إمام دار الهجرة
= إمام دار الهجرة = *******************
هو الإمام مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي (1) ، إمام دار الهجرة فقهاً وحديثاً بعد التابعين، ولد في عهد الوليد بن عبد الملك ومات في عهد الرشيد في المدينة رحمه الله، ولم يرحل منها إلى بلد آخر، عاصر كأبي حنيفة الدولتين الأموية والعباسية، لكنه أدرك من الدولة العباسية حظاً أوفر، وقد اتسعت الدولة الإسلامية في عصر هذين الإمامين، فامتدت من المحيط الأطلسي غرباً إلى الصين شرقاً، ووصلت إلى أواسط أوربا بفتح الأندلس.
- طلب العلم على علماء المدينة، ولازم عبد الرحمن بن هرمز مدة طويلة، وأخذ عن نافع مولى ابن عمر وابن شهاب الزهري، وشيخه في الفقه ربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي.
كان إماماً في الحديث وفي الفقه، وكتابه ( الموطأ ) كتاب جليل في الحديث والفقه قال عنه الشافعي رحمه الله: « مالك أستاذي، وعنه أخذت العلم، وهو الحجة بيني وبين الله تعالى، وما أحد أمنّ علي من مالك، وإذا ذكر العلماء، فمالك النجم الثاقب » بنى مذهبه على أدلة عشرين: خمسة من القرآن، وخمسة مماثلة لها مؤ السنة، وهي نص الكتاب، وظاهره وهو العموم، ودليله وهو مفهوم المخالفة، ومفهومه: وهو مفهوم الموافقة، وتنبيهه وهو التنبيه على العلة، كقوله تعالى: {فإنه رجس، أو فسقاً} [الأنعام:6/145] فهذه عشرة.
- والبقية هي: الإجماع، والقياس، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابي، والاستحسان، والحكم بسد الذرائع، ومراعاة الخلاف، فقد كان يراعيه أحياناً، والاستصحاب، والمصالح المرسلة، وشرع من قبلنا (2) .
- وأهم ما اشتهر به: العمل بالسنة، وعمل أهل المدينة، والمصالح المرسلة، وقول الصحابي إذا صح سنده، والاستحسان.
- كان من أشهر تلامذته فريق من المصريين، وفريق آخر من شمال إفريقية والأندلس، منهم سبعة مصريون وهم (3) :
1 ً ــ أبو عبد الله، عبد الرحمن بن القاسم (المتوفى بمصر عام 191 هـ) تفقه على مالك مدة عشرين سنة، وتفقه على الليث بن سعد فقيه مصر المتوفى عام (175 هـ)، كان مجتهداً مطلقاً ، قال عنه يحيى بن يحيى: « أعلم الأصحاب بعلم مالك، وآمنهم عليه » ، وهو الذي نظر وصحح ( المدوَّنة ) في مذهب مالك، وهي من أجل الكتب عند المالكية، وعنه أخذ سحنون المغربي الذي رتب المدونة على ترتيب الفقه.
2 ً ــ أبو محمد، عبد الله بن وهب بن مسلم (ولد عام 125 وتوفي سنة 197 هـ) لازم مالكاً عشرين سنة، ونشر فقهه في مصر وكان له أثر في تدوين مذهبه، وكان مالك يكتب إليه: إلى فقيه مصر، وإلى أبي محمد المفتي. وتفقه أيضاً على الليث بن سعد، وكان محدثاً ثقة، وكان يسمى ( ديوان العلم ).
3 ً ــ أشهب بن عبد العزيز القيسي (ولد في السنة التي ولد فيها الشافعي وهي سنة 150هـ، وتوفي سنة 204 هـ) بعد الشافعي بثمانية عشر يوماً، تفقه على مالك والليث بن سعد، انتهت إليه رياسة الفقه بمصر بعد ابن القاسم، وله مدونة روى فيها فقه مالك تسمى ( مدونة أشهب ) وهي غير مدونة سحنون. قال عنه الشافعي: ما رأيت أفقه من أشهب.
4 ً ــ أبو محمد، عبد الله بن عبد الحكم (المتوفى عام 214 هـ) أعلم أصحاب مالك بمختلف أقواله، وإليه صارت رياسة المالكية بعد أشهب.
5 ً ــ أصْبَغ بن الفرج، الأموي ولاءً (المتوفى عام 225هـ) تفقه بابن القاسم وابن وهب وأشهب السابق ذكرهم، كان من أعلم خلق الله بمذهب مالك ومسائله.
6 ً ــ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم (المتوفى عام 268هـ)، أخذ الفقه والعلم عن أبيه، ومن عاصره من الفقهاء المالكيين السابق ذكرهم، كما أخذ عن الشافعي، حتى صار علماً في الفقه، وانتهت إليه الرياسة والفُتيا بمصر، والرحلة من بلاد المغرب والأندلس.
7 ً ــ محمد بن إبراهيم الاسكندري بن زياد، المعروف بابن الْمَوَّاز، (والمتوفى عام 269هـ)، أخذ الفقه عن علماء عصره، حتى صار راسخاً في الفقه والفتيا، وله كتابه المشهور بالموازية، وهو أجل كتاب ألفه المالكيون، وأصحه مسائل، وأبسطه كلاماً وأوعبه، بنى فيه الفروع على الأصول. ومن أشهر تلامذة مالك المغاربة سبعة وهم:
1 ً - أبو الحسن، علي بن زياد التونسي،(المتوفى عام 183هـ) ، أخذ عن مالك والليث بن سعد، كان فقيه إفريقية.
2 ً - أبو عبد الله، زياد بن عبد الرحمن القرطبي (المتوفى عام 193) يلقب بشبْطون، سمع الموطأ عن مالك، وكان أول من أدخله الأندلس.
3 ً - عيسى بن دينار، القرطبي الأندلسي، المتوفي عام (212هـ )، كان فقيه الأندلس.
4 ً - أسد بن الفرات بن سنان التونسي، أصله من خراسان من نيسابور (ولد عام 145، وتوفي عام 213هـ) شهيداً بسرقوسة، إذ كان أميرالجيش الذي ذهب لفتح صقلِّية، كان عالماً فقيهاً، مجاهداً يقود الجيوش، وجمع بين فقه المدينة، إذ سمع الموطأ من مالك ، وفقه العراق، إذ لقي أبا يوسف ومحمد بن الحسن، وله كتاب (الأسدية) التي هي الأصل لمدونة سحنون.
5 ً - يحيى بن يحيى بن كثير الليثي (المتوفى عام 234 هـ) أندلسي قرطبي، نشر مذهب مالك في الأندلس.
6 ً - عبد الملك بن حبيب بن سليمان السُّلَمي (المتوفى عام 238هـ)، انفرد برياسة الفقه المالكي بعد يحيى المذكور آنفاً.
7 ً - سَحْنون، عبد السلام بن سعيد التَّنُوخي (المتوفى عام 240هـ) تفقه بعلماء مصر والمدينة، حتى صار فقيه أهل زمانه، وشيخ عصره، وعالم وقته. وهو صاحب ( المدونة ) في مذهب مالك التي يعتمد عليها المالكية. ومن أشهر تلامذة مالك الذين نشروا مذهبه في الحجاز والعراق ثلاثة وهم:
1 ً - أبو مروان، عبد الملك بن أبي سَلَمة الماجِشون (المتوفى عام 212هـ) كان مفتي المدينة زمانه. وقيل: إنه كتب (موطأ) قبل مالك.
2 ً - أحمد بن الْمُعَذَّل بن غيلان العبدي، معاصر ابن الماجشون ومن أصحابه، كان أفقه أصحاب مالك في العراق. ولم يعرف تاريخ وفاته.
3 ً - أبو إسحاق، إسماعيل بن إسحاق،القاضي (المتوفى عام 282هـ) أصله من البصرة، واستوطن بغداد، تفقه على ابن المعذل، السابق الذكر، نشر مذهب مالك في العراق.
------------
(1) نسبة إلى ذي أصبح: قبيلة من اليمن.
(2) تاريخ الفقه للسايس: ص 105، كتاب مالك لأبي زهرة: ص254 ومابعدها.
(3) الأموال ونظرية العقد للدكتور محمد يوسف موسى: ص86-89، كتاب مالك:ص233 ومابعدها.
***********
المصدر : الفقه الاسلامي وادلته.