الشيخ / مراد محمد موسى فرج المرصفي
الشيخ / مراد محمد موسى فرج المرصفيلم أكتب عن هذه الشخصية الكثير ويعلم الله أن هذا الرجل لو لم يكن أبي لكتبت عنه الكثير والكثير حتى وإن جفت أقلامي سأكتب بماء عيني المختلط بدم قلبي .
انه احد الرجال الكبار في قرية مرصفا، الذين نذروا أنفسهم من اجل بناء مستقبل مشرق للقرية وتحقيق آمال أهلها ، هذا الرجل الذي اسهم بجدية في احياء فكر واضح يتمثل في الرؤية الحقيقية باتجاه تنمية القدرة ، لدى الإنسان العادي البسيط ، إضافة إلى انه يجسد حتى الآن وبعد رحيله من 15 عاما المثل والنموذج الأصيل للإنسان القروي المثقف المتفتح الملتزم بواجباته نحو أهل قريته مرصفا
فهو الشيخ مراد المرصفي ولد بقرية مرصفا عام 1913 ، من عائلة أبو فرج الذين كانوا يقطنون حي واحد وهو حي المشايخ .
لقد ترك هذا الرجل بصمته الواضحة في الرقي بالقرية ، فقد كان مواكبا لكل المتغيرات التي عاشتها القرية في هذا الزمن بشكل خاص ، من خلال امتلاكه رؤية واضحة للمستقبل ، بدأت بطرح الأسئلة الحياتية والاجتماعية والفكرية ، في بناء مستقبل البلدة ، ومنذ كان شابا في بداية الثلاثينيات ومنذ ومضات الوعي الأول له ، حيث كان مايزال طالبا في الأزهر ، اعلن انحيازه الكامل لقضايا الناس العاديين، وحل مشاكلهم فلم تكن تحدث خلافات عائلية إلا ويكون هو على رأس المجلس مع حداثة سنة حتى ينجلي الخلاف الحاصل بين هذا وذاك ، ووضع فكره وجسده ، منذ تلك اللحظة ، في قلب حب الخير للجميع حتى أنه رحمه الله كان يشتري أراضي وبيوت للغير ناسيا نفسه ، من اجل حبه للعطاء والخير للجميع،
تلك هي شيم الرجال الصالحين الذين ينكرون أنفسهم من اجل الآخرين ، وهو يحتضن هموم أهل قريته ، وينهل من ينابيع المعرفة والعقلانية فبقول كل من كان يعرف الشيخ مراد رحمه الله كان يشهد له بالنبوغ الغير معهود ، فقد كرس نفسه ووجوده رحمه الله لهذه القرية بلا حدود ودون مقابل ، منسجما مع فكره التنويري متقبلا لكل التضحيات مهما كانت، وقد نجح رغم كل الصعوبات والمشكلات التي واجهته في غرس قيم إنسانية ، انعكست في ارض هذه القرية الصغيرة مرصفا ، وهذا مما اكسبه محبة الجميع.
لقد ترك الراحل أتباعاً ورفاقا لازالوا يحملون ذكرى نزيهة عنه من خلال امتلاكه شخصية واعية كانت على الدوام قادرة على خدمة مجتمعه الصغير ، والتنبه الى المخاطر المحدقة، وشم رائحة العواصف قبل هبوبها، هذا الرجل صاحب البعد والعمق الحقيقي بتعامله مع الحياة ، واهتمامه ببناء كل ما هو مفيد للقرية ، فكان يحث أهلها على المتابعة والاطلاع و زيادة الطموح ، وتحقيق الأمنيات الكبيرة والصغيرة.
فكانت حياة الشيخ مراد عامرة بالعطاء والنبل الإنساني المتميز بالوفاء والأمانة ، فالكثير والكثير يدخرون لهذه الشخصية الباهرة في قلوبهم العديد من الذكريات له ، فهذا حق ، يجب أن نحرص عليه جميعا، حق الوفاء لتلك الحياة التي لا زالت مستمرة فينا، لتقييم العديد من الجوانب لما قدمه هذا الرجل الراحل الذي اتسمت أيامه بعطاء دافق لكل من التقاه ، لاتشوبه منّة ولا ينقصه سخاء ووفاء صادق ، ليس فيه رياء ، عطاء المقتدر، ووفاء المتعلم القادر.
تحية وفاء وتقدير لك أيها الشيخ الجليل الذي بعثت روح العطف والحب والعطاء .
أيها الشيخ الكريم يا من تستحق كل الكلمات المخضبة بالخير والحق ، بأريج العطاء.
روحي لك فداء تقبل مني هذا المجهود المتواضع الذي تشرفت فيه بالبحث عن سيرتك الخالدة ومشوارك الطويل الخالد ، فتفضل عليّ بالقبول لعلّه يكون ذخراً لي يوم الوفادة على الله بأنني تحدثت عنك يوما ما .
فمهما تحلّيت بالبحث والإطلاع ، ومهما أوتيت من براعة في علم التحدث وجمع الكلمات التي تفي قدرك عندي ، وإعطاء صورة حيّة عن تركيب شخصيتك الإنسانية التي وإن وجدت في زمنك فإنها بالفعل كانت قليلة وكنت أنت الرمز للجميع ، فإنني مهما بلغت من التفوّق في تدوين آلاف الكلمات عنك فلا أستطيع أن أجمع وأكشف عن جوهر حياتك ،
عاش الشيخ مراد حياة هادئة حافلة بالمودّة والمسّرات. وفي فترات تلك المدة السعيدة كم له من فضيلة جليلة ، ومنقبة بعلو شأنه كفيلة ، وهي وإن بلغت الغاية بالنسبة إليه قليلة .
أيها الشيخ العظيم تودعك المحبة ، التي كنت من رعاتها ويودعك الوفاء، الذي كنت من اهل بيته
ويودعك النقاء، وانت الرجل الكبير الذي عرف كيف يحيا الصدق وقوة الضمير نودعك جميعا وأنت من الذين ناضلوا من اجل حضورنا الدائم ستظل تسكن والى الأبد في ذاكرتنا وعقولنا وقلوبنا فلست وحيد ولن تكون
محمد مراد المرصفي