وقائع ليلة سقوط «عاصمة جهنم»- أمن الدولة بالقاهرة سابقاً- على يد آلاف المتظاهرين من المصري اليوم
تجمع مئات المواطنين، يملؤهم الغضب أمام مقر جهاز مباحث أمن الدولة فى القاهرة، الذى يقع فى مدينة نصر، ويطلق عليه من سبق احتجازهم أو التحقيق معهم بداخله كلمة «عاصمة جهنم»، وجميعهم كان لهم هدف واحد هو اقتحام المقر وتكرار ما فعله أهالى الإسكندرية باقتحام مقر أمن الدولة فى محافظتهم، وكانت القوات المسلحة تسيطر على البوابات الرئيسية للمبنى وتتولى تأمينه، وحاول ضباط الشرطة العسكرية إقناع المحتجين بأن المقر خالٍ وأنه فى حوزتهم، وطالبوهم بالانصراف، دون جدوى.كان الهدوء يسيطر على المكان، والمتظاهرون يرددون بعض الهتافات التى تنوعت بين المطالبة بحل الجهاز، والضغط على القوات المسلحة لتسمح لهم بالدخول، وبينما كانت عقارب الساعة تشير إلى الخامسة من مساء أمس الأول، توافد المئات على المنطقة للتضامن مع المحتجين الذين وصل عددهم إلى الآلاف، وحاولوا الدخول عبر أى بوابة، لكن الشرطة العسكرية كانت ترفض، فقرر عدد من المحتجين الاعتصام والمبيت أمام المبنى، حتى يصدر قرار وزير الداخلية بحل الجهاز أو تجميد عمله، وتعالت الهتافات: «الشعب يريد إسقاط أمن الدولة»، حتى خرجت سيارة محملة بالقمامة من داخل المبنى، فهرول الجميع خلفها وطالبوا سائقها بالتوقف لتفتيشها، والتأكد مما إذا كانت تحمل أوراقاً ومستندات خاصة بالجهاز من عدمه، وبعد تفتيشها عثروا على كميات من الورق المفروم، فتأكدوا أن هناك ضباطاً بالداخل يتخلصون من الأوراق والمستندات، فأصروا على دخول المبنى حتى إذا وصل الأمر إلى الاشتباك مع الجيش وسقوط قتلى أو مصابين. ونجحت مجموعة من الشباب فى دخول المبنى عن طريق دخولهم المستشفى الملاصق للمبنى وتسلقوا السور المشترك إلى داخل المبنى، وأخبروا زملاءهم بالخارج بطريقة الدخول، فهتف الجميع أمام المبنى «الجيش والشعب إيد واحدة»، فسمح لهم ضباط القوات المسلحة بالدخول للتأكد من أنه خال ولا يوجد أى ضابط بداخله.ودخل المحتجون المقر الذى يضم ? مبان وآخر عبارة عن صالة للألعاب الرياضية، وهم يصرخون «لازم نتحفظ على كل الأوراق والعثور على السجون الخفية»، واقتحم المحتجون المبانى ليعثروا على كميات كبيرة من الأوراق المفرومة، ومكاتب فارهة خاصة بالضباط، وغرف نوم ملاصقة بكل مكتب، وكميات من المشروبات الغازية والعصائر والمأكولات والمعلبات والأجهزة الرياضية داخل كل مكتب، وكان المحتجون يتسابقون للحصول على صور تذكارية داخل الجهاز والمكاتب، وبعضهم يتصلون بأقاربهم وأسرهم من التليفونات الأرضية، وآخرون عثروا على دليل يحتوى على جميع أرقام الضباط فجلسوا يتصلون بعدد كبير منهم من التليفونات الموجودة فى المكاتب وأخذوا يوجهون لهم الشتائم وهم يخبرونهم أنهم يتحدثون إليهم من داخل مكاتبهم.وعثرت مجموعة أخرى على كميات من الأوراق لم ينجح الضباط فى التخلص منها، وتفرقوا داخل المكاتب يبحثون عن المستندات المهمة للاحتفاظ بنسخ ضوئية منها قبل تسليمها إلى النيابة العامة، وظلوا يجمعون الأوراق حتى حضر فريق النيابة العامة، والمستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس نادى القضاة السابق، وسلموهم الأوارق، فيما تولت مجموعة أخرى البحث عن الزنازين السرية، وتحرير المحتجزين بداخلها، واستمرت عملية البحث أكثر من ساعة ونصف الساعة، وانتهت بالعثور على عدد من الزنازين فى سرداب سرى بأحد المبانى، لكن جميعها كان خاليا.وكان من المشاهد المؤثرة فى هذه الأحداث عندما وقف عدد كبير ممن سبق لهم الاحتجاز فى المبنى من قبل، أمام المكاتب التى كان يتم التحقيق معهم بداخلها، والزنازين التى كانوا محتجزين بها، وهم يتذكرون ما حدث لهم، وظل بعضهم يبكى ويصرخ.