حتى لا يبقى تاريخنا في طي النسيان
n
nجعل الحاج التومي سعيدان، وهو شيخ في الرابعة والسبعين من العمر، الطابق العلوي من منزله الكائن في عاصمة تيديكلت متحفا جمع فيه بين القطع الأثرية النادرة وكم هائل من الوثائق والصور والكتب وقصاصات الجرائد وبيانات تاريخية أرسلت إلى نيويورك لدعم الثورة الجزائرية،? ?متحف? ?جمع? ?فيه? ?على? ?مدار? ?نصف? ?قرن? ?كل? ?ما? ?له? ?علاقة? ?بالمقاومة? ?والحركة? ?الوطنية? ?في? ?مناطق? ?أقصى? ?الجنوب? ?بتيديكلت? ?والهقار? ?والتي? ?أهملتها? ?أقلام? ?المؤرخين?. ?
n
nالحاج التومي وردا على إثم النسيان والتنكّر لبطولات الصحراء، باع سيارته وطبع أول كتاب يؤرخ للمنطقة جمع فيه بين التاريخ القديم للسكان بدءا من انحدارهم وقبائلهم وطبقاتهم وصولا إلى الاستعمار، المقاومة ثم الالستقلال.
n
nيقضي الحاج التومي جل وقته بين آلاف الوثائق ومئات الكتب التي جمعها منذ عام 1946، يكتب ويطالع ويستقبل السياح الأجانب من كل الجنسيات، معتكف أمام طاولة قديمة لا يتوقف عن البحث في خصوصيات المجتمع الصحراوي وخاصة منطقة تيديكلت التي تبعد بحوالي 1278 عن جنوب العاصمة، منطقة زاخرة بالثقافة والتنوع البيئي والبشري، عرفت الطبقية، العبيد والأسياد والأشراف والمرابطين، وعرفت تميّزا اجتماعيا وطبيعيا، تمتد بين توات غربا وهضبة تادمايت شمالا وهضبة مويدر إلى الجنوب، يقطع المنطقة وادي أقاربا الذي يصبّ في وادي مسعود نحو الجنوب الغربي?. ?
n
nيقول الحاج التومي إن المنطقة سكنها التوارق وكانت من بينهم الملكة تينهينان القادمة من المغرب، وتعني كلمة تيديكلت ذات الأصل البربري كف اليد كونها منطقة آمنة للقوافل والقبائل العابرين للصحراء، وهي أيضا مكان يلتقي فيه الحجاج القادمين من بشار إلى ليبيا ثم مصر، حيث? ?يقطعون? ?سنة? ?ونصف? ?ذهابا? ?وإيابا? ?إلى? ?بيت? ?الله? ?الحرام?. ?
n
nتيديكلت التي تمتد من يتم?طن في أولف ( ولاية أدرار حاليا) إلى ف?ارة الزوى ( عين صالح)، تروي عنها أسطورة الفقارة في منطقة أقبلي في أولف (170 كلم شمالا) من يشرب ماءها 40 يوما يحفظ القرآن الكريم!! وكان يلجأ إليها توارق الهقار وأهل أدرار وجانت في حالة الخطر، وهي الطريق الذي تمر منه القوافل التجارية المتجهة نحو تونس وطرابلس. وبحث الحاج التومي وثائق قديمة ودراسات جمعها من كل أقطار الصحراء في التركيبة الاجتماعية لمنطقة أقصى الجنوب، وكتب عن الطبقية التي كانت تميّز المجتمع الصحراوي إلى حد الآن رغم زوال الفوارق إلى حد ما وانصهار الطبقات فيما بينها بعد أن كانت كل طبقة لها حياتها وتقاليدها وسلالتها ولا يتزاوجون إلا من نفس القبيلة. فبعد التوارق سكن تيديكلت الشرفة والمرابطون وأولاد سيدي نايل والعرب والأفارقة وبقوا إلى حد الآن في المنطقة يشكّلون نسيجا اجتماعيا متداخلا في اللغة? ?واللون?. ?
n
nعلى غرار أبحاث الحاج التومي في تشكيلة سكان تيديكلت القدماء، وهو محور كتابه الذي كلّفه طبعه 25 مليون سنتيم، كرّس جزءا كبيرا من الكتاب حول المقاومة والحركة الوطنية والثورة والاستقلال، باعتبار أنه كان منخرطا في حزب الشعب سنة 1950 ثم عضو مكتب الخلية التابعة لجبهة التحرير الوطني سنة 1957 وشغل منصب صحفي في جريدة الثورة والعمل ثم كاتبا عاما للاتحاد المحلي للعمال من 1963 إلى 1971، لقد دفعته الغيرة كما قال على تاريخ منطقة ليؤرخ للمعارك الشهيرة ونضال وبطولات تيديكلت بعد أن تجاهلت الأقلام الوطنية المتخصصة جزءا هاما من تاريخ الجزائر وهو أقصى الجنوب. صور معلّقة في متحفه عن تاريخ المقاومة المسلّحة بالهقار وتيديكلت وبيانات وخطب ومعارك شهيرة كمعركة لفيقيرة والدغامشة وإينغر ووادي انهاون ومعركة وادي تيت، التي وقعت بين توارق الأهقار وتوارق الاحتلال في عهد أمينوكال ـ موسى أق امستان،? ?وهي? ?المعركة? ?التي? ?لقي? ?فيها? ?القائد? ?الفرنسي? ??كوتينس?? ?حتفه?.?
n
nفأبحاث الحاج التومي لقيت صدى كبيرا وسط السكان والمؤرخين، غير أن الشيخ لم يتلق أية مساعدات مادية من طرف الدولة على الرغم من كونه يجمع ذاكرة مهددة بالنسيان، فلا يجد متسعا من المكان لعرض كل ما يجمعه من وثائق وكتب كستها الرمال والغبار رغم حرصه الشديد على تغليفها? ?والاحتفاظ? ?بها? ?قدر? ?المستطاع،? ?
n
n
n فهل? ?يوجد? ?من? ?يحمي? ?ذاكرة? ?الجنوب؟?!. ?r