الإصلاح ضرورة شرعية وحاجة إنسانية
استهلال:
لقد أمر الله تبارك سبحانه وتعالى بالإصلاح كما جاء في قوله: ?وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ(104)? (آل عمران),
ولقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم" (البخاري)، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم؛ حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك".
يُستنبط من ذلك أن الإصلاح والنهي عن المنكر والتصدِّي للفساد ضرورة شرعية، ومن مسئولية الجميع، ولقد اهتمَّ الإسلام بهذا، فوضع له المنهج والبرنامج، وهذا ما سوف نتناوله بشيء من الإيجاز في هذه الدراسة:
تحليل مظاهر الفساد:
لقد استشرى الفساد في كل نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وصدق الله العظيم القائل: ?ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(41)? (الروم), ولقد تنبأ الرسول بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المهاجرين.. خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهم: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولا نقضوا عهد الله ولا عهد رسوله إلا سلَّط عليهم عدوًّا من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم" صدق رسول الله (رواه ابن ماجه والبزار والبيهقي).
لقد ابتليت مصر بهذه الأوجاع، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
- الأمراض: الكبد، السرطان، الفشل الكلوي.
- الفاحشة: الزنا، والعري، والسفور، والزواج العرفي.
- التطفيف في الكيل والميزان، والغش، والتدليس، والنصب.
- الحياة الضنك: الغلاء والفقر.
- جور السلطان وظلمه الواضح: الضرائب والرسوم.
- نهب الأموال وأكلها بالباطل: السرقة والرشوة والاحتكار.
- البأس الشديد والخلافات بين المسلمين.
ولقد قامت عدة جهات في مصر بترجمة صور الفساد في إحصائيات، نذكر منها ما يلي:
- 730 ألف قضية فساد في العام؛ يعني قضية فساد كل دقيقة ونصف الدقيقة.
- 32% من نواب مجلس الشعب متهمون بقضايا فساد متمثلة في: نواب القروض، نواب الشيكات، هاربين من التجنيد، مزدوجي الجنسية، نواب المخدرات.
- ترتيب مصر في مؤشر مقاومة الفساد والشفافية رقم 70 في دول العالم.
- 600 مليار جنيه تقريبًا قيمة الدين المحلي؛ يعني كل فرد مدين بـ9 آلاف جنيه.
- 150 ألف حالة سرطان سنويًّا.
- نسبة الأمية أكثر من 40% في مصرنا الحبيبة.
- 9 ملايين عانس.
- 16 مليون عاطل يبحثون عن فرصة عمل.
- 200 مليار جنيه مهرَّبة من أموال الشعب.
هذه الإحصائيات وغيرها تبيَّن أن هناك ضرورةً للتصدِّي للفساد بكل صوره وأشكاله، وهذا هو ذروة سنام الإصلاح، وهذا ما أكده العلماء والفقهاء على النحو الوارد في البند التالي:
الإصلاح.. ضرورة شرعية وحاجة إنسانية
- يرى الفقهاء والعلماء والدعاة أن الإصلاح ضرورة شرعية، ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى: ?إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ? (هود: من الآية 88).
كما أوجب الله على وليِّ الأمر القيام بالإصلاح، فقال الله تبارك وتعالى: ?الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)? (الحج).
وتأسيسًا على ذلك:
- هناك ضرورة شرعية للإصلاح الشامل لحفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
- هناك ضرورة شرعية للجهاد ضد المفسدين، حتى لا يزدادوا فسادًا في الأرض.
- هناك ضرورة شرعية للتصدِّي لمن يعطلون تطبيق شرع الله، ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا.
- هناك ضرورة شرعية لتطهير المجتمع من المفسدين والمنافقين ومَن في حكمهم؛ لأنهم رأس الفساد في المجتمع.
- هناك ضرورة شرعية لمقاومة من يعتدون على الدين والنفس، ومن يهتكون الأعراض، ومن يشوِّهون صورة الإسلام، ومن يسرقون الأموال.
- هناك ضرورة شرعية للتصدِّي للخائنين الذين يريدون تزييف إرادة الأمة بأموالهم المنهوبة من المال العام.
ولقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: "والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" (البخاري).
من يقوم بالإصلاح؟ ما صفات المصلحين؟
من صفات من يقوم بالإصلاح كما وردت في كتب الفقه والدعوة:
* الصلاح * الحلم والرحمة
* الإخلاص * الأمانة والتواضع
* الصدق * الوسطية
* العفة * الوفاء
* العزة * الشجاعة والعزيمة
فالإصلاح جهاد، ولا يقوم به إلا مَن يرغب أن يجاهد ويضحِّي ويتاجر مع الله.. حتى ننتصر على الفساد لا بد من جهاد، والجهاد يحتاج إلى تضحية، والتضحية تحتاج إلى رجال يؤمنون ويبايعون الله، والذين ورد فيهم قول الله عزَّ وجلَّ: ?إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)? (التوبة).
فالإصلاح من مسئولية الصالحين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، الذين يبايعون الله، والذين يضحُّون بكل عزيز لجعل كلمة الله هي العليا، وكلمة الكافرين والملحدين ومن في حكمهم السفلى.
مشكلات عاجلة في حاجة إلى الحل
من أهم هذه المشكلات التي تستوجب الحل من أجل الإصلاح ما يلي:
- مشكلة البطالة: ومن سُبل العلاج من خلال تشجيع الاستثمار وحماية الصناعة الوطنية، والتركيز على الضروريات، وترشيد نظام تمويل المشروعات الصغيرة، والمتناهية في الصغر بالصيغ الإسلامية البعيدة عن الربا.
- مشكلة العنوسة: ومن سُبل العلاج بناء مساكن شعبية، ودعم وتيسير الزواج ماليًّا، وإنشاء الصندوق الاجتماعي لتيسير الزواج.
- مشكلة المرض: ومن سُبل العلاج إعطاء الأولوية لعلاج المرضى من الفقراء والمساكين.
- مشكلة التعليم: ومن سُبل العلاج وضع إستراتيجية جديدة لربط التعليم باحتياجات سوق العمل، وجعله حقًّا لكل مواطن، وإصلاح حال المعلم، والتصدِّي لمشكلة الدروس الخصوصية.
- مشكلة الفساد: ومن سُبل العلاج إصلاح نظام الإعلام، ونظام التعليم، والاهتمام بالقيم الروحية والأخلاقية.
- مشكلة العجز في الموازنة: ومن سُبل علاجها الترشيد، منع الإسراف والتبذير، والتركيز على الضروريات والحاجيات.
- مشكلة المديونية: ومن سُبل علاجها الابتعاد عن التمويل بالفوائد الربوية، وترشيد الإنفاق والالتزام بالأولويات الإسلامية.
وهناك مشكلات أخرى يضيق المقام لعرضها وتحليلها.
المنهج الإسلامي للإصلاح
يُقصد بالإصلاح في المنهج الإسلامي هو تقويم المعوج والمنحرف عن شرع الله، فقد رسم الإسلام للناس الطريق المستقيم الواجب السير عليه، وأصل ذلك قول الله تعالى: ? وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)? (الأنعام)، وقال الله لرسوله محمد: ?يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)? (يّس)، وكانت رسالة الإسلام إلى الناس جميعًا هي الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم تقتصر فقط على المعروف، بل ركزت على منع الناس من ارتكاب المنكر، ومن صوره الفساد، ولقد أمر الله الناس بذلك فقد قال تبارك وتعالى: ?كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110 ? (آل عمران) ، ولقد كان منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، بل أوصانا بالتصدِّي للمنكر بالمنع والعلاج، فقال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" (رواه مسلم).
وكانت هناك جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي من مقاصدها النهي عن الفساد، وفي مجال المعاملات في الأسواق أُنشئ نظام الحسبة؛ حيث كان يقوم المحتسب بالاطمئنان على تطبيق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وكان سلطانه في بعض الأحيان تعذير المخالفين.
نداء من القرآن لمن يريدون الإصلاح
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24)? (الأنفال).
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)? (التوبة).
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ? (الصف: من الآية14).
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(200)? (آل عمران).
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
لقد أمر الله تبارك سبحانه وتعالى بالإصلاح كما جاء في قوله: ?وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ(104)? (آل عمران),
ولقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم" (البخاري)، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم؛ حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك".
يُستنبط من ذلك أن الإصلاح والنهي عن المنكر والتصدِّي للفساد ضرورة شرعية، ومن مسئولية الجميع، ولقد اهتمَّ الإسلام بهذا، فوضع له المنهج والبرنامج، وهذا ما سوف نتناوله بشيء من الإيجاز في هذه الدراسة:
تحليل مظاهر الفساد:
لقد استشرى الفساد في كل نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وصدق الله العظيم القائل: ?ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(41)? (الروم), ولقد تنبأ الرسول بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المهاجرين.. خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهم: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولا نقضوا عهد الله ولا عهد رسوله إلا سلَّط عليهم عدوًّا من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم" صدق رسول الله (رواه ابن ماجه والبزار والبيهقي).
لقد ابتليت مصر بهذه الأوجاع، ومنها على سبيل المثال ما يلي:
- الأمراض: الكبد، السرطان، الفشل الكلوي.
- الفاحشة: الزنا، والعري، والسفور، والزواج العرفي.
- التطفيف في الكيل والميزان، والغش، والتدليس، والنصب.
- الحياة الضنك: الغلاء والفقر.
- جور السلطان وظلمه الواضح: الضرائب والرسوم.
- نهب الأموال وأكلها بالباطل: السرقة والرشوة والاحتكار.
- البأس الشديد والخلافات بين المسلمين.
ولقد قامت عدة جهات في مصر بترجمة صور الفساد في إحصائيات، نذكر منها ما يلي:
- 730 ألف قضية فساد في العام؛ يعني قضية فساد كل دقيقة ونصف الدقيقة.
- 32% من نواب مجلس الشعب متهمون بقضايا فساد متمثلة في: نواب القروض، نواب الشيكات، هاربين من التجنيد، مزدوجي الجنسية، نواب المخدرات.
- ترتيب مصر في مؤشر مقاومة الفساد والشفافية رقم 70 في دول العالم.
- 600 مليار جنيه تقريبًا قيمة الدين المحلي؛ يعني كل فرد مدين بـ9 آلاف جنيه.
- 150 ألف حالة سرطان سنويًّا.
- نسبة الأمية أكثر من 40% في مصرنا الحبيبة.
- 9 ملايين عانس.
- 16 مليون عاطل يبحثون عن فرصة عمل.
- 200 مليار جنيه مهرَّبة من أموال الشعب.
هذه الإحصائيات وغيرها تبيَّن أن هناك ضرورةً للتصدِّي للفساد بكل صوره وأشكاله، وهذا هو ذروة سنام الإصلاح، وهذا ما أكده العلماء والفقهاء على النحو الوارد في البند التالي:
الإصلاح.. ضرورة شرعية وحاجة إنسانية
- يرى الفقهاء والعلماء والدعاة أن الإصلاح ضرورة شرعية، ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى: ?إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ? (هود: من الآية 88).
كما أوجب الله على وليِّ الأمر القيام بالإصلاح، فقال الله تبارك وتعالى: ?الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)? (الحج).
وتأسيسًا على ذلك:
- هناك ضرورة شرعية للإصلاح الشامل لحفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
- هناك ضرورة شرعية للجهاد ضد المفسدين، حتى لا يزدادوا فسادًا في الأرض.
- هناك ضرورة شرعية للتصدِّي لمن يعطلون تطبيق شرع الله، ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا.
- هناك ضرورة شرعية لتطهير المجتمع من المفسدين والمنافقين ومَن في حكمهم؛ لأنهم رأس الفساد في المجتمع.
- هناك ضرورة شرعية لمقاومة من يعتدون على الدين والنفس، ومن يهتكون الأعراض، ومن يشوِّهون صورة الإسلام، ومن يسرقون الأموال.
- هناك ضرورة شرعية للتصدِّي للخائنين الذين يريدون تزييف إرادة الأمة بأموالهم المنهوبة من المال العام.
ولقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: "والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" (البخاري).
من يقوم بالإصلاح؟ ما صفات المصلحين؟
من صفات من يقوم بالإصلاح كما وردت في كتب الفقه والدعوة:
* الصلاح * الحلم والرحمة
* الإخلاص * الأمانة والتواضع
* الصدق * الوسطية
* العفة * الوفاء
* العزة * الشجاعة والعزيمة
فالإصلاح جهاد، ولا يقوم به إلا مَن يرغب أن يجاهد ويضحِّي ويتاجر مع الله.. حتى ننتصر على الفساد لا بد من جهاد، والجهاد يحتاج إلى تضحية، والتضحية تحتاج إلى رجال يؤمنون ويبايعون الله، والذين ورد فيهم قول الله عزَّ وجلَّ: ?إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112)? (التوبة).
فالإصلاح من مسئولية الصالحين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، الذين يبايعون الله، والذين يضحُّون بكل عزيز لجعل كلمة الله هي العليا، وكلمة الكافرين والملحدين ومن في حكمهم السفلى.
مشكلات عاجلة في حاجة إلى الحل
من أهم هذه المشكلات التي تستوجب الحل من أجل الإصلاح ما يلي:
- مشكلة البطالة: ومن سُبل العلاج من خلال تشجيع الاستثمار وحماية الصناعة الوطنية، والتركيز على الضروريات، وترشيد نظام تمويل المشروعات الصغيرة، والمتناهية في الصغر بالصيغ الإسلامية البعيدة عن الربا.
- مشكلة العنوسة: ومن سُبل العلاج بناء مساكن شعبية، ودعم وتيسير الزواج ماليًّا، وإنشاء الصندوق الاجتماعي لتيسير الزواج.
- مشكلة المرض: ومن سُبل العلاج إعطاء الأولوية لعلاج المرضى من الفقراء والمساكين.
- مشكلة التعليم: ومن سُبل العلاج وضع إستراتيجية جديدة لربط التعليم باحتياجات سوق العمل، وجعله حقًّا لكل مواطن، وإصلاح حال المعلم، والتصدِّي لمشكلة الدروس الخصوصية.
- مشكلة الفساد: ومن سُبل العلاج إصلاح نظام الإعلام، ونظام التعليم، والاهتمام بالقيم الروحية والأخلاقية.
- مشكلة العجز في الموازنة: ومن سُبل علاجها الترشيد، منع الإسراف والتبذير، والتركيز على الضروريات والحاجيات.
- مشكلة المديونية: ومن سُبل علاجها الابتعاد عن التمويل بالفوائد الربوية، وترشيد الإنفاق والالتزام بالأولويات الإسلامية.
وهناك مشكلات أخرى يضيق المقام لعرضها وتحليلها.
المنهج الإسلامي للإصلاح
يُقصد بالإصلاح في المنهج الإسلامي هو تقويم المعوج والمنحرف عن شرع الله، فقد رسم الإسلام للناس الطريق المستقيم الواجب السير عليه، وأصل ذلك قول الله تعالى: ? وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)? (الأنعام)، وقال الله لرسوله محمد: ?يس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)? (يّس)، وكانت رسالة الإسلام إلى الناس جميعًا هي الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم تقتصر فقط على المعروف، بل ركزت على منع الناس من ارتكاب المنكر، ومن صوره الفساد، ولقد أمر الله الناس بذلك فقد قال تبارك وتعالى: ?كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110 ? (آل عمران) ، ولقد كان منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، بل أوصانا بالتصدِّي للمنكر بالمنع والعلاج، فقال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" (رواه مسلم).
وكانت هناك جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي من مقاصدها النهي عن الفساد، وفي مجال المعاملات في الأسواق أُنشئ نظام الحسبة؛ حيث كان يقوم المحتسب بالاطمئنان على تطبيق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وكان سلطانه في بعض الأحيان تعذير المخالفين.
نداء من القرآن لمن يريدون الإصلاح
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24)? (الأنفال).
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)? (التوبة).
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ? (الصف: من الآية14).
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(200)? (آل عمران).
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.