سقوط الأصنام المدسترة
سقوط الأصنام المدسترة
فاطمة الزهراء الزعيم
نطقت الحكمة من فاه نلسون مانديلا ذات لحظات تاريخية قائلة: "الحرية لا يمكن أن تعطى على جرعات، فالمرء إما أن يكون حرا أو لا يكون".وبعد عقود من الزمن هاهي ذي شعوب شمال إفريقيا تدرك أن الحرية ليست ثلاجة تقتنى بالتقسيط كما ظلت توهمنا نخبنا السياسية المنافقة. فمنذ "الاستقلال" ونحن ندفع ثمن الحرية على دفعات ولم نمتلك هذه الحرية بعد ولم نشم رائحتها يوما. و صبرنا ظنا منا أن الصبر على الذل والقهر حلو لأن التمرد عليه قد يقودنا نحو ما لا يحمد عقباه كما درسنا فقهاؤنا السياسيون الذين لم يكفوا يوما عن التملق للجلادين حتى بتنا لا نطيق رؤيتهم على شاشات التلفاز وهم يعيدون تسويق خطاباتهم بلهجة تركب على الأحداث التي تشهدها بلادنا بقيادة شباب استلموا مشعل النضال من روح البوعزيزي الطاهرة التي نادت من قبرها أن حي على الحرية والخلاص من ربقة الاستبداد.
فقبل ثورة الكرامة التونسية كنا نعيش في زنازين عربية مظلمة بدساتير تخجل إنسانيتنا وتهين مواطنتنا ولم نرى نخبة سياسية تبيض وجوهنا وتصنع التغيير الذي كنا ننشده. كانت الكلمات الثائرة تحترق بداخلنا خوفا من جهنم القضاء الفاسد. ويحتضر الرأي في كل اللحظات التي يهيج فيها المارد الذي بداخلنا فيفجر أسئلة محرمة نسارع لإسكاتها وإقبارها في ذواتنا، فنهين حقنا في التفكير والتحليل والتعبير لنتحول إلى قطيع يحاصر ذاته في إسطبلات ديمقراطية علنا نحظى بكرم وعطف الآلهة البشرية وحملة عرشهم من المفسدين.
اليوم وبعد سقوط جدار الخوف، سقطت أسطورة خلود الأصنام البشرية، وانهارت كذبة الإجماع التي مايزال قادة أحزابنا يتمسكون بها لاغتيال حق المغاربة في تقرير مصيرهم السياسي الذي بدوره سينعكس على وضعهم الاقتصادي. ومن هؤلاء السادة السيد بنكيران الذي مازال يتحدث على أن المغاربة مجمعون على أنهم يريديون ملكية تحكم ... وأن لا احد يريد كذا آو كذا...وكأنه هو وغيره من السياسيين قد زاروا مدينة مدينة وقرية قرية وبيتا بيتا وجبلا جبلا وصحرا صحرا واستطلعوا آراء المغاربة فخلصوا إلى النتائج التي يقدمونها كحقيقية لا يشق لها غبار. وأقول لهؤلاء السادة الذين يحتكرون أصواتنا بدون وجه حق على لسان إمانويل كانت:لا أحد يستطيع إلزامي بطريقته كما هو يريد لأصبح فرحا ومحظوظا. كل يستطيع البحث عن حظه وفرحه بطريقته التي يريد وكما يبدو له هو نفسه الطريق السليم. شرط أن لاينسى حرية الآخرين وحقهم في الشيء ذاته.
المذكرات الحزبية المتشابهة التي تلغي القدسية وتبقي على عدم انتهاك حرمة الملك ولا تسمح بمس شخصه هي تتلاعب بالمصطلحات ليس إلا وتغير بعض الكلمات في بقية الفصول وتقدم اقتراحات لا تقدم ولا تؤخر لأنها ببساطة ليس من مصلحتها أن يكون للمغاربة دستور يضمن لهم الحرية والكرامة والعدل. لأن ذلك يعني أن المغاربة سيلقوا بهذه الأحزاب في المزبلة ويبصقوا عليها. لذلك فلقد كان علينا نحن المغاربة الذين نتوق للتغيير أن نطالب بحل هذه الأحزاب المريضة المشؤومة التي لم نرى منها خيرا رغم أننا ندفع لها الكثير من جيوبنا المثقوبة. لأنه من المحال أن نمر لمغرب أفضل بوجود أعداء التغيير الذين يجب إسقاطهم قبل أي شئ آخر.