خربة الوهادنة
الوهادنة: ( الخربة ) وما حولها ( 3-3 )
أكثر من مرة زرت الوهادنة.. واحدة كان معي فيها صديقي الدكتور يوسف ربايعة، وجلسنا في تلك المرة مع رئيس البلدية مصطفى سليم الغزو''أبو سليم''، وفي مشوار آخر كان الدليل هو المختار محمود مصطفى الغزو ''أبو عدي''، وكانت معه إطلالة أخرى على القرية، ثم جلسنا مع الأب بسام الدير راهب كنيسة دير اللاتين، فاتسعت الرؤية معه، وبعدها كانت الذاكرة الشفوية، والتاريخ الذي ما زال يتذكره واحد من كبار الوهادنة وهو ا لحاج محمد مصطفى الوحشات '' أبو سامي''، كل هؤلاء أضافوا على ما حاولنا تدوينه من قصة الوهادنة.
لكن عندما قدمت لنا مديرة مركز الأميرة بسمة للتنمية في القرية، إيمان الفطيمات، إطلالة على بعض جوانب العمل التطوعي في الوهادنة، وجدنا أن هذه الشخصية لا بد من الإشارة إليها، في كونها أول رئيسة بلدية منتخبة على مستوى الأردن والشرق الأوسط، حيث تم انتخابها لرئاسة بلدية الوهادنة عام 1995م، وما زالت تعمل في الوهادنة، حتى بعد أن انتهت مدة رئاستها تلك.
المجلس البلدي
هذا المفتتح ينقلنا للحديث عن فترات سابقة للعمل الإداري في الوهادنة، وللبلدية والمجلس القروي، حيث تشير الوثائق الرسمية إلى أن أول مجلس قروي للوهادنة تأسس في 15/7/1972م تقريبا، وكان رئيسه سليم محمد الغزوي، أما أول مجلس بلدي فقد تأسس في 29/1/1981م، وأول انتخابات بلدية حدثت في الوهادنة كانت عام 1983م.
وفي ذات السياق بالنسبة للخدمات يشير الكبار في الوهادنة إلى أن أول شعبة بريد افتتحت في القرية كان في عام 1967م، بينما أول مكتب بريد في عام 1987م، وأول تيار كهربائي وصل القرية في عام 1984م، ولكن أول عيادة صحية افتتحت في الوهادنة كان في عام 1965م، وكان الطبيب يمرّ عليها مرة واحدة في الأسبوع، ويتذكر كبار القرية أن التمرجي الذي كان في تلك العيادة اسمه ''خالد مساعدة'' من اربد.
مدرسة أميرية
كما يتحدث كبار القرية عن أول مدرسة في القرية..
يقولون متحمسين بأنها كانت في غرف الجامع القديم، وكان هذا في عام 1926م، حيث ''كان شيخ الجامع هو الخطيب، وكانت المدرسة في الجامع''، وكان فيها الصفوف التالية:( تمهيدي، وأول، وثاني)، وبعد ذلك تطورت المدرسة.
يبوح الحاج محمد الوحشات (أبو سامي)، بعض ذاكرة، عن التعليم القديم قائلا: ''كانوا يدرسوا جغرافية شرق الأردن الطبيعية، والحساب، والجمع، والطرح، والضرب، والقسمة، والكسور العشرية، هذا ندرسه في الصف الثاني، ومن اللي درسونا، الشيخ جميل حسن برقاوي، هذا كان يدرس في المدرسة على حساب المعارف، وكانت المدرسة غرفتين بجانب المسجد، ومن المعلمين بين سنة 1932م و1937م كان الأستاذ محمد حجازي من اربد، والأستاذ محمد حسن العبابنة من بشرى، وكان عند المسيحيين مدرسة مختلطة سنة 1932م، لكن مدرسة البنات للقرية تم تأسيسها سنة 1966م''.
وأيضا من مراجعة الوثائق المتاحة حول التعليم في السنوات الماضية، نلاحظ ما ورد في التقرير السنوي نهاية عام 1934م الصادر عن إدارة معارف شرق الأردن، في الصفحة 15 بأنه تأسست مدرسة أميرية في خربة الوهادنة، عام 1934م، وفيها معلم واحد، 25 طالب مقسمين على النحو التالي: 14 طالبا تمهيديا، و6 طلاب في الصف الأول، و5 طلاب في الصف الثاني.
oسبعة كهنةa
كما يظهر في ذات التقرير(لعام 1934م) أنه توجد في خربة الوهادنة مدرسة اللاتين، وفيها 27 طالبا مسيحيا، ومعلم واحد، كما أنه تم إنشاء مدرسة الروم الكاثوليك في خربة الوهادنة عام 1930م.
ولعلنا هنا سنلاحظ الإنعكاس الإيجابي لهذا الوقت المبكر في التعليم، وتأسيس المدارس المسيحية في الوهادنة، حيث تشير الوثائق الكنسية في القرية الى أنه يوجد فيها سبعة كهنة كلهم من اللاتين، وأكبرهم هو الأب منويل بدر، هو في ألمانيا، ثم الأب غالب بدر رئيس المحكمة الكنسية الآن، والأب فايز بدر الذي توفي بعد التخرج بحادث سيارة، والأب رفعت بدر الناطق الإعلامي باسم الكنيسة الكاثوليكية في الأردن، والأب بشير بدر وهو موسيقار وفي قرية أدر في الكرك الآن، والأب عدنان بدر وهو في مجلس الكهنة، والأب إياد بدر هو في ايطاليا.
oرهونات الأراضيa
الوثائق العثمانية التي تم تحقيقها ونشرها في كتب، تعطي مؤشرات مهمة، وخطيرة، حول الحراك السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي في الوهادنة، والقرى المحيطة بها، وهنا نتكئ في بحثنا حول ما ورد عن الوهادنة على الدكتورة هند أبو الشعر في كتابها ''اربد وجوارها''، إضافة الى الدكتور عليان الجالودي وما ورد في كتابه ''قضاء عجلون''، ولتكن البداية من حالة الأمن، وانعدامها في نهاية الفترة العثمانية، حيث توثق الدكتورة هند أبو الشعر ما نشر في جريد المقتبس في 7 تشرين ثاني 1910م، مشيرة الى رأي مراسل الصحيفة في انعدام الأمن في تلك الفترة، وفي مواقع عديدة، مطالبا بإنشاء مخافر في عدة قرى يذكر منها الخربة (خربة الوهادنة).
وبالإضافة الى القضية الأمنية في تلك الفترة تشير الدكتورة أيضا في ''اربد وجوارها'' الى مسألة خطيرة، وتحتاج الى بحث ودراسة، وهي قضية بيع حصص من أراضي خربة الوهادنة، الى تجار، من خارج المنطقة، حيث تعطي مثالا على حجة وكالة من سجلات المحكمة الشرعية أن خمسة من أفراد من أبناء خربة الوهادنة أعطوا توكيلا لنجيب أفندي بن حنا فركوح لبيع (جميع الحصة ونصف حصة و3/4 القيراط من أصل 69 حصة ونصف حصة، من جميع أراضي خربة الوهادنة) الى حاوي بن حبيب بن حوى وأولاده وهم من تجار من أهالي عكا، بمبلغ وقدره 153 ليرة عثمانية ذهبية، وهذا مؤشر الى حركة استثمار في تلك الفترة من تجار عكا في منطقة غور الوهادنة.
وهناك أيضا حالات رهونات في تلك الفترة الزمنية من بداية القرن الماضي إذ أنه وجد في السجل الشرعي رقم 4 بتاريخ 9 تموز 1928م حالة رهن في خربة الوهادنة، وقيمة الرهن 60 ليرة عثماني، وليرتين فرنساوي، وليرتين فلسطيني، كما أنه قبل ذلك وفي بداية القرن العشرين كان هناك رهونات أرض، وبيع أراضي، متعددة في خربة الوهادنة، ومناطق أخرى محيطة بها، ويذكر الدكتور عليان الجالودي ذلك بالأسماء مثل أن ''اسكندر أفندي كساب استثمر ملكياته الواسعة في الغور عن طريق وكيل له من أهالي قرية خربة الوهادنة''، وهنا يطرح الدكتور الجالودي سؤالا خطيرا حول حركة الرهن، والبيع في تلك الفترة، في أنه '' هل كانت لعمليات بيع الأراضي تلك علاقة بالهجرة، وبدايات الاستيطان الصهيوني وعمليات شراء الأراضي التي شهدتها الأجزاء الأخرى الواقعة غربي نهر الأردن؟''، يبقى سؤال، ولكنه بحاجة الى دراسة ورصد، خاصة وأنه يوجد هناك وقائع وأسماء وحالات رهونات عديدة في مناطق أخرى غير قرية الوهادنة.
يذكر الرحالة مرل أثناء مروره في المنطقة بتاريخ 12 آذار 1876م أن خربة الوهادنة تشتهر بإنتاج العسل، حيث كتب:'' إن سكان خربة الوهادنة اشتهروا بتربية النحل، وكان العسل لكثرته يباع بالصاع''.
ويوثق الدكتور خليف الغرايبة في كتابه ''الجغرافية التاريخية للمنطقة الغربية من جبال عجلون'' أن متوسط أمطار الوهادنة كان في الفترة الزمنية(1901-1930م) قد بلغ حوالي 479ملم/سنة، وأهم أشجار الوهادنة الخروب، والبطم، واللوز البري، والبلوط.
هذه الإطلالة على الحراك الاقتصادي في مراحل سابقة من تاريخ الوهادنة، يجعل أية معلومة تصبح مفيدة في رسم البنية المجتمعية للوهادنة على هذه الأرض، بمن عليها. وفي ذات السياق تلفت نظرنا الباحثة فرحة غنام في رسالتها الماجستير حول ملكية الأراضي والزعامة سنة 1988م، الى جانب مهم له علاقة بأراضي القرية وتوزيعها، حيث تعود الى آلية توزيع الأراضي المشاع في القرى، وذلك من خلال ما استقرأته الباحثة من روايات المعمرين في قرية خربة الوهادنة، حيث تقول:''يجتمع في بداية الموسم الزراعي وجهاء الحمايل الموجودة في القرية ويقومون بتقسيم أراضي القرية الى قسمين ''الحمرا'' و ''فقارس''، ومن يملك حصة من أحدهما يملك حصة في أحدهما يملك حصة في الثانية حيث جرت العادة في كل سنة أن يزرع جزء من الأرض وتترك الأخرى لكي ترتاح، وتسترد خصوبتها.. ثم تقسم الى أرباع بطريقة القرعة، أو ''تطير الحصوة'' وتأخذ كل حمولة ربعتها أو حصتها، ثم توزع الأرض مرة أخرى على الحمولة الواحدة، فيأخذ كل فلاح مساحة مساوية للحصة التي يملكها ويتم تقسيمها الى موارس، ويتم تطيير الحصوة، وذلك بتحديد عدد الحجارة الذي يكون مساويا لعدد الأشخاص المشتركين ويختار كل منهم حصوة، ثم يرمى الحجر الأول على أن تكون له الحصة المحددة، أو يقوم شخص ما بسحب الحجارة وتسمية القطعة، حتى يأخذ الجميع حصصهم، ويمكن استخدام العيدان بدلا من الحجارة، أو كتابة أوراق تشير كل منها الى قطعة ما''.
وهذا التقسيم للمشاع، هناك ما يشير اليه، أو يدلل عليه في السجلات الشرعية بداية القرن الماضي، التي توضح أن مشاع القرى كان يتم تقسيمه الى حصص على ضوء مساحة المشاع المخصص للقرية، وعلى ضوء العائلات الأساسية فيها، حيث أن قسم مشاع غور الحصون التابع لقرية فارة، وغور خربة الوهادنة لكل منها سبع وأربعون حصة ونصف هذا بحسب السجل الشرعي في عام 1911م.
مناجم البترول
من الطريف في الجانب الاقتصادي لقرية الوهادنة الإشارة الى أنه في عام 1910م قرر مجلس الولاية العمومي الموافقة على ترخيص للبحث عن مناجم البترول والحديد في مناطق متعددة في المنطقة، شرق الأردن، ومنها الخربة(خربة الوهادنة)، ''لشركة التعدين السورية، ووكلائها عبد القادر القباني من بيروت، وسعيد بك العظم، ومحمد أفندي أسعد، واسكندر أفندي كساب، وسليم وجاد حوى، وأنيس بيبرص، والمهندس الدكتور جوتليب شوماخر(من رعايا ألمانيا)، المقيمين في حيفا، واشترطت الولاية في الترخيص أن لا يكون هناك أي ضرر للأهالي وإدارة السكة الحجازية والخزينة من جراء البحث والتنقيب''
أكثر من مرة زرت الوهادنة.. واحدة كان معي فيها صديقي الدكتور يوسف ربايعة، وجلسنا في تلك المرة مع رئيس البلدية مصطفى سليم الغزو''أبو سليم''، وفي مشوار آخر كان الدليل هو المختار محمود مصطفى الغزو ''أبو عدي''، وكانت معه إطلالة أخرى على القرية، ثم جلسنا مع الأب بسام الدير راهب كنيسة دير اللاتين، فاتسعت الرؤية معه، وبعدها كانت الذاكرة الشفوية، والتاريخ الذي ما زال يتذكره واحد من كبار الوهادنة وهو ا لحاج محمد مصطفى الوحشات '' أبو سامي''، كل هؤلاء أضافوا على ما حاولنا تدوينه من قصة الوهادنة.
لكن عندما قدمت لنا مديرة مركز الأميرة بسمة للتنمية في القرية، إيمان الفطيمات، إطلالة على بعض جوانب العمل التطوعي في الوهادنة، وجدنا أن هذه الشخصية لا بد من الإشارة إليها، في كونها أول رئيسة بلدية منتخبة على مستوى الأردن والشرق الأوسط، حيث تم انتخابها لرئاسة بلدية الوهادنة عام 1995م، وما زالت تعمل في الوهادنة، حتى بعد أن انتهت مدة رئاستها تلك.
المجلس البلدي
هذا المفتتح ينقلنا للحديث عن فترات سابقة للعمل الإداري في الوهادنة، وللبلدية والمجلس القروي، حيث تشير الوثائق الرسمية إلى أن أول مجلس قروي للوهادنة تأسس في 15/7/1972م تقريبا، وكان رئيسه سليم محمد الغزوي، أما أول مجلس بلدي فقد تأسس في 29/1/1981م، وأول انتخابات بلدية حدثت في الوهادنة كانت عام 1983م.
وفي ذات السياق بالنسبة للخدمات يشير الكبار في الوهادنة إلى أن أول شعبة بريد افتتحت في القرية كان في عام 1967م، بينما أول مكتب بريد في عام 1987م، وأول تيار كهربائي وصل القرية في عام 1984م، ولكن أول عيادة صحية افتتحت في الوهادنة كان في عام 1965م، وكان الطبيب يمرّ عليها مرة واحدة في الأسبوع، ويتذكر كبار القرية أن التمرجي الذي كان في تلك العيادة اسمه ''خالد مساعدة'' من اربد.
مدرسة أميرية
كما يتحدث كبار القرية عن أول مدرسة في القرية..
يقولون متحمسين بأنها كانت في غرف الجامع القديم، وكان هذا في عام 1926م، حيث ''كان شيخ الجامع هو الخطيب، وكانت المدرسة في الجامع''، وكان فيها الصفوف التالية:( تمهيدي، وأول، وثاني)، وبعد ذلك تطورت المدرسة.
يبوح الحاج محمد الوحشات (أبو سامي)، بعض ذاكرة، عن التعليم القديم قائلا: ''كانوا يدرسوا جغرافية شرق الأردن الطبيعية، والحساب، والجمع، والطرح، والضرب، والقسمة، والكسور العشرية، هذا ندرسه في الصف الثاني، ومن اللي درسونا، الشيخ جميل حسن برقاوي، هذا كان يدرس في المدرسة على حساب المعارف، وكانت المدرسة غرفتين بجانب المسجد، ومن المعلمين بين سنة 1932م و1937م كان الأستاذ محمد حجازي من اربد، والأستاذ محمد حسن العبابنة من بشرى، وكان عند المسيحيين مدرسة مختلطة سنة 1932م، لكن مدرسة البنات للقرية تم تأسيسها سنة 1966م''.
وأيضا من مراجعة الوثائق المتاحة حول التعليم في السنوات الماضية، نلاحظ ما ورد في التقرير السنوي نهاية عام 1934م الصادر عن إدارة معارف شرق الأردن، في الصفحة 15 بأنه تأسست مدرسة أميرية في خربة الوهادنة، عام 1934م، وفيها معلم واحد، 25 طالب مقسمين على النحو التالي: 14 طالبا تمهيديا، و6 طلاب في الصف الأول، و5 طلاب في الصف الثاني.
oسبعة كهنةa
كما يظهر في ذات التقرير(لعام 1934م) أنه توجد في خربة الوهادنة مدرسة اللاتين، وفيها 27 طالبا مسيحيا، ومعلم واحد، كما أنه تم إنشاء مدرسة الروم الكاثوليك في خربة الوهادنة عام 1930م.
ولعلنا هنا سنلاحظ الإنعكاس الإيجابي لهذا الوقت المبكر في التعليم، وتأسيس المدارس المسيحية في الوهادنة، حيث تشير الوثائق الكنسية في القرية الى أنه يوجد فيها سبعة كهنة كلهم من اللاتين، وأكبرهم هو الأب منويل بدر، هو في ألمانيا، ثم الأب غالب بدر رئيس المحكمة الكنسية الآن، والأب فايز بدر الذي توفي بعد التخرج بحادث سيارة، والأب رفعت بدر الناطق الإعلامي باسم الكنيسة الكاثوليكية في الأردن، والأب بشير بدر وهو موسيقار وفي قرية أدر في الكرك الآن، والأب عدنان بدر وهو في مجلس الكهنة، والأب إياد بدر هو في ايطاليا.
oرهونات الأراضيa
الوثائق العثمانية التي تم تحقيقها ونشرها في كتب، تعطي مؤشرات مهمة، وخطيرة، حول الحراك السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي في الوهادنة، والقرى المحيطة بها، وهنا نتكئ في بحثنا حول ما ورد عن الوهادنة على الدكتورة هند أبو الشعر في كتابها ''اربد وجوارها''، إضافة الى الدكتور عليان الجالودي وما ورد في كتابه ''قضاء عجلون''، ولتكن البداية من حالة الأمن، وانعدامها في نهاية الفترة العثمانية، حيث توثق الدكتورة هند أبو الشعر ما نشر في جريد المقتبس في 7 تشرين ثاني 1910م، مشيرة الى رأي مراسل الصحيفة في انعدام الأمن في تلك الفترة، وفي مواقع عديدة، مطالبا بإنشاء مخافر في عدة قرى يذكر منها الخربة (خربة الوهادنة).
وبالإضافة الى القضية الأمنية في تلك الفترة تشير الدكتورة أيضا في ''اربد وجوارها'' الى مسألة خطيرة، وتحتاج الى بحث ودراسة، وهي قضية بيع حصص من أراضي خربة الوهادنة، الى تجار، من خارج المنطقة، حيث تعطي مثالا على حجة وكالة من سجلات المحكمة الشرعية أن خمسة من أفراد من أبناء خربة الوهادنة أعطوا توكيلا لنجيب أفندي بن حنا فركوح لبيع (جميع الحصة ونصف حصة و3/4 القيراط من أصل 69 حصة ونصف حصة، من جميع أراضي خربة الوهادنة) الى حاوي بن حبيب بن حوى وأولاده وهم من تجار من أهالي عكا، بمبلغ وقدره 153 ليرة عثمانية ذهبية، وهذا مؤشر الى حركة استثمار في تلك الفترة من تجار عكا في منطقة غور الوهادنة.
وهناك أيضا حالات رهونات في تلك الفترة الزمنية من بداية القرن الماضي إذ أنه وجد في السجل الشرعي رقم 4 بتاريخ 9 تموز 1928م حالة رهن في خربة الوهادنة، وقيمة الرهن 60 ليرة عثماني، وليرتين فرنساوي، وليرتين فلسطيني، كما أنه قبل ذلك وفي بداية القرن العشرين كان هناك رهونات أرض، وبيع أراضي، متعددة في خربة الوهادنة، ومناطق أخرى محيطة بها، ويذكر الدكتور عليان الجالودي ذلك بالأسماء مثل أن ''اسكندر أفندي كساب استثمر ملكياته الواسعة في الغور عن طريق وكيل له من أهالي قرية خربة الوهادنة''، وهنا يطرح الدكتور الجالودي سؤالا خطيرا حول حركة الرهن، والبيع في تلك الفترة، في أنه '' هل كانت لعمليات بيع الأراضي تلك علاقة بالهجرة، وبدايات الاستيطان الصهيوني وعمليات شراء الأراضي التي شهدتها الأجزاء الأخرى الواقعة غربي نهر الأردن؟''، يبقى سؤال، ولكنه بحاجة الى دراسة ورصد، خاصة وأنه يوجد هناك وقائع وأسماء وحالات رهونات عديدة في مناطق أخرى غير قرية الوهادنة.
يذكر الرحالة مرل أثناء مروره في المنطقة بتاريخ 12 آذار 1876م أن خربة الوهادنة تشتهر بإنتاج العسل، حيث كتب:'' إن سكان خربة الوهادنة اشتهروا بتربية النحل، وكان العسل لكثرته يباع بالصاع''.
ويوثق الدكتور خليف الغرايبة في كتابه ''الجغرافية التاريخية للمنطقة الغربية من جبال عجلون'' أن متوسط أمطار الوهادنة كان في الفترة الزمنية(1901-1930م) قد بلغ حوالي 479ملم/سنة، وأهم أشجار الوهادنة الخروب، والبطم، واللوز البري، والبلوط.
هذه الإطلالة على الحراك الاقتصادي في مراحل سابقة من تاريخ الوهادنة، يجعل أية معلومة تصبح مفيدة في رسم البنية المجتمعية للوهادنة على هذه الأرض، بمن عليها. وفي ذات السياق تلفت نظرنا الباحثة فرحة غنام في رسالتها الماجستير حول ملكية الأراضي والزعامة سنة 1988م، الى جانب مهم له علاقة بأراضي القرية وتوزيعها، حيث تعود الى آلية توزيع الأراضي المشاع في القرى، وذلك من خلال ما استقرأته الباحثة من روايات المعمرين في قرية خربة الوهادنة، حيث تقول:''يجتمع في بداية الموسم الزراعي وجهاء الحمايل الموجودة في القرية ويقومون بتقسيم أراضي القرية الى قسمين ''الحمرا'' و ''فقارس''، ومن يملك حصة من أحدهما يملك حصة في أحدهما يملك حصة في الثانية حيث جرت العادة في كل سنة أن يزرع جزء من الأرض وتترك الأخرى لكي ترتاح، وتسترد خصوبتها.. ثم تقسم الى أرباع بطريقة القرعة، أو ''تطير الحصوة'' وتأخذ كل حمولة ربعتها أو حصتها، ثم توزع الأرض مرة أخرى على الحمولة الواحدة، فيأخذ كل فلاح مساحة مساوية للحصة التي يملكها ويتم تقسيمها الى موارس، ويتم تطيير الحصوة، وذلك بتحديد عدد الحجارة الذي يكون مساويا لعدد الأشخاص المشتركين ويختار كل منهم حصوة، ثم يرمى الحجر الأول على أن تكون له الحصة المحددة، أو يقوم شخص ما بسحب الحجارة وتسمية القطعة، حتى يأخذ الجميع حصصهم، ويمكن استخدام العيدان بدلا من الحجارة، أو كتابة أوراق تشير كل منها الى قطعة ما''.
وهذا التقسيم للمشاع، هناك ما يشير اليه، أو يدلل عليه في السجلات الشرعية بداية القرن الماضي، التي توضح أن مشاع القرى كان يتم تقسيمه الى حصص على ضوء مساحة المشاع المخصص للقرية، وعلى ضوء العائلات الأساسية فيها، حيث أن قسم مشاع غور الحصون التابع لقرية فارة، وغور خربة الوهادنة لكل منها سبع وأربعون حصة ونصف هذا بحسب السجل الشرعي في عام 1911م.
مناجم البترول
من الطريف في الجانب الاقتصادي لقرية الوهادنة الإشارة الى أنه في عام 1910م قرر مجلس الولاية العمومي الموافقة على ترخيص للبحث عن مناجم البترول والحديد في مناطق متعددة في المنطقة، شرق الأردن، ومنها الخربة(خربة الوهادنة)، ''لشركة التعدين السورية، ووكلائها عبد القادر القباني من بيروت، وسعيد بك العظم، ومحمد أفندي أسعد، واسكندر أفندي كساب، وسليم وجاد حوى، وأنيس بيبرص، والمهندس الدكتور جوتليب شوماخر(من رعايا ألمانيا)، المقيمين في حيفا، واشترطت الولاية في الترخيص أن لا يكون هناك أي ضرر للأهالي وإدارة السكة الحجازية والخزينة من جراء البحث والتنقيب''