ضرب النساء خلق ذميم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد
فقد شرع الله تعالى سنة الثواب والعقاب، وجعل الثواب لمن أحسن وأناب، ثم كان العقاب لمن حاد عن الصواب، بعد ما نُصِحَ فما استجاب
لكنه سبحانه أمر بالتدرج عند التقويم والإصلاح؛ بحيث يكون الضرب آخر الوسائل التي يلجأ إليها الزوج أو المربي، ويكون أيضًا علاجًا لمرضٍ، فإذا ذهب المرض فلا حاجة لهذا العلاج من أصله
وعلى هذا فالضرب ضرورة يلجأ إليها الرجل بعد أن يكون قد استنفد كل الوسائل المتاحة، والسبل المباحة من موعظة، ونصح، ثم هجر للمرأة في مضجعها في حالة نشوزها وعصيانها، أو تكرر الخطأ منها بلا اكتراث
ولا اهتمام
وهو كذلك آخر مرحلة يضطر إليها الزوج؛ نظرًا لما قد ينتج عنه من زيادة المشاكل، بسبب ضربة خاطئة، أو تجاوز الحدود الشرعية في الضرب
قال تعالى وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء
وقال « فاضربوهن ضربًا غير مُبَرح » مسلم وليس النساء أمام الضرب سواءً؛ فليست الوضيعة كالرفيعة أي في المنزلة ، وليست الحَيِيَّة كالجريئة، ولا الجانية كالبريئة، فمن النساء من تكفيها النصيحة، وتستحي بمجرد مراجعتها ومثل هذه فإن اللجوء إلى ضربها عند الخطأ ربما شقَّ قلبها وفتت كبدها، وإذا تكرر ذلك فربما أصابتها حالة نفسية يصعب علاجها فيما بعدُ
ومن النساء من تتحمل الضرب بشرط ألا يكون في حضرة الأقارب أو الأجانب، فإذا حضروه اشتاطت غضبًا وازدادت خطأً، وعلى الزوج أن يراعي ذلك، فإن لم يكن الزوج حصيفًا حليمًا بحيث يراعي هذه الجوانب النفسية؛ فإنه بلا شك يقود السفينة للغرق، والحياة الزوجية للفشل ومن النساء من يُصلحها الضرب أحيانًا، ولكن يراعى حدود الشرع في ذلك
حدود الضرب ونوعه
أولاً : لا يكون الضرب على الوجه؛ لأنه يهينها، والوجه موضع تكريم، وبه موضع السجود للرب الكريم قال «ولا تضرب الوجه» صحيح أبي داود للألباني
ثانيًا : ألا يكون في مواضع حساسة من جسد المرأة
ثالثًا : ألا يكون مبرِّحًا، أي شديدًا؛ لقوله « فاضربوهن ضربًا غير مبرح » مسلم ، قال ابن عباس وغير واحد غير مبرح يعني غير مؤثر وقال الفقهاء هو ألا يكسر عضوًا ولا يؤثر فيها شيئًا
وعليه فالذي يضرب زوجته حتى تحمر عينها، أو تتورم شفتها، أو تُكسر سنها، أو يزرَقّ جلدها فإنه مخالف مخالفة صريحة لرسول الله ، فليُصْلِح نفسه قبل أن يُصلح امرأته
رابعًا : أن يكون على قدر الخطأ فليس كل خطأ، ولو كان صغيرًا، تقام له مجلدة للمرأة والله تعالى يقول وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ
وليعلم الزوج حين يضرب زوجته أنه مؤدِّب ومُصلِح، وليس خصمًا وندًّا، وفرق شاسع بين الاثنين، فالمؤدب يحاول إصلاح زوجته مراعيًا في ذلك تفادي المفاسد التي تنتج عن ضربها، وهو بذلك يريد أن يحقق بذلك مصلحة، وهي الوصول بزوجته إلى طاعته، أما إذا وقف منها موقف الخصم، واستخدم الشدة بكل معانيها، وصبَّ عليها جامَّ غضبه، فإنه يضرب ولا يدري أين وقعت يده، ويركل ولا يدري ماذا أصابت رِجْله، ويسبّ ولا يدري ماذا قال، وتسأله المسكينة أن يكفَّ فلا يسمع سؤالها، وتستغيث فلا يغيثها، وتبكي وتصرخ فلا يرحم دموعها وصراخها، بل ربما تمزقت ثيابها وسال دمها، والذي يعامل امرأته بهذا الأسلوب سيفشل لا محالة، وصلاح زوجته استحالة
لذلك حذر الله تعالى عند ضرب النساء من التمادي في العقاب إذا أعلنت المرأة أي إعلان يدل على التراجع والطاعة، فقال تعالى فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا
قال ابن كثير رحمه الله فإذا أطاعت المرأة زوجها فيما يريد منها مما أباحه الله له منها؛ فلا سبيل له عليها بعد ذلك، وليس له ضربها ولا هجرانها، وقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا تهديد للرجال إذا بغوْا على النساء في غير سبب؛ فإن الله تعالى الكبير وَلِيُّهن، وهو ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن
فهل يخاف الضرَّابون ربَّهم؟
وفي غالب الأحيان فإن الذي يكثر من ضرب امرأته يجعلها تتعودُ الضربَ وتستأسد، فتتحول من قطة إلى أسد، فربما مدت يدها عليه حال ضربها، فإن لم تمد يدها فلن يسلم من لسانها ودعواتها عليه، ومثل هذه الزوجة تكره زوجها، ولا تتمنى أن تراه، فهل هذه حياة؟
والأدهى من ذلك والأمرُّ أنه ربما يكون هذا الزوج حلو اللسان مع الناس خارج البيت، شديد الحلم والتواضع، كثير المجاملات، لكن ليس لبيته من ذلك كله نصيب قال «إني أحرج عليكم حق الضعيفين، اليتيم والمرأة» صحيح الجامع للألباني يعني أُلحِق الحرج والإثم بمن يتعدى على الضعيفين
وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه «ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي، فإذا التُمِس ما عنده وُجد رجلاً» ألا فليتق الزوج ربه في زوجته كما أوصي النبي بذلك فقال «واستوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عوان عندكم» صحيح الترمذي للألباني أي أن المرأة أسيرة في أيديكم ليس لها بعد الله إلا زوجها، فلا ينفرد
بها إلا في خير
موقف النبي الكريم من ضرب النساء
في الحديث أن النبي «ما ضرب بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما ضرب امرأة قط ولا خادمًا قط» مسلم وقد استنكر رسول الله على هُواة الضرب لنسائهم تلك الممارسات فقال «لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم» البخاري
قال جابر رضي الله عنه نهى رسول الله عن الضحك من الضرطة، ووعظهم في النساء أن يضرب أحدهم امرأته كما يضرب العبد أو الأمة من أول النهار ثم يعانقها من آخر النهار البخاري ، ومسلم
وبيَّن النبي أن توالي ضرب النساء ليس شهامة ولا مروءة ولا خصلة حميدة
فعن إياس بن أبي ذباب قال قال رسول الله « لا تضربوا إماء الله»، فأتاه عمر رضي الله عنه ، فقال يا رسول الله ذَئِرَ النساء أي اجترأت على أزواجهن؟ فأَذِنَ في ضربهن، فأطاف بآل محمد نساءٌ كثير؛ كلهن يشكون أزواجهن، فقال النبي لقد أطاف بآل محمد سبعون امرأة؛ كلهن يشكون أزواجهن، وليس أولئك بخياركم» صحيح سنن أبي داود للألباني
وقد رفض تزويج الضراب للمرأة، مادامت في مجال الاختيار حدث هذا عندما تقدم معاوية لخطبة فاطمة بنت قيس، وكذلك أبو جهم، فلما استشارت رسول الله في الخاطبَيْن؛ فلم يوافق على أبي جهم وقال «وأما أبو جهم فرجل ضرَّاب للنساء» وفي رواية لأحمد «لا يضع عصاه عن عاتقه» قال الألباني في غاية المرام ص صحيح
إذًا فكثرة الضرب ليست من الخُلق الحسن، وفاعلها ليس من خيار المسلمين بنص الرسول «ليس أولئك بخياركم» وهو القائل أيضًا «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» صحيح الترمذي للألباني وعليه، فمن رفض تزويج الضَّرَّاب للنساء؛ فإن رفضه في محله، وليذهب الخاطب بغلِّه
وكان عظيم اللطف بالنساء، يظهر ذلك فيما روي عنه أنه ما ضرب شيئًا قط بيده لا امرأة ولا خادمًا مسلم
وقوله لأنجشة «رويدًا سوقك بالقوارير» البخاري ، ومسلم
وشبَّه النساء بالقارورة الزجاجية الضعيفة، سريعة الكسر والتحطيم
فلما طلب نساؤه منه زيادة النفقة والمصروفات، والتوسعة في العيش جلس مهمومًا غاضبًا لزهده في الدنيا ومتاعها، «دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله فوجد الناس جلوسًا ببابه لم يؤذن لأحد منهم فأذن لأبي بكر فدخل ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له فوجد النبي جالسًا، حوله نساؤه واجمًا ساكتًا فقال لأقولن شيئًا أُضحِك النبي فقال يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة زوجة عمر سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها؟ فضحك رسول الله وقال «هن حولي كما ترى يسألنني النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول تسألن رسول الله ما ليس عنده فنهاهما رسول الله عن ضربهما )مسلم
وكان لشريح القاضي جارٌ من كندة يُفزع امرأته ويضربها، وكانت زوجة شريح مثالاً للزوجة المطيعة فأنشد يقول
رأيتُ رجالاً يضربون نساءهم
فَشُلَّتْ يميني حين أضربُ زينبًا
أأضربها في غير ذنب أتتْ به
فما العدلُ منّي ضرْبُ مَن ليس مُذنٍبًا
الأسباب التي تجر الضرب إلى النساء
منها ما الزوجة سبب فيه، ومنها ما الزوج متورط فيه
فمما تسبب فيه المرأة لنفسها
ـ نشوزها وعدم طاعتها، وعدم التزامها بما يُلزمها به زوجها
ـ الامتناع عن فراشه بدون عذر
ـ خروجها بغير إذنه
ـ إدخالها في بيته أحدًا لا يحب هو دخوله عنده
ـ إهمالها الحجاب أو التزين للزوج وغير ذلك
وهناك الأسباب من جهة الزوج منها
ـ الغيرة الشديدة في غير محلها، والناتجة عن الوسوسة؛ فبعض الأزواج يشك حتى في نفسه فيغلق جميع الأبواب والنوافذ على زوجته، ويمنعها من البروز إلى شرفة البيت ولو بحجابها، ويأمرها بما لم يأمر به الله ورسوله من التستر أمام المحارم
ـ الخلط بين حق الزوجة وحق الأبوين، وعدم الفصل في خلافات الزوجة مع الأم بالحكمة، فتارة يُرضي أمه على حساب الزوجة، وتارة يحدث العكس والتوسط والتثبت هو السبيل الصحيح؛ لأن البعض يكذِّب زوجته ويصدق أمه مطلقًا، والبعض يصدق زوجته ويكذِّب أمه مطلقًا، وكلا الأمرين بغيض وفيه ظلم، فأحيانًا يتهم الرجل زوجته بدون بينة، ويقول لها أمي لا تكذب، وأحيانًا يحدث العكس
ـ خوف الرجل الشديد على أبنائه، بصورة تجعله يضرب امرأته كلما رآها تضرب أحد أولاده، أو اشتكى إليه
وهذا خطأ شنيع يقع فيه الرجل، فحنان المرأة على أولادها معروف، فلن تضرب أبناءها إلا لضرورة
ثم إنها تجلس مع أولادها أكثر مما يجلس الرجل، فلابد لها من أن تخيفهم وتربيهم، بل بعض الرجال يضرب زوجته لمجرد شكوى الولد لأبيه، ولهذه سلبيات خطيرة منها
أ ـ أن الرجل يُجرئ بذلك ولده على أمه، ويدربه على عقوقها، وبذلك يعرضه لعذاب الله، فأيهما أهون؛ ضرب أمه له؛ أم عذاب الله للعاق؟ أين عقلك يا رجل؟
ب ـ لا يجوز أن يقابل ضرب الولد من أمه بضرب الرجل للمرأة، فهذا ميزان جائر
ج ـ يولد هذا السلوك الكراهية بين المرأة وزوجها، بل بينها وبين أولادها، حيث صار الرجل بجبروته ومعه أبناؤه حزبًا، والمرأة الضعيفة حزبًا وحدها، وفرق كبير بين الحزبين
د ـ وفي هذا تعليم للولد كثرة الشكاية، والقيل والقال، وسوء الفعال
هـ ـ وهو كذلك تعدٍّ على حق المرأة ومسئوليتها في تربية الأبناء قال «والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها» صحيح الجامع للألباني
فعلى كل من الزوجين أن يعرف حدوده ويلتزمها؛ حتى تكون الحياة بينهما هنيئة رغدة، لا بذيئة نكدة، عامرة بالحب والإيمان، والجميل والعرفان
ـ النزاع بسبب عدم وفاء الزوج بما اشترطه لزوجته
يحدث أحيانًا عندما يخطب شاب فتاة، ويوافق أهلها على زواجها به بشرط من الشروط؛ كأن يمكِّنها من إكمال ما بقي لها من سنوات دراستها فيوافق صاحبنا على الشرط المشروط، فإذا ذهبت إليه زوجته في بيته، منعها مما قد وافق عليه من قبل، معللاً ذلك بأنه لا يحب لزوجته أن تختلط بالرجال في المواصلات وغيره
وصحيح أن الإسلام حرم الاختلاط بين الرجل والمرأة؛ ولكن ليس هذا الآن مجال حديثنا، وإنما حديثنا هو لماذا يا أخي قبلت هذا الشرط يوم أن اشترطوه عليك، وكانت بنتهم عندهم، والقبول والرفض في يدهم؟
قال لأنني أردتُ أن أعفّ نفسي وأعفّها هي أيضًا
طيب يا أخي، أما عن عفتها فهي لم تطلب منك ذلك، وأما عن عفتك أنت فلا تكن على حساب غيرك ثم إن إعلانك لهم بالموافقة على الشرط، ثم نكوصك بعد ذلك؛ يُعَد في الإسلام أولاً كذبًا صريحًا من غير ضرورة، ثانيًا هو عدم وفاء بالعهد، فهل الكذب وعدم وفاء العهد مباح؛ والاختلاط وحده حرام؟
وأنا هنا لا أدعو مسلمًا أن يفي بشرط تبين حرمة الوفاء به؛ لأن النبي نهى عن الوفاء بالنذر إذا تبين أنه محرَّم فقال «لا وفاء لابن آدم في معصية ولا فيما لا يملك» مسلم
لكن السؤال لهذا الزوج يقول بالله عليك، ألم تكن عالمًا بحرمة الاختلاط يوم خطبت زوجتك؛ فإن كنت عالمًا بذلك فلماذا وافقت على مطلب هو في اعتقادك حرام؟ وإن لم تكن عالمًا به ثم علمت، فمقتضى الشرط والعهد أن تذهب إلى أهلها وتخبرهم أنك غير قادر على الوفاء بشرطهم، أو تبين لك حُرمة تنفيذ ما التزمت به لحرمته في دين الله، وهذه ابنتكم بكامل حقوقها، وعلى استعداد أن أتحمل كافة ما تستحقونه في حدود ما يقضي به الشرع الشريف هذا هو سلوك الصالحين العادلين وما دمت قد احترمت تعاليم دينك لك وعليك، فسيوفر الله لك احترام الآخرين، وسيجعل الله لك مخرجًا ومتاعًا إلى حين كلمات قبيحة في حق المرأة
ـ كثير منَ الناس إلا من رحم الله عز وجلَ يهمل المرأة ويتعالى عليها، ويعتبر أن النساء لا ينفع معها إلا هذا الأسلوب، أقول لأمثال هؤلاء ما قاله الله عز وجل لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا الأحزاب فتأملوا كيف كان رسول الله يعامل نساءه، وكيف أوصى بسائر النساء وأيضًا تدبروا قول الله تعالى وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ النساء
ـ يعتقد البعض عقيدة فاسدة عن قدر المرأة وشخصيتها، فيقول المرأة كالنعال، تلبسه وتخلعه وقتما تشاء كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا الكهف فلقد كرَّم الله بني آدم وخص بزيادة التكريم المسلمين، رجالاً ونساءً
ـ والبعض إذا أراد أن يتحدث عن امرأته قال للسامعين زوجتي «أعزكم الله» أو «أكرمكم الله»، وهذا أيضًا تحقير لشأن المرأة ووضع لكرامتها، ولعل هذا الشعور نتج من العقيدة السابقة الفاسدة عندهم أن المرأة كالنعال
ألم تعلموا أيها الأصحاب أن الله عز وجل قال (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ الحجرات وقال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ )الحجرات
وكذلك قال النبي «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره» مسلم
فاستوصِ بها يا أخي خيرًا ولا تَكْرَهْهَا فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا النساء والنبي يقول «لا يفرِكَنَّ أي لا يبغض مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها غيره» صحيح الجامع ويقول «إن المرأة خُلقت من ضلع، وإنك إن تُرٍد إقامة الضلع تكسرها، فدارها تعش بها» صحيح الجامع
إن المرأة هي أم الرجل وهي ابنته، وهي أخته وهي زوجته، ولا يصلح الرجل إلا بها، كما هي لا تصلح إلا به فلماذا التعالي عليها واحتقارها؟ والنبي قال «وإن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد» مسلم
وصية للزوجين أخي الزوج
قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ النساء
أختي الزوجة إن ما يقال لزوجك يقال لك أيضًا، فلم ننصرك عليه، ولم ننصره عليك، ولكن أنصفنا بينكما بما علمناه من دين الله تعالى وشرعه، وهدي نبيه
فليتق كل منكما ربه في الآخر، واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه، وأنه جامع الناس ليوم لا ريب فيه، ثم تُوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
-- منقول
ابومحمد علي فضل اليافعي