إسلاميو مصر.. والحاجة إلى الإعلام
إسلاميو مصر.. والحاجة إلى الإعلام
تزايدت وتيرة هذه الحالة في ظل متغيرات ما بعد الثورة، وما لقيه السلفيون من حرية في الحركة كباقي الإسلاميين بعد سقوط نظام مبارك، أتاحت لهم ما كان ممنوعا في السابق، وفتحت المجال لمنافسة حقيقية أمام القوى الإسلامية والمناوئة لها.هذا الدور الإعلامي كان يضطلع به على مدار عقود إعلام الدولة القومي (مرئي ومسموع ومقروء) بعدما وجهه النظام السابق وجهته في إطار عدائه لجماعات العمل الإسلامي، ولما أوجبت متغيرات الثورة على هذا الإعلام أن يغير من ممارساته واستهدافه لقوى مجتمعية بعينها؛ حل محله إعلام جرى العرف على وصفه بـ "المستقل" وهو الإعلام الممول من رجال الأعمال.دفعت حالة الاستهداف هذه الدعاة السلفيين وقادة الرأي منهم للحديث عن حاجتهم التي باتت ملحة لإطلاق منابر إعلامية جماهيرية (صحف ومواقع وقنوات تلفزة) ترد عنهم هذا الاستهداف، وتوضح حقيقة رؤيتهم ومواقفهم فيما يعن للمجتمع من قضايا، خاصة بعد هذا الدور الذي لعبته الآلة الإعلامية في الحوادث التي تتابعت على الرأي العام منذ رحيل النظام السابق وآخرها أحداث إمبابة.وتزداد حاجة السلفيين خاصة والإسلاميين عامة للإعلام مع هذا التشكل الحاصل للدولة المصرية الجديدة، والتي باتوا يمثلون أحد أرقامها، خاصة أمام التحالفات السياسية التي أخذت تتشكل من قبل القوى الليبرالية واليسارية استعدادا للمنافسات الانتخابية المنتظرة.وباستثناء المجلات الدينية كـ"التوحيد" التي تصدر عن جمعية "أنصار السنة"، و"التبيان" التي تصدر عن "الجمعية الشرعية"، ومجلة "صوت الدعوة" التي أصدرتها "الدعوة السلفية" أواخر ثمانينيات القرن الماضي وجرى توقيفها عام 1994م لم يكن للسلفيين حظا من العمل الإعلامي الجماهيري اللهم إلا بعض المحاولات التي يمكن وصفها بالفردية بعد ذلك.وبالرغم من انتشارها النوعي بات السلفيون مقتنعين بأن القنوات الدينية لم تقدم ما يمكن أن يذكر لها في هذه الحرب الإعلامية التي تشنها قنوات معادية تحظى بنسب مشاهدات عالية من كافة طوائف المجتمع، وهي قنوات تدار باحترافية معقولة من قبل عدد من الإعلاميين واستطاعت أن تلعب على وتر التوازنات حتى ليصعب على المشاهد البسيط أن يصنفها ويعرف إلى أي جهة تنتمي.وأمام هذا العوز الإعلامي تقف عوائق عدة أمام السلفيين عليهم أن يتعاملوا معها من أهمها الأموال الضخمة التي تحتاجها آلة إعلامية حتى تتمكن من المنافسة وسط هذا الزحام الفضائي، وثانيها هذا التردد الكبير في خوض غمار العمل الإعلامي الذي لم يكن لهم به عهد في السابق. وهنا تبرز أهمية أن تتضافر الجهود داخل البيت السلفي والإسلامي بشكل عام لإيجاد الخبرات والإمكانات اللازمة ولتقديم النصح.ولعلنا نشهد خلال الأيام المقبلة ظهور صحيفة أو أكثر تعبر عن التيار السلفي، وتدافع عن قضاياه، وتقدم لنا لونا مختلفا من "الصحافة السلفية" ـ إن اعتمد هذا المصطلح لدى أساتذة الإعلام ـ لم يطالعه المصريون من قبل.. وكنت قد حضرت أكثر من نقاش في هذا الإطار الإعلامي أبدى فيه المتحدثون رغبتهم الشديدة في إخراج قناة تليفزيونية تمارس الإعلام بمهنية واحتراف، إلا أن مثل هذا العمل قد يستغرق بعض الوقت قبل أن يرى النور.