التعاون بين الأسرة و المدرسة في تطبيق المناهج الجديدة
التعاون بين الأسرة والمدرسة
في تطبيق المناهج الحديثة
سامي محمود طه
نقف اليوم على أعتاب مرحلة تعليمية تربوية أكثر تطوراً وتقدماً . عصرنا عصر علوم وتكنولوجيا ،عصر اختبار جدي لقدرة الشعوب على مواكبة هذا التقدم العلمي والإنسان العربي بشكل عام والسوري على وجه الخصوص أثبت دائماً- قدرته على مجاراة الشعوب الأخرى ،بل والتفوق عليها في ميادين عدة.
من الخطأ أن نقول (مناهج جديدة أوحديثة) إنها مناهج مطّورة فحسب فالمادة العلمية هي ذاتها،الحواس الخمس لم تصبح ستاً،والجغرافية لم تتغير وقواعد اللغة العربية على حالها،ولكن ما اختلف في المناهج التي بين أيدينا هي وسائل تقديم المعلومة إن كان عبر الصف ومقوماته (المدرس،الوسيلة التعليمية،طريقة التعليم)أو عبر الأسرة التي أرهقتها في السابق الواجبات البيتية والحفظ والأسلوب التقليدي في التعليم .
مع التأكيد أن الوجهة في مدارسنا لا زالت تربوية تعليمية.
إن المناهج التي يتعامل أبناؤنا معها للمرة الأولى هذا العام هي نتاج أبحاث وخبرات طبية عملت عليها وزارة التربية مستعينة بتجارب ومعارف محلية وعربية وعالمية،فبناء هذه المناهج قام على ثلاثة مداخل رئيسة هي(أساسيات المعرفة في المادة العلمية والحياة ومهارات التفكير والاكتشاف والملاحظة ثم التكامل بين أجزاء المادة وتلاؤمها مع المواد الأخرى) وهذا جهد كبير يجسد توجه السيد وزير التربية في السير في مسار التطوير والتحديث قولاً وفعلاً مواكبة لمسار التطوير والتحديث في مختلف صعد الحياة في وطننا بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد .
التعليم بأسلوب المجموعات،هي وسيلة جديدة تطبق في مدارسنا هذا العام وفقاً لمتطلبات المنهاج ولعل الدورات التدريبية التي اتبعها العاملون في حقل التعليم في مدارس القطر كافة -على قصرها- قدمت نواة جيدة لكيفية تفاعل المدرس مع المنهاج ومع تلاميذه في الصف.
سأعرض لدور المدرسة، ودور الأسرة،والتعاون المثمر بينهما في تطبيق هذه المناهج للوصول إلى غاية وجودها، غاية وجود المدارس أصلا ، هذه الغاية هي بناء الإنسان بناءً قويماً يؤسس لمستقبل مشرق لأمتنا التي تنتظر أجيالاً واعية جديدة ترفد مسار تطورها،وتكون قادرة على مواجهة التحديات.
ما هو دور المدرس في هذه المناهج المتطورة؟
لا بد هنا من الإشارة إلى الحضور الطاغي للمدرس في تقديم المعلومة في أساليب تعليم المناهج السابقة،ولكننا اليوم أمام حضور من نوع آخر لهذا المدرس. المدرس نفسه والتلاميذ أنفسهم ،والمعلومة ذاتها. إذاً ما تغير بالنسبة للمدرس هو الدور الذي سيلعبه ليغدو أكثر قبولاًوقدرة على التفاعل مع تلاميذه. إن دور المدرس هنا هو الإشراف والتوجيه وعلى التلميذ أن يفكر ويبحث ويدفع المدرس لتقديم المعلومة من خلال الأسئلة الاستكشافية، ولعل دفع التلميذ إلى دور الباحث عن المعلومة أكثر جدوى من تقديمها له بالوسائل الأخرى فهي ستعزز شخصيته وتدفعه ليصبح قادراً على الفهم والاستيعاب والتعبير.
وقد لخص السيد عبد الحكيم حماد مدير المناهج في وزارة التربية هذا الدور من خلال النقاط التالية:
1- المعلم يبني المعرفة ويساعد على بنائها عند المتعلمين .
2- مرشد وموجه لعملية التعليم.
3- يساعد المتعلم للحصول على المعلومة بأيسر السبل وأقصرها وأكثرها ثباتاً في الذهن.
4- يعمل على بناء بيئة معرفية متوافقة ومنسجمة مع الواقع التعليمي لدى التعلم.
5- يستخدم استراتيجيات التدريس الفعالة والمتنوعة.
في حين عُد المتعلم محور عملية التعلم والتعليم واهتمت المناهج بربط المحتوى التعليمي بالبيئة المحيطة بالمتعلم مباشرة وأصبح المحتوى التعليمي محتوى تعليمياً للأسرة جميعها.
- دور الأسرة:
بما أن المناهج المتطورة تراعي الخصائص النفسية والعمرية للمتعلمين وتأخذ بآراء أولياء الأمور وبآراء المعلمين والمدرسين والموجهين الاختصاصيين و التربويين وتراعي حاجات واهتمامات وميول المتعلمين وتواكب التطورات العلمية والتربوية الحديثة والمعاصرة وخصائص المجتمع وتدعيم القيم الدينية والأخلاقية والجمالية وربط المتعلم بالمجتمع ومد جسور التواصل بين المتعلم وبيئته فإن هذا يوفر دوراً رائدا للأسرة لتكون فاعلة في عملية تعليم أبنائها.
سيعود المتعلم إلى بيته وفي ذهنه أسئلة بحاجة إلى بحث وتقصٍٍ ،وهنا على الأسرة أن تكون محرك البحث وليس المجيب الآلي وبتصور لهذا الأمر سنكتشف أن العام الدراسي سيتحول إلى ورشة متكاملة كل طرف فيها على قدر كبير من الأهمية .
مثلاً حين يعود الطفل إلى منزل أسرته ويسأل عن أهمية الزراعة في حياة مجتمعنا سيجد مجالاً واسعاً لاستكشاف إجابات من واقعه،وكذلك إن أراد التعرف إلى أشكال أوراق الأشجار سيجد من يوجهه إلى مراده،وحين يبحث عن دور أشعة الشمس في استمرارية الحياة والهواء و......فستكون هناك إجابات وافية من واقع بيئته .
على الأسرة أن تدعم جسور التواصل مع المدرسة ليغدو تكامل عناصر الورشة التعليمية حقيقياً فالمنزل أصبح موطناً للتعليم ويجب على إدارة المدرسة بكوادرها ألا تنتظر خطوات التواصل من الأسرة بل تسعى إليها فهذا التعاون بمثابة أرض خصبة لانطلاقة فعالة في سبل التعلم الجديدة.
إن التكامل بين البيت والمدرسة يساهم في رسم سياسة تربوية تعليمية موحدة تؤدي إلى استبعاد التضارب بين ما تقوم به المدرسة وما يقوم به البيت وتساهم في علاج مشكلات أطفالنا وبخاصة التي تؤثر في مكونات شخصياتهم ورفع مستوى الأداء وتحقيق مردود العملية التربوية وتقديم الرأي والمشورة في بعض الأمور التربوية والتعليمية التي تنعكس على تحصيل التلاميذ ورفع مستوى الوعي التربوي لدى الأسرة ومساعدتها على فهم نفسية التلميذ ومطالب نموه ووقاية التلاميذ من الانحراف.
على الأسرة أيضاً أن توفر للطفل أسباب الراحة النفسية فتساعده على تنظيم وقته وتقدم له ما يسهم في نموه نمواً سليماً.
من المشاكل التي تعترض هذا التعاون :
1-انخفاض المستوى التعليمي لبعض الأسر وبالتالي تدني مستوى الوعي التربوي.
2-معاناة الأسرة مشكلات نفسية واجتماعية واقتصادية تشغلها عن أداء دورها.
3-انشغال الوالدين عن متابعة الأبناء.
4-الدور السلبي لوسائل الإعلام .
5-ضعف سلطة الضبط الاجتماعي داخل بعض الأسر ما يفقدها القدرة على التوجيه الصحيح الذي يحقق أهداف التربية وكل أمر من هذه الأمور قد يشكل عائقاً لكن هنا يمكن للمدرسة أن تلعب الدور الأكبر من خلال التواصل الذي ذكرناه سابقاً ومحاولة أن تكون المدرسة صديقة الأسرة في هذه الحالات تقدم المساعدة والمشورة.
إن التعاون بين البيت والمدرسة أمر لا بديل عنه لتحقيق أهداف العملية التربوية والمنهاج المتطور ولاستكمال تحقيق ذلك لا بد أن تساهم المؤسسات الاجتماعية الموجودة في المجتمع بجهودها من أجل مشاركة المدرسة ومساندتها للقيام بالدور المنوط بها .
إن نجاح العملية التعليمية هو نتاج جهد كريم مشترك بين المدرسة والأسرة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى.