء التنظيمات العربية و الإسلامية , لأن ذلك سيبعده عن قضيته الأم الجزائر , ويقحمه في صراع مع نظم وحكومات كان الورتلاني في أمس الحاجة إلى دعمها للقضية الجزائرية . و في هذا السياق يقول عنه الأستاذ الكبير محمود عبد الحليم في كتابه (الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ) : (كان الفضيل الورتلاني شاباً جزائرياً من زعماء المجاهدين الذين طاردهم الاستعمار الفرنسي فهرب إلى مصر واتصل بالإخوان المسلمين وكان كثير التردد على المركز العام للإخوان المسلمين، حتى ليكاد يتردد عليه كل يوم باعتبار هذه الدار مركز الحركات التحريرية ضد الاستعمار في كل بلد إسلامي؛ كان الفضيل الورتلاني لماح الذكاء سريع الحركة كثير المعارف، لا يقتصر تحركه على ما يخص موطنه الأصلي الجزائر بل كان يرى العالم الإسلامي وحدة لا تتجزأ، وأنه مطالب بتحرير كل جزء منه، واعتقد أن الفضيل الورتلاني كان أول من سافر إلى اليمن التي أطاحت بالإمام يحيى) انتهى. كان فضيل الورتلاني يوصل الليل بالنهار لخدمة الثورة الجزائرية التي آمن بمبادئها ومنطلقاتها , و كان داعية إليها , منافحا عن مشروعها ومشروعيتها , و أدّى به العمل المتواصل إلى أن يصاب بمرض فتاّك تمكنّ من جسده فلفظ أنفاسه في إحدى مستشفيات (تركيا) في 12 مارس 1959 م وفي سنة 1987 نقلت رفاته من تركيا ليعاد دفنها في مسقط رأسه بني ورتلان .