صوتك أمانة
صوتك أمانة العنوان
قصــــــــة قصيــــــــــــرة صَوْتُـــكَ أَمَانَـــــة
ها هو قد جاء يوم الجمعة لكي أستريح من عناء ومشقة العمل طوال الأسبوع الماضي ولكن عليّ الآن الاستعداد لصلاة الجمعة بالاغتسال كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبعد ذلك أذهب إلى المسجد مبكرا لكي أجلس في الصف الأول ؛ لما في ذلك من أجر عظيم ولكي أقرأ سورة الكهف قبل أن يبدأ الإمام في خطبته وبالفعل ذهب محمد للمسجد مبكرا وجلس في الصف الأول بعد أن أتى بمصحف حتى يقرأ سورة الكهف ثم أذن المؤذن للصلاة وصعد الإمام المنبر وكان محمد ينصت له جيدا فقد كان الخطيب يتحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يكون الإنسان إيجابيا وذكر لهم قصة الهدهد التي وردت في القرآن الكريم , وكيف كان هذا الهدهد إيجابيا عندما وجد قوما يسجدون للشمس من دون الله ؟! فذهب الهدهد على الفورغاضبا مسرعا إلى نبي الله سليمان لكي يخبره بالأمر وكان ذلك سببا في إسلامهم جميعا ثم حكى بعد ذلك قصة أصحاب السبت وكيف خالف هؤلاء اليهود أمر الله عز وجل لهم بعدم صيد الأسماك يوم السبت ؟! وكيف أنهم انقسموا إلى ثلاث فرق فريق خالف الأمر واصطاد الأسماك وفريق لم يصطـد وذهب إلى المخالفين ينهاهم عن مخالفة أمر الله عزوجل ويذكرهم بعذاب الله الذي وعد به المخالفين ولكنهم لم يسمعوا لهم وسخروا منهم وفريق وقف على الحياد ولم يصطـد ولم ينهى عن المنكر , ولكنه كان يقول للذين ينهون عن المنكر : " لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدً " فرد عليهم الذين ينهون عن المنكر ا فقَالُواْ : " مَعْذِرَةً إِلَـى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " فأنزل الله عز وجل العذاب على هذه القرية وحول أهلها إلى قردة وخنازير ولم ينجو من هذا العذاب الشديد إلا فريق واحد , ألا وهم الذين كانوا ينهَوْن عن المنكر ثم ذكر لهم قصة القرية التي أمر الله عزوجل أن تهلك فقال أحد الملائكة يا رب إن فيها رجلاً صالحًا يعبدك فقال الله عز وجل : به فابدأ ؛ لأنه كان لا ينهى عن المنكر وكان لا يتمعر وجهه من أجلي عندما يرى المنكر ثم ختم الإمام خطبته الأولى وجلس يستريح ثم قام للخطبة الثانية وبعد المقدمة قال الإمام غدا السبت وهو اليوم المقرر لانتخابات مجلس الشعب وذَكََّر الحاضرين فقال صوتك أمانة وأن الله عزوجل سوف يسألك عنه يوم القيامة كما يجب علينا أن نكون إيجابيين وأن نذهب ونشارك بقول الحق وأن ننتخب من يستحق دون تدخل المصالح والأهواء لأن هذه الانتخابات يتحدد بها مصير هذا الوطن الذي نعيش فيه جميعا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في حديثه الشريف " المستشار مؤتمن " , وختم الإمام خطبته الثانية بالدعاء , ونزل وبعد أن صلى بالناس ذهب إليه محمد يستأذنه في بعض الأسئلة فرحب الخطيب بذلك وقال له : ماذا تريد أن تسأل يا بني فقال له محمد : يا فضيلة الشيخ أنت تعلم أن الانتخابات في بلدنا هذا ليست نزيهة والكل يعرف مقدما من سيكون الفائز فَلِمَا تَحُثُّ الناس على الذهاب للإدلاء بأصواتهم ؟ فرد عليه الشيخ قائلا يا بني يجب علينا أن نكون إيجابيين ونشارك لأن الله عز وجل سوف يسألنا عن ذلك يوم القيامة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لتأمرونَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ الله عز وجل أن ينزل عليكم عذابا من عنده ثم يدعوا خياركم فلا يستجاب لكم ", وقد سمعت منذ قليل في الخطبة ماذا حدث في قصة أصحاب السبت وأن الله عز وجل لم يُنجِ من العذاب إلا من كان إيجابيا وهم الذين كانوا ينهون عن المنكر واسمع لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : " مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها وكان الذين في أسفلها إذا استَقْوا من الماء مروا على من فوقهم فقالـوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا " صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل يُعقل أن نقرر عدم الذهاب للإدلاء بأصواتنا وقول الحق ونترك لمن لا يستحق أن يخرب في وطننا الذي نعيش فيه جمعيا فقال محمد ولكن هناك يا فضيلة الشيخ من يبيع صوته لبعض المرشحين وينتخبه وهو لا يستحق في مقابل مادي أو منفعة شخصية ؟! فرد الشيخ قائلا: إن هؤلاء بفعلهم هذا قد عصوا الله عزوجل ورسوله وشهدوا شهادة زور والنبي صلـى الله عليه وسلم يقـول : " ألا وشهادة الزور ألا وقول الزور" , ويقول النبي صلى الله عليه وسلم أيضا " من استعمل رجلاً من عصابة ـ والعصابة بمعنى مجموعة من الناس أو قوم ـ وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين " فتزوير الانتخابات واختيار المفسدين أو مـن لا يستحق مع وجود أهل الأمانة والكفاءة يعد من الخيانة وتضييع الأمانة وهو كذلك من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عز وجل عنه فقال " وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " وعندمــا سألت السيدة عائشة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : " يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث " فهل بعد ذلك كله يا بني نترك هؤلاء يفعلون ما يشاءون بحجة أنهم يزورون الانتخابات ولا ننهاهم ونكون سلبيين ولا نشارك ثـم نريـد أن يغير الله من أحوالنا ؟! ألم تسمع قــول الله عز وجل " إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ " فقال محمد جزاك الله خيرا يا شيخنا لقد كان لديك حق عندما قلت صوتك أمانة ولقد وضحت لي أمورا كثيرة كنت أغفل عنها وسأكون إن شاء الله من المشاركين غدا في الانتخابات وسأختار من يستحق حتى لا أكون من الخائنين لله ورسوله والمؤمنين وأكون قد أديت واجبي تجاه ديني ووطني وأمتي .
تقييم:
0
0