الأخلاق الحسنة وآثرها في بناء المجتمع ونشر الفضيلة
إن الأخلاق الحسنة كلمة كبيرة لا يستطيع الإنسان وصفها في كلمات أو عبارات أو جمل ومقالات إذ هي أفعال تدرك وسلوك يلاحظ وأخلاق تطبق ومعاملات يقتدى بها ومما لا شك فيه أن أفضل هذه الأخلاق خلق الصدق والأمانة اللذين اشتهر بهما النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية قبل الإسلام فكان يدعى الصادق الأمين ، لذا لم يجد الكفار في هذا الجانب ما ينسبوه اليه وينالوا من أخلاقه الكريمة الذي شهد بها القاصي والداني وسمعت بها جزيرة العرب وتمنى البعيد قبل القريب أن يعرف النبي صلى الله عليه وسلم وأن يلتقي به- وجد الكفار هذا الباب مغلقاً عندما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام، أرادوا ان يتهموه بالكذب ولكن قالوا ما جربنا عليه كذباً قط (الله الله على هذه الإخلاق وما أحوجنا لأن نقتدي بالنبي ونتخذه قدوتنا في ذلك وأن ندع الكذب ونتحلى بالصدق فيعم الخير وينتشر التسامح وتسود الفضيلة) كما لم يستطع الكفار إتهام النبي صلى الله عليه وسلم ورميه بالخيانة لما عهدوه عليه من الأمانة إذ أن الأمانة صفة لازمة لا تنفك عن الأنبياء وما أروع المثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم في الأمانة عندما هم بالهجرة من مكة الى المدينة ( انظر وتأمل معي عظم هذه الصورة -رغم إعراض الكفار عن أمر الدعوة وعدم دخولهم في الإسلام وإيذائهم للنبي وصحابته الذين دخلوا الإسلام وتعذيبهم والنكال بهم - إلا أن النبي كان محط وضع أماناتهم فكانوا يأتمنونه على كنوزهم وذهبهم وأموالهم بالرغم من كفرهم بدعوته وجحودها إياها ومحاربتها والصد عنها بكل ما آتوا من قوة وما آستطاعوا اليه من سبيل) فلما هم النبي بالهجرة الى المدينة خلف علياً ابن أي طالب في بيته وعلى فراشه كي يرد للناس أماناتهم التي وضعوها عند النبي صلى الله عليه وسلم ( بأبي أنت وأمي ونفسي وروحي يا رسول الله ) - ما أحوجنا لأن نتدارس سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونعلمها أبنائنا ونطبقها بيننا وفي بيوتنا ، لا يدعي أحد أن الزمن الجميل قد ولى وأن الناس طبائعهم قد تغيرت والحياة قد فسدت كي يحل لنفسه الكذب ويذهب خلف كلام المارقين مصدقاً أن الكذب منه أبيض وأسود والى غير ذلك من المهاترات، لا يباح الكذب بأي حال من الأحوال إلا في الحالات التي رخص بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي الإصلاح بين المتخاصمين وفي حالة الحرب على سبيل التمويه (راجع مقال دور الإعلام في بناء الدولة الحديثة لنفس الكاتب)، ما أجمل الصدق وما أعظم جزاؤه حيث يقول الله عز وجل " يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" وقال تعالي في آية سورة الأحزاب " والصادقين والصادقات .......أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما" وقال النبي صلى الله عليه وسلم داعياً للصدق ومحذراً ومنذراً من الكذب " عليكم بالصدق ولو ظننتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة وإياكم والكذب ولو ظننتم فيه النجاة فإن فيه الهلكة" ، إن الأخلاق الحسنة سلسلة طيبة يجر بعضها بعضاً، فمن تحلى بالصدق واشتهر بالأمانة لا بد أن تجده حليماً راضياً بالله وعن الله وفي الله ( ربما نحتاج الى مقال حول الرضا بالله وعن الله وفي الله- إن شاء الله سأكتب عن ذلك لاحقاً إن كان في العمر بقية) ودوداً عطوفاً رحيماً معطياً غير مانع جواداً كريماً ينفق ولا يخشى من ذي العرش إقلالاً محباً للخير وداعياً اليه، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت" اللهم آآمين، اللهم جملنا بالأخلاق الحسنة واجعلنا من الصادقين الأمناء وارض عنا وعن والدينا ومشايخنا وعلمائنا وإخواننا وأخواتنا وأحبتنا وبارك في أموالنا وأولادنا وأزواجنا واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك ان نغتال من تحتنا إنك على كل شيئ قدير وبالإجابة خبير وبصير نعم المولى ونعم النصير/، اللهم آآمين الراجي رحمة ربه (محمد علي كدش (أبو عبدالرحمن)