مقال رائع
هل سبق لأحد منكم يا أصدقائي أن وقف أمام المرآة بحثا عن ما غيره الزمن فيه؟ وهل سبق لأي أحدمنكم وأن جلس مع نفسه جلسة مصارحة ودية بحثا عن ما تغير في نفسه من فكر وسلوك؟
أعزائيصحيح أن السنين تغير فينا ألواننا أشكال أنوفنا وابتسامة عيوننا وحتىروائحنا، تجعل شعر رؤوسنا يتساقط كثمار التفاح والرمان، و تجعل التجاعيدتكسو وجوهنا وأجسادنا بدون مقدمات، و تغير من نظرتنا للورود و طريقة شمناللياسمين، لكن ألا ترون معي أن هناك أمور اقوي من الزمن ومن قدرته الجبارةعلى التغير، فلا شيء ولا أحد يستطيع على سبيل المثال أن يغير من كونالمرأة الأكثر إجادة للغة الحوار بالكلام، وكون الرجال الحاصل على أعلىالشواهد في لغة التحاور بالضرب بدون منازع !!!، بدليل أن الرجل يضربالطاولات في المقاهي كلما خسر فريق كرة القدم المفضل لديه، يضرب النوافذالخشبية إن أصيبت بنزلة برد وما استطاعة الانفتاح لشدة الانتفاخ، يضربالمذياع على جنبيه الأيمن والأيسر إن هو تكاسل يوما عن العمل، يضرب المروحةإن أزعج صوتها هدوءه، يضرب جهاز التلفاز القديم إن توقف لبرهة ليستعيدأنفاسها بعد أن عمل بلا توقف لسنين طويلة، لا بل أنه يحمله أحدية فوق رأسهمدعيا أن البث سيكون أفضل وأوضح …
أذكرأنني حينما كنت طفلة في عمر البراعم والزهور، كنت أتحاور مع دميتي كلماتوقفت عن الحديث محاولة معرفة سبب صمتها، فأخاطبها قائلة لها، “ما بك ياصغيرتي؟؟،” اسمعيني صوتك العذب يا حلوة”، في حين كان شقيقي وأولاد عمييضربون سياراتهم ضربا مبرحامعتقدين أنها ستعمل … و حين يكتشفون أن العطبصادر عن كون البطاريات قد نفدت، يخرجونها ويضربونها ضربا يشوه شكلها … وقسعلى ذالك الكثير من الأشياء التي تضرب، ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد.
بعضالرجال يصرون على معاملة زوجاتهم بنفس الطريقة التي كانوا يعاملون بهالعبتهم ، فيضربونهن بسبب أو بلا سبب، وحين تسال ما الداعي يجيبك بلا حياءأن الضرب سنة نبوية … يا الله كم أضعتم من الفرائض والسنن ولا تتذكرون، لابل لا تحبون تذكر إلا سنة الضرب وسنة التعداد، (تعدد الزوجات).
لكنحتى لو كانت المرأة قامت بشيء فادح، فزوجها له حق في معاقبتها، لكن الأمريكون بالمراحل كما بين القرآن الكريم، أولا يوضح لها بالكلام وإذا لم تفهمفبهجرانه الفراش ثم بعد ذلك يأتي الضرب الغير مبرح …لكن لا فهو يحب (حرقالمراحل).
مسلسلالضرب لدى الرجل لا ينتهي فحتى الذباب لا يسلم من ضربه، ولأن للرجل ما لهمن قدرات خارقة في الضرب، تقوم المرأة بالاستعانة به لفك النزاع بينها وبينالحشرات المنزلية، في حين تحافظ هي على أسلوبها الحواري الراقي سواء معهأو مع الأولاد أو حتى مع الأواني المنزلية، فتجدها تأخد إبريق الشاي مثلافتضعه في الرف العلوي في مكانه الصحيح، وكأنها تضع بيديها قطعة أثرية قديمةفي متحف تعود مقتنياته إلى ما قبل الميلاد بكل رقة وهدوء وكأنه مصنوع منالبلور الشفاف سريع الانكسار،”يا له من حوار، شتان بين لغة الرجل ولغةالمرأة.
لكأيتها المرأة، حافظي على أسلوبك الراقي في الحوار والتواصل مع الأشخاصوالأشياء لك أيها الرجل، اثبت ألان انك قادر على الحوار بأسلوب غير الضربوالسب والشتم.
لكم أيها المتحسسون، انا لا أعمم فأصابع اليد غير متشابهة فكم من رجال أجادوا فنون الحوار وكم من نساء أتقن لغة الضرب.
دمنا وإياكم متحاورين على أمل أن نرتقي لدرجات أرقى وأسمى من الحوار