بدر الشريف مسجــل منــــذ: 2011-05-05 مجموع النقط: 198.84 |
إن الحديث عن الإنسان والعقل لشامل لكل أصول العلوم ولكل معرفة ، ولا نجد حدودا لذلك مادام الإنسان باقيا على وجه الأرض ومادامت الطبيعة ، إلا أن هناك حدودا للمعرفة ولقـدرة الإنسان . وقد تمكن الإنسان في القديم من البلوغ إلى علوم مدهشة وسرها فيما توفر لديـه من قوى الطبيعة الفعالة ، وتمكن من تغيير قواه الجسمية وإعطائها صبغة أخرى بعـد مــعــرفــة القوى العقلية المسيطرة على الجسم ، والتي بإمكانها تغيير حجم الإنسان وتبديله إلــى حــجــم أكبر مما هو عليه ، وقد يبدو هذا...
العقل هو نفسه قوة لها حركة دائرية تموج في نفسها وتلك حياة ولا يحيى العقل بـنفــس حــياة الجسم بل أساس حياته الروح . ولذا اعتمد الهنود وغيرهم على الفكرة المبسوطة في مــيــدان الروح وعلى أن العقل له خلود إنما خلوده يكون في عالم الأشياء مادامت الـروح تعــطي لــه الحياة ، أما إن ذهبت الروح فلا أساس لحركته ، ولا يمكن له خلود حتى في عالــم الأشــياء . وحركة العقل الدائرية يتفحص بها حواس الجسم والمراكز الحساسة في الدمــاغ ، فالــعــقــل يعطي بترتيب للجسم وقت النوم ويترجم...
إن تطور تفكير الإنسان كيفما تطور فإنه إنما يعرف ما يحيط به أو محتواه بمضمونــه ولــن يعرف أبدا كنه الأشياء أو أسبابها الفعالة ، إن العقل مركزه في العلـم ، وكــنــه الأشــياء هــو خارج عن قوى العقل . ومصدر العقل أبعد من مصدر الإنسان أو الطبيــعــة ، أمــا الــكــون فمحصور في اللانهاية . ولن يستطيع الإنسان أن يملأه بنفسه أو بما لديه من عـلــم لأن قــوى الإنسان استمدادها من الطبيعة الملائمة له فقط . وقد يعرف الإنسان خلاصة علمه ومسـتــواه في خلاصة موارد الطبيعة ....
إن الإنسان ليتمتع بما في الطبيعة تمتعا كاملا لا يمكنه الاستغناء عنه ، يعجبه فيها أشجارها ووديانها ، ثم رعدها وبرقها ، وما فيها من نور ونار وضوء.. ولــكـل دوره تــجاه الإنــسان، كما أن له فعالية عليه ، فإن بقي الإنسان في مكان لا يعرف فيه الليل والنهار ، أو يغيب عـنـه الضوء أو الظلام يجد نفسه في سوء توازن حواسه ، ويفقد قوة الإدراك بـعــقــلــه . فــراحــة الحواس في إعطائها ما تحتاج إليه كمثل الألوان الطبيعية ورؤية جمال الطــبــيــعــة ، وكــما اكتملت عند الإنسان...
إن من أراد بلوغ المعرفة الحقيقية لابد له من معرفة حقه ، ولابد له مـن مــبادىء فكــريــة لا يكون لها هدف غير هدف سمو الأفكار والعلم ، ولابد للإنسان أن يقوم بواجبه نــحــو نفسـه ، ولمعرفة ما يحيط بسر الأشياء يجب الرجوع إلى أصل هذه الأشياء ، والــرجــوع إلــى هــذا الأصل هو أصل المعرفة . وقد درس الإنسان ما حوله محاولا اكتشاف كل قانون تــعــمـل به الطبيعة ليقارن بينه وبينها ، وليقرب إليه معرفة ما في الطبيعة لمعرفة نفسه . والطبيعــة لــها سرها ، والعقل له أسراره ، إذ ليس...
الانسان والعقل الجزء الثاني بحث الإنسان في الغيب ليعرف غيب نفسه ، وأرجع فكره على الحقيقة الأولى : أن الــطبيعـة سبقته لأنه وجد فيها فسبقت بهذا الفكرة في الوجود ، ومهما أن الطبيعة سبقته رجــح أن لابــد أن شيئا آخر وجد قبل الطبيعة ، فركز في فكره بظنه كل قوة هي فوق الأخرى أو أقوَى منـها ، فكانت الشمس عند الشعوب القديمة هي أعظم شيء لأن الطبيعة تموت دونها ، وانقســمــت الشعوب في آرائها وأفكارها وكلا وترتيبها للأشياء في طبيعتها . فكان الناس في جهلهم سواء ، وجاء الأنبياء...