كيف جري إفساد مصر والمصريين؟
هذا كتاب مهم .. هو كتاب ( اللحظة الراهنة ) التي نعيشها إذاجاز لنا التعبير .. فهو يتناول بالرصد والتحليل والتعليق معالم الفساد الاقتصادي علي مدي فترة زمنية , بدأت مباشرة بعد انتصار 1973.
وتشهد نهايتها بزوغا لتغيرات رئيسية وحيوية يعاركها الشارع السياسي المصري, جاءت كانعكاس مباشر لتدهور اجتماعي واقتصادي.
لفت نظري عنوان الكتاب( اقتصاديات الفساد في مصر), وتحديدا العنوان الفرعي: كيف جري إفساد مصر والمصريين 1974 ـ2010, فهو في حد ذاته يعد بمثابة منهج للدراسة الاقتصادية القيمة التي أعدها الكاتب عبد الخالق فاروق, والتي حرص علي أن يعرضها لقارئه بشكل مفصل ومركز, ومفادها وباختصار شديد وفي كلمات بسيطة: إن الفساد الاقتصادي يؤدي بدوره إلي فساد بشري.. فهو يطول معه المجتمع بأسره.. الناس.. الأرض.. السلوكيات.. الأخلاق.. هي إذن سلسلة متصلة حلقاتها مع بعضها البعض.
الفساد الاقتصادي يفضي إلي فساد بشري, ينتج عنه تآكل في بنية المجتمع تآكل الأصول ـ علي حد تعبير الكاتب ـ( البشر والأرض والزمن), وليس فقط الصناعات والتكنولوجيا ومجالات البحث العلمي, وهذا هو الخطر الحقيقي الذي ينتج عن( اقتصاديات الفساد).
يبحث إذن الكاتب خلال ثلاثة عقود ممتدة من عام 1974 إلي عام 2010 الظروف والتغيرات الاقتصادية التي واكبت مسار الانحطاط الاقتصادي, والذي شهد بداية عهد الانفتاح الاقتصادي بطريقة( السداح مداح) بحسب التعبير الشهير للكاتب الكبير أحمد بهاء الدين, والتي ولدت معها في النهاية تغيرات سياسية وتحولات في مسار الشارع المصري, بدأتها حركة( كفاية) ثم تبعتها حركات احتجاجية أخري ربما ساهمت في إشعال فتيل نيران ثورة 25 يناير.
ويؤكد الكاتب أن ظواهر الفساد لم تعد مقصورة علي تلك الممارسات التقليدية المعروفة من تعاطي الرشوة أو جرائم الاختلاس, بل إنها امتدت لتطول( الأعصاب الحساسة) في المجتمع المصري ووجدان أفراده وجماعاته دون استثناء تقريبا علي حد كلماته.
كيف جري ذلك؟
كيف تم إفساد مصر والمصريين علي هذا النحو المخيف والذي لم نشهده من قبل؟
هذا هو السؤال..
والإجابة كما يعرض لها الخبير الاقتصادي تتمثل في تولد خندقين متجاورين حول ظواهر الفساد في مصر, يغذي كل منهما الآخر, فالأول يمكن أن نسميه( خندق الكبار) أو( فساد الكبار) من رجال الحكم ورجال المال والأعمال وكبار رجال البوليس والإدارة الحكومية في تحالف غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث.. وبالمقابل تشكل( خندق الصغار) أو( فساد الصغار) الذي وجد وسائله في تعويض الحرمان والفقر المتزايد في نمط آخر من الفساد تمثل في انتشار الدروس الخصوصية وتعاطي الرشاوي والإكراميات مقابل آداء الخدمات الوظيفية للجماهير, وامتدت شبكة الفساد تلك لتشمل الخدمات الحكومية كافة بدءا من أقسام الشرطة ومرورا بالمستشفيات العامة والخدمات الصحية وانتهاء بالمحاكم وقطاع العدالة وغيرها من الخدمات التي تقدمها المصالح والأجهزة الحكومية.
وظاهرة الفساد هذه خلفت وراءها مايعرف باسم( الاقتصاد الخفي)hiddeneconomy حيث انتعشت أنشطة غير مشروعة كطحالب سامة حسب تعبير عبد الخالق فاروق مثل أنشطة الدعارة وتجارة العملات الأجنبية والمخدرات وعمليات تهريب الأموال.. الخ
وخطورة هذا الوضع في الحقيقة تمثلت في أن دائرة الفساد هذه بروافدها المختلفة قد اتخذت طابعا مؤسسيا منذ أن تولي حسني مبارك مقاليد الحكم نهاية عام 1981, فاجتمعت جماعات المال والأعمال حول( مائدته الأسرية) صانعة معها أبشع شبكة سرية للفساد في تاريخ مصر, حيث اختلط المال المنهوب بالسلطة وقراراتها ليتم في النهاية وعبر أكثر من ربع قرن من حكمه إلي إفساد المجتمع المصري بأسره.
ويفند الكاتب ظاهرة الفساد التي تشهدها الدولة المصرية عبر خمسة محاور رئيسية أكدت معها تأصله وتغلغله في جسد المجتمع الذي بات مريضا, لاحول له ولا قوة, مجتمع, كسيح لايقوي علي النهوض وهي: الفساد.. كيف تحول من انحرافات فردية إلي بنية مجتمعية.. إهدار فرص التنمية الحقيقية.. الفساد في قطاع الاتصالات.. الفساد في قطاع الصحافة والإعلام.. وأخيرا سياسات مالية تعزز الفساد, ليقدم في النهاية رؤية متكاملة لمشروع وطني يهدف إلي مقاومة الفساد الذي أدي إلي نهب مصر.
تجدر الإشارة هنا إلي أن الكاتب قد أورد العديد من الأمثلة وحالات الفساد التي شهدناها إبان السنوات الأخيرة مزودة بالأرقام والمستندات والاحصاءات التي تعكس معها توحش غول الفساد وسيطرته وتمكنه من جميع مناحي حياتنا.
الكتاب من تقديم اثنين من أهم الخبراء الاقتصاديين وهما الدكتور محمد رؤوف حامد, والدكتور نادر الفرجاني.
وتشهد نهايتها بزوغا لتغيرات رئيسية وحيوية يعاركها الشارع السياسي المصري, جاءت كانعكاس مباشر لتدهور اجتماعي واقتصادي.
لفت نظري عنوان الكتاب( اقتصاديات الفساد في مصر), وتحديدا العنوان الفرعي: كيف جري إفساد مصر والمصريين 1974 ـ2010, فهو في حد ذاته يعد بمثابة منهج للدراسة الاقتصادية القيمة التي أعدها الكاتب عبد الخالق فاروق, والتي حرص علي أن يعرضها لقارئه بشكل مفصل ومركز, ومفادها وباختصار شديد وفي كلمات بسيطة: إن الفساد الاقتصادي يؤدي بدوره إلي فساد بشري.. فهو يطول معه المجتمع بأسره.. الناس.. الأرض.. السلوكيات.. الأخلاق.. هي إذن سلسلة متصلة حلقاتها مع بعضها البعض.
الفساد الاقتصادي يفضي إلي فساد بشري, ينتج عنه تآكل في بنية المجتمع تآكل الأصول ـ علي حد تعبير الكاتب ـ( البشر والأرض والزمن), وليس فقط الصناعات والتكنولوجيا ومجالات البحث العلمي, وهذا هو الخطر الحقيقي الذي ينتج عن( اقتصاديات الفساد).
يبحث إذن الكاتب خلال ثلاثة عقود ممتدة من عام 1974 إلي عام 2010 الظروف والتغيرات الاقتصادية التي واكبت مسار الانحطاط الاقتصادي, والذي شهد بداية عهد الانفتاح الاقتصادي بطريقة( السداح مداح) بحسب التعبير الشهير للكاتب الكبير أحمد بهاء الدين, والتي ولدت معها في النهاية تغيرات سياسية وتحولات في مسار الشارع المصري, بدأتها حركة( كفاية) ثم تبعتها حركات احتجاجية أخري ربما ساهمت في إشعال فتيل نيران ثورة 25 يناير.
ويؤكد الكاتب أن ظواهر الفساد لم تعد مقصورة علي تلك الممارسات التقليدية المعروفة من تعاطي الرشوة أو جرائم الاختلاس, بل إنها امتدت لتطول( الأعصاب الحساسة) في المجتمع المصري ووجدان أفراده وجماعاته دون استثناء تقريبا علي حد كلماته.
كيف جري ذلك؟
كيف تم إفساد مصر والمصريين علي هذا النحو المخيف والذي لم نشهده من قبل؟
هذا هو السؤال..
والإجابة كما يعرض لها الخبير الاقتصادي تتمثل في تولد خندقين متجاورين حول ظواهر الفساد في مصر, يغذي كل منهما الآخر, فالأول يمكن أن نسميه( خندق الكبار) أو( فساد الكبار) من رجال الحكم ورجال المال والأعمال وكبار رجال البوليس والإدارة الحكومية في تحالف غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث.. وبالمقابل تشكل( خندق الصغار) أو( فساد الصغار) الذي وجد وسائله في تعويض الحرمان والفقر المتزايد في نمط آخر من الفساد تمثل في انتشار الدروس الخصوصية وتعاطي الرشاوي والإكراميات مقابل آداء الخدمات الوظيفية للجماهير, وامتدت شبكة الفساد تلك لتشمل الخدمات الحكومية كافة بدءا من أقسام الشرطة ومرورا بالمستشفيات العامة والخدمات الصحية وانتهاء بالمحاكم وقطاع العدالة وغيرها من الخدمات التي تقدمها المصالح والأجهزة الحكومية.
وظاهرة الفساد هذه خلفت وراءها مايعرف باسم( الاقتصاد الخفي)hiddeneconomy حيث انتعشت أنشطة غير مشروعة كطحالب سامة حسب تعبير عبد الخالق فاروق مثل أنشطة الدعارة وتجارة العملات الأجنبية والمخدرات وعمليات تهريب الأموال.. الخ
وخطورة هذا الوضع في الحقيقة تمثلت في أن دائرة الفساد هذه بروافدها المختلفة قد اتخذت طابعا مؤسسيا منذ أن تولي حسني مبارك مقاليد الحكم نهاية عام 1981, فاجتمعت جماعات المال والأعمال حول( مائدته الأسرية) صانعة معها أبشع شبكة سرية للفساد في تاريخ مصر, حيث اختلط المال المنهوب بالسلطة وقراراتها ليتم في النهاية وعبر أكثر من ربع قرن من حكمه إلي إفساد المجتمع المصري بأسره.
ويفند الكاتب ظاهرة الفساد التي تشهدها الدولة المصرية عبر خمسة محاور رئيسية أكدت معها تأصله وتغلغله في جسد المجتمع الذي بات مريضا, لاحول له ولا قوة, مجتمع, كسيح لايقوي علي النهوض وهي: الفساد.. كيف تحول من انحرافات فردية إلي بنية مجتمعية.. إهدار فرص التنمية الحقيقية.. الفساد في قطاع الاتصالات.. الفساد في قطاع الصحافة والإعلام.. وأخيرا سياسات مالية تعزز الفساد, ليقدم في النهاية رؤية متكاملة لمشروع وطني يهدف إلي مقاومة الفساد الذي أدي إلي نهب مصر.
تجدر الإشارة هنا إلي أن الكاتب قد أورد العديد من الأمثلة وحالات الفساد التي شهدناها إبان السنوات الأخيرة مزودة بالأرقام والمستندات والاحصاءات التي تعكس معها توحش غول الفساد وسيطرته وتمكنه من جميع مناحي حياتنا.
الكتاب من تقديم اثنين من أهم الخبراء الاقتصاديين وهما الدكتور محمد رؤوف حامد, والدكتور نادر الفرجاني.